الأنباط - عمان
واجه نصف الطلبة في التعليم العالي من اللاجئين السوريين صعوبات في تغطية نفقات الدراسة (الرسوم والمصاريف الأخرى)، فيما اضطر 8 بالمئة منهم الى تأجيل الدراسة في حين لم يتجاوز 5 بالمئة للآن الصعوبات المتعلقة بتغطية نفقات الدراسة.
جاء ذلك في دراسة أطلقها مركز الدراسات الاستراتيجية في مؤتمر صحفي،أمس الثلاثاء، وحملت عنوان "التحدي التعليمي: تحديد العوائق واغتنام الفرص في التعليم العالي للاجئين السوريين في الأردن".
ووفق نتائج الدراسة، فان اغلب الطلبة قاموا بتغطية هذه الصعوبات عن طريق القروض والشيكات المؤجلة وعن طريق دعم الاهل والأصدقاء والاقارب، او عن طريق العمل او زيادة ساعات العمل . واشارت الدراسة الى " ان الغالبية العظمى من الطلبة (75 بالمئة) يغطون نفقات دراساتهم عن طريق عائلاتهم او شخصياً عن طريق العمل، فيما غطت جهات مختلفة (منظمات دولية، جهات مانحة، منظمات أوروبية، اشخاص آخرين) نفقات 25 بالمئة من الطلبة.
ولخصت نتائج الدراسة الصعوبات التي واجهها الطلبة عند تقديم طلبات الالتحاق في الجامعة في: معادلة شهاداتهم المدرسية، واحضار الأوراق الثبوتية المطلوبة من سورية، بالإضافة الى إجراءات روتينية اخرى.
ولفتت الدراسة الى ان غالبية الطلبة أكدوا ان نفقات الدراسة الجامعية باهظة جداً عند مقارنتها بالتعليم المجاني في الجامعات السورية. بالإضافة الى ان الوضع المادي والمعيشي للطلبة في الأردن مترد ما يشكل عائقا إضافيا عليهم وعلى اسرهم.
وبينت نتائج الدراسة ان التخصصات التي يدرسها غالبية الطلبة تتطلب معرفة غير العربية وتشكل لدى 42 بالمئة منهم عائقا في بعض او كثير من الأحيان. ويشكل تحدي اختلاف المنهاج واللغة مقارنة بالجامعات السورية اهم التحديات الاكاديمية التي يواجهها الطلبة السوريون. ما دفع العديد منهم الى الالتحاق في دورات لغة انجليزية وبشكل مستمر من اجل تجاوز هذه التحديات.
ولفتت الى ان موضوع التدريب على المهارات الحياتية والتواصل مع الاخرين داخل الجامعة وخارجها لم يكن موضوع اهتمام غالبية الطلبة، حيث شارك في مثل هذه الورش (24 بالمئة) منهم فقط. في المقابل، يواجه الطلبة تحديات القبول في برامج التدريب العملي والتي تعتبر الآن من متطلبات التخرج في الكليات العلمية، حيث أظهرت النتائج ان هنالك صعوبة في قبول هؤلاء الطلبة خاصة في التخصصات الطبية.
انخراط الطلبة السوريين واندماجهم مع المجتمع الطلابي كان من اهم المحاور التي ركزت عليها الدراسة، وأظهرت النتائج ان تفاعل الطلبة السوريين مع الطلبة الأردنيين هو أعلى من تفاعل الطلبة السوريين مع اقرانهم السوريين. ولكن لا يخلو الامر من شعور الطلبة السوريين بأن الطلبة الأردنيين ينظرون إليهم بنظرة مختلفة أحيانا كما أفاد ربع الطلبة.
بدوره، أكد رئيس الجامعة الاردنية الدكتور عبد الكريم القضاة أن ما يميز الدراسة أن الفئة المستهدفة فيها لم تأت من بلادها طوعا للدراسة في الأردن أو الدول المجاورة، وإنما الظروف السياسية والأوضاع الاقتصادية المتردية دفعتهم لمغادرة بلادهم مع حرصهم على إكمال دراساتهم.
وفي السياق قال مدير مركز الدراسات الاستراتيجية الدكتور موسى شتيوي إن الدراسة جاءت مبادرة من المركز ضمن خطته للاستجابة لازمة اللاجئين السوريين، التي يشكل التعليم جزءا أساسيا منها.
وأضاف أن الحكومة الأردنية والمؤسسات الدولية حرصت على توفير فرص التعليم للطلبة السوريين في كافة المراحل الدراسية، فهناك ما يقارب 16.000 الفا من الطلبة السوريين الملتحقين في الجامعات الأردنية بكافة التخصصات منهم ما يقارب الثلثين (10.655) مسجلين في الجامعات الخاصة والباقي في الجامعات الرسمية – بحسب بيانات صادرة من وزارة التعليم العالي.
وبين شتيوي إلى أن هدف الدراسة استكشاف القضايا الرئيسية التي يواجهها الطلبة السوريون في الوصول إلى التعليم العالي في الأردن، وتسليط الضوء على القضايا والعقبات والمشكلات التي تواجههم في أدائهم وتحصليهم العلمي، ومعرفة مدى تكيف الطلبة في بيئتهم واندماجهم الاجتماعي في الجامعات الدارسين فيها.
وتشير نتائج الدراسة الى لجوء الطلبة الى حل مشاكلهم المرتبطة بطلبة آخرين بشكل شخصي، ومن ثم الى إدارة الجامعة إذا لم تنفع الجهود الشخصية. ولكن يلجأ الطلبة الى إدارة الجامعة مباشرة إذا واجهتهم مشكلة متعلقة بمعاملة أحد المدرسين لهم او معاملة أحد الموظفين الإداريين. وبالتالي فان غياب الاليات الخاصة باستقبال الشكاوى المتعلقة بالطلبة ومتابعتها وتقديم التوجيه اللازم، يضطر الطلبة الى اللجوء الى الأصدقاء او إدارة الجامعة وهو ما يشكل عبئا اضافيا على الإدارة.
وأكدت ان مستقبل الطلبة السوريين في الأردن مرهون بعدة عوامل تدفعهم الى التفكير فيه من عدة زوايا، أهمها: اكمال الدراسة العليا في الأردن، او البحث عن وظيفة في الأردن، او اكمال الدراسة العليا خارج الأردن، او العمل في دولة عربية أخرى، او العودة الى سورية والعمل فيها.
وتعتبر الدول الأوروبية الوجهة الأولى للطلبة السوريين للهجرة في حال اتيحت لهم الفرصة ، ومن ثم العيش او الهجرة الى دول عربية غير الأردن، فيما لم يفكر 38 بالمئة من الطلبة السوريين المشمولين بالدراسة في الهجرة او العيش خارج الأردن.
وقالت الدراسة :" تطلعات غالبية الطلبة السوريين للمستقبل شابها الإحباط، فهم يرون ان إيجاد فرص العمل امر صعب جداً في ظل الظروف الاقتصادية الصعبة التي يمر بها الأردن. ما دفعهم الى توجيه أنظارهم للسفر الى خارج الأردن" .