الأنباط -
زريقات: ضرورة الانتقال من التلقين إلى اكساب المهارات والتفكير الإبداعي
درويش: التركيز على تطوير الجوانب العملية بدلاً من الجانب النظري
الأنباط – شذى حتاملة
وسط تسارع في التحولات الرقمية والتطورات التكنولوجية، تبرز تساؤلات حول مدى تماشي المناهجِ التعليمية مع احتياجات سوق العمل، ما يفرض تحديات كبيرة على المؤسسات التعليمية لتلبية حاجة السوق من الوظائف الجديد المتوافقة والتغيرات العالمية.
إعداد خريجين قادرين على المنافسة في سوق العمل، أبرز التحديات، وبالتالي فإن المناهج التقليدية التي تركز وتعتمد على التلقين أصبحت غير كافية لتأهيل الجيل الجديد لسوق العمل.
فاليوم أصحابُ العمل والمؤسسات يشترطون أن يمتلك الطالب مهارات عالية والقدرة على التكيف مع التكنولوجيا الحديثة، كالذكاء الاصطناعي مثلاً، لذا تزداد الحاجة لتحديث المناهج التعليمية لتكون أكثر مرونة وارتباطًا مع الواقع العملي.
المستشارة التربوية ومديرة إدارة التعليم الخاص سابقًا الدكتورة ريما زريقات تؤكد أن هناك نقلة نوعية حدثت في المقررات الدراسية ومواضيع الخطوط العريضة في المنهاج وكذلك في المحاور المختلفة، حيث أصبحت المناهج تراعي الفروق الفردية.
ولفتت زريقات إلى أن طرح المحتوى التعليمي في المناهج يحتاج إلى الانتقال من التلقين إلى اكساب الطالب مهارات الاستقصاء والتفكير الناقد والتفكير الإبداعي وتحول دور المعلم من مُلقن إلى مُوجه ومرشد وناصح.
وأكدت ضرورة اكتساب الطالب مهارات العصر الحديث من خلال الأنشطة المطروحة والمطلوبة، مشددة على ضرورةِ مراعاة المناهج للمراحل النمائية وخصائصها المتعددة في الطرح والأنشطة والتقويم، كذلك تحتاج المناهج إلى تنمية مهارات استخدام وتوظيف الطالب للبرمجيات الإلكترونية في تنفيذ المحتوى وخاصة الرياضيات، وكذلك مهارة ربط المعرفة الحديثة بالحياة وتوظيف المعرفة في الحياة اليومية والعملية.
وأشارت زريقات إلى الوسائل والاستراتيجيات لضمان توافق المناهج الحالية مع احتياجات سوق العمل ومواكبة التغير العالمي ومنها استراتيجيات التدريس المختلفة واستراتيجيات التقويم وأدواته، وإعداد المشاريع المختلفة في التدريس، وإعداد الرحلات العلمية الميدانية، والزيارات المرتبطة بالمحتوى الدراسي، إضافة إلى تحديد حصص عملية على البرنامج الدراسي لجميع المباحث وجميع الصفوف تغطي توظيف المعرفة في المناهج وتوجيهها لسوق العمل واحتياجاته ،مشيرة إلى أهمية توظيفِ البحث العلمي في محتوى المناهج، وعقد المسابقات العملية والتي ترتبط بالمنهاج، وعقد ورش عملية للمحتوى الدراسي.
وتابعت أن هناك وسائل وأساليب أخرى تتمحور باستضافة المعنيين في سوق العمل كضيف زائر للغرفة الصفية، وتدريب المعلمين من ذوي الخبرات من المشرفين التربويين، مؤكدة على أهمية متابعة تدريب المعلمين وتقييم انتقال أثر التدريب للغرفة الصفية، وربط مخرجات التدريب وأثر التدريب بالرتب والحوافز والترقية، إضافة إلى تعديل بنود الرتب والحوافز والترشيح للجوائز والترفيعات.
وقالت "يجب أن تنسى المؤسسات التعليمية التعليم التقليدي والتلقين والتفعيل التام لاستراتيجيات التدريس والتقويم الحديثة والمعتمدة على التعلم النشط والمُرتبط بالطالب، ويجب تأهيل الطلبة وإكسابهم مهارات تحليل البيانات وتطوير البرمجيات وحل المشكلات وإدارة الأنظمة القائمة على الذكاء الاصطناعي".
وأشارت إلى أهمية تفعيل التقنيات الحديثة، وتدريب المعلمين عليها وتطوير مهارات التواصل والتفاعل مع الطلبة والمعنيين من خلال المنصات الرقمية، كما أن على المؤسسات التعليمية تعزيز مهارات التفكير الناقد والابتكار والإبداع والعمل الجماعي، إضافة إلى أن تكونَ المناهج مرنة وتجعل الطالب قادرًا على التكيف مع أي بيئة جديدة ولا بدَّ من تفعيل الذكاء الاصطناعي في جميع المباحث لجميع الصفوف، وتفعيل البرامج الذكية في التعلم.
من جهته، أكد الخبير التربوي الأستاذ محمود درويش أن الحكم على مدى توافق المناهج الحالية مع احتياجات سوق العمل يختلف حسب نوع التعليم "الأكاديمي" و"البيتك"، فالنظام البيتك يعزز من فرص الطلاب في اكتساب المهارات العملية، حيث يوفر التعليم البيتك حوالي آلاف الساعات التدريبية خلال المرحلة الثانوية (الصفوف العاشر والحادي عشر والثاني عشر)، مما يجعل الطالب مؤهلاً لدخول سوق العمل حتى وإن لم يستكمل دراسته الجامعية، مشيرًا إلى أن هذا النوع من التعليم يسهم بشكل فعال في إعداد الطالب بمهارات كافية، مقارنة بالتعليم المدرسي والجامعي التقليدي الذي غالبًا ما يفتقر إلى هذا الجانب.
وأضاف درويش أن الطالب قد يكتسب مهارات إضافية عبر حضور دورات تدريبية، خاصة في المجالات الحديثة مثل الذكاء الاصطناعي والأمن السيبراني والمهارات الرقمية، داعيًا المؤسسات التعليمية، سواء المدارس أو الجامعات، إلى التركيز على تطوير الجوانب العملية بدلاً من التركيز المفرط على الجانب النظري، إضافة إلى أهمية الاستفادة من تجارب المدارس في أوروبا وأمريكا ونقل هذه التجارب إلى السوق المحلي لتطوير العملية التعليمة.