د. عصام الغزاوي
عبثاً ننتظر إستقالة أي وزير او مسؤول وتحمل المسؤولية الاخلاقية لكارثة البحر الميت، لم تُسجل في تاريخ الحكومات الاردنية سوى حالات نادرة إستقال فيها الوزير من تلقاء نفسه وبمحض إرادته ... قاسم محمد الهنداوي اول وزير قدم استقالته من حكومة ابراهيم هاشم عام 1934 بعد مرور عشرة أشهر على تشكيلها، لتوصله إلى القناعة بعدم جدوى بقائه وزيراً في حكومة ينشغل بعض وزرائها بتحقيق مصالحهم الشخصية على حساب مصالح الوطن والمواطن (فاسدين).
وذلك كما جاء في كتاب استقالته : "فخامة رئيس المجلس التنفيذي ( مجلس الوزراء )، لما كانت الخطة التي سارت عليها حكومتكم منذ الأسبوع الثاني لتشكيلها تسير مع الأهواء الخاصة، وتبتعد عن مصلحةِ البلاد الحقيقية كل البعد، فإنني أرى الواجبَ يدعوني أن لا أزيدَ في نكبةِ الأمة بالسير معكم، ولهذا أقدم استقالتي من الحكومة". في سابقة لم تكن مألوفة في الحياة السياسية الأردنية في ذلك الوقت، اعتذر حمد الفرحان عن قبول منصب وزير الاقتصاد الوطني في حكومة سعيد المفتي الثالثة عام 1955، بعد أن نشر اسمه ضمن التشكيلة الرسمية للحكومة، وقدم استقالته بعد تعينه بيوم واحد، واكتفى بوظيفته وكيلاً للوزارة ذاتها.
الوزير اسحق الفرحان اصر على تقديم إستقالته في عام 1973 حتى لا يشارك في مؤتمر دولي للقضية الفلسطينية مع إسرائيليين، رغم محاولة رئيس الوزراء زيد الرفاعي إقناعه بأن الإجتماع شكلي ولمرة واحدة، الا انه رفض المشاركة واصر على تقديم استقالته مهدد ان لم يتم قبولها بالبقاء في بيته، وقدم وزير العدل سليم الزعبي استقالته إلى رئيس الحكومة عون الخصاونة احتجاجا على طريقته في إدارة ملف الحوار مع التيارات السياسية حول قانون الانتخابات النيابيّة.
اما الوزير محمد الحموري فقد قدم استقالته من حكومة طاهر المصري بسبب مشاركة الأردن في مؤتمر مدريد عام 1991 في ظل وجود الكيان الصهيوني، وقدم الوزير حسين مجلي استقالته من حكومة معروف البخيت مستهلاً كتاب استقالته ببيت شعر معبر عن الحال الذي نحن فيه يقول: "وأتعس من في الأرض امة تضام ومنها للذي ضامها جند .. لقد شاركت في هذه الحكومة تقديرا مني أن هذه الحكومة حكومة تغيير وليست مجرد حكومة تبديل".
واستقال الدكتور ياسين الحسبان من وزارة معروف البخيت ايضاً لشعوره بالعقبات التي باتت توضع امامه وامام طموحاته ونهجه في وزارة الصحة، وكان طاهر العدوان الوزير الثالث الذي يستقيل من حكومة معروف البخيت احتجاجا على تقديم الحكومة ثلاثة قوانين ضد حرية التعبير وتقييد حرية وإستقلالية الإعلام ما سيجعله يقف عاجزاً عن الدفاع عنها في مجلس الامة، وإستقال الدكتور طراد سعود القاضي إثر أزمة مع رئيس الوزراء زيد الرفاعي بسبب مواقفه السياسية الحادة واتهامه لعدد من وزراء الحكومة بتجاوزات مالية وإدارية، وأخيراً إستقال الدكتور عبد الرحيم ملحس عام 1994 بعد ان فجر أزمة سياسية عندما كان وزيرًا للصحة، إذ أعلن أن المواطن العربي يستهلك نفايات العالم !!