كتّاب الأنباط

كهرباء نظيفة للبيع

{clean_title}
الأنباط -

كهرباء نظيفة للبيع

د. أيّوب أبو ديّة

       كان واضحاً منذ سنوات أننا نسير في اتجاه إنتاج للكهرباء يفوق حاجتنا بكثير ولم نكن نفهم لماذا تورطنا في فكرة مشاريع نووية لإنتاج الكهرباء بكميات هائلة كان الحديث عندذاك عن مضاعفة كمية الكهرباء عام 2020 – 2022 بخمسة مفاعلات كبيرة على الأقل لتنتج بقدرة 5000 ميجا واط اي لتضاعف القدرة الإنتاجية . كذلك فان اتفاقية الغاز مع الكيان الصهيوني ما زالت بنودها سرية وتهدد بعقوبات في حالة الإفشاء بها والتي جعلت من إسرائيل قوة اقتصادية مستقلة ومسيطرة بدعم أردني مصري مميز عبر اتفاقيات شراء مسبقة لمدة خمسة عشر عاماً.

يعنى هذا المقال بالتساؤل ما هي مشكلات إنتاج كمية كبيرة من الكهرباء على الأصعدة الفنية والاقتصادية والبيئية.

       فنيا؛ نحن بحاجة لتطوير شبكتنا الكهربائية التي أنفقنا مئات الملايين عليها عبر منح وقروض لاستيعاب الطاقة المتجددة التي لن تتجاوز 20% من القدرة الإنتاجية للكهرباء،  فكم هي تكلفة تحديث الشبكة لتحقيق هذا التوجه الخطير الذي يسعى الى تحديث الشبكة لتصدير الكهرباء؟ ومن سوف يقوم بتمويلها؟ أم أنها مجرد قروض على قروض؟

     وهل درسنا فنياً مخاطر شبكات بهذا التنوع على تحمل إنتاج طاقة بقدرة كبيرة مرة واحدة؟ وهناك تجارب من دول العالم كثيرة تظهر احتمالية حدوث انقطاعات فجائية للكهرباء Blackouts. وهل سيكون هناك استقرار في الشبكة إذا ربطنا مع الشبكة الخليجية مثلاً أو الشبكة الإسرائيلية، وهما أكبر بكثير من قدرة شبكتنا؟ أسئلة لا يمكن الإجابة عنها الا بعد سنوات من الدراسة.

       أما تكلفة إنتاج الكميات الكبيرة فهي عالية من الغاز كمصدر للوقود نتيجة انخفاض الأسعار للوقود التقليدي في السنوات الأخيرة ويتوقع أن يستمر الانخفاض في ضوء الإنتاج الهائل في العالم وبخاصة من الزيت الصخري في الولايات المتحدة التي باتت تسد حاجتها من الطاقة وتصدر إلى العالم، بما في ذلك أوروبا. كذلك هناك توجه عالمي لتوفير الطاقة وتحسين الأداء الحراري وما الى ذلك.. لذلك فان اتفاقات طويلة الامد للغاز قد تكون ايجابية او سلبية.

       أما الطاقة النووية فقد باتت بعد كارثة فوكوشيما تنتج الكهرباء بأسعار خيالية لا يمكن أن يفكر فيها أحد إلا دول كالصين التي تحتاج إلى الطاقة بأي ثمن والتي لا تكترث لصحة مواطنيها او حياتهم ولديها المياه الكافية وراس المال اللامحدود، او تلك الدول التي تحتاج الصناعة النووية لأغراض عسكرية ولبيع التكنولوجيا للدول الفقيرة المقهورة كدولنا.

      أما بيئياً، فإن قلق دول العالم معروفة اليوم فيما يتعلق بأثر تصدير الكهرباء على البيئة. فكم ستكون فرحة إسرائيل عظيمة إذا أنتجنا الكهرباء عندنا بحرق الغاز الذي نشتريه منهم وتلويث البيئة في بلادنا من ماء وهواء وتربة وطبيعة حيّة وبيئة مبنية بينما هم يأخذون كهرباء نظيفة حسب حاجتهم. اتفاقيتنا معهم للغاز الفلسطيني المنهوب ياتي تحت شعار "ادفع ثمن الغاز سواء أخذته أم تركته" بينما هم يستهلكون حاجتهم متى استدعى الأمر. أما الكهرباء النووية فهي أسوأ لأن مخاطر التلوث الإشعاعي ستكون على أرضنا وفي مياهنا وهوائنا لامد بعيد لن تسلم منه الاجيال القادمة. وإذا حدثت كارثة فالمخاطر عندنا سوف تستمر إلى ما شاء الله بينما هم ينعمون بالكهرباء النظيفة في الكيان المغتصب او في اوروبا وعند الحاجة.//

تابعو الأنباط على google news
 
جميع الحقوق محفوظة لصحيفة الأنباط © 2010 - 2021
لا مانع من الاقتباس وإعادة النشر شريطة ذكر المصدر ( الأنباط )