يبدو أن رئيس مجلس الأمة الكويتي مرزوق الغانم سيتحول إلى لعنة تطارد الإسرائيليين وبخاصة في محفل الاتحاد البرلماني الدولي، فقبل أيام لم تحتمل الغطرسة «المعشعشة» في عقول أعضاء الوفد الإسرائيلي تلك الكلمة الجريئة التي ألقاها مرزوق الغانم باسم الوفد الكويتي، فالإسرائيليون اعتادوا ومنذ أكثر من عقدين على سماع كلام هامشي اقرب للاستجداء بشأن النزاع الفلسطيني – الإسرائيلي والذي تغلب عليه الدعوة للحلول السلمية والدعوة لتنفيذ المبادرة العربية للسلام وتطبيق القرارات الدولية. وقبل عام تقريبا قام الغانم بطرد الوفد الإسرائيلي من قاعة المؤتمر بجرأة منقطعة النظير تعكس تماما إيمان الكويت دولة وشعبا بالقضية الفلسطينية وبعدالتها، كما تعكس مدى الارتباط التاريخي والحيوي بين القضية الفلسطينية والكويت وهو امر تطرقت له بالتفصيل في كتابي ( الكويت والفجر الفلسطيني ) الذي أرخ لطبيعة العلاقة المتشعبة الأبعاد بين الشعبين سواء على المستوى النضالي أو السياسي أو الاقتصادي أو الثقافي. الذي تابع إلقاء كلمة مرزوق الغانم أو الفيديو الذي وثقها سيجد انه وبمجرد أن تسلم الميكرفون تهامس أعضاء الوفد الإسرائيلي وبوجل وبخوف مترقبين ومتوقعين سماع كلام لا يغضبهم فقط،بل يهينهم وينزع عنهم الوجه المزيف الذي طالما حاولوا من خلاله إظهار»حضاريتهم»،و»إنسانيتهم»، ويحيلهم إلى متهمين بتهم تبدأ من العنصرية والتطهير العرقي ولا تنتهي عند الإبادة الجماعية التي قامت بها عصابات»شتيرن»و»الهاغانا» في دير ياسين وكفر قاسم وغيرها من المجازر التي ارتكبت بحق الفلسطينيين العزل في بعض المدن والقرى. بموضوعية شديدة، لقد شكلت جرأة وجسارة مرزوق المطوع في تعرية الوفود الإسرائيلية في المحافل الدولية نمطا نضاليا جديدا، ساهم في إعادة الاعتبار لفلسطين ولقضيتها بعد أن ابتدأ ما يمكن تسميته بعصر الظلام والتعتيم عليها بعد وفاة الزعيم الفلسطيني الراحل ياسر عرفات، وعمل على فضح التجبر الصهيوني أمام ممثلي شعوب البشر وليس الحكومات والتي تدير أمورها بحسابات سياسية»منزوعة الأخلاق»،أو»عديمة المبادئ»، وعلى أرضية المصالح والمنافع المتبادلة، وبسبب ذلك تعرضت الكويت وبحكم عجز البعض أو حسده وغيه إلى حملة إعلامية _ سياسية قاسية ومن بعض ذوى القربى، كان الهدف منها التقليل من شأن وقيمة مواقفها تجاه فلسطين والذهاب وبافتراء واضح نحو إشاعة أن مواقفها هي مجرد»استعراض» لا أكثر ولا اقل، غير أن التاريخ الإنساني لدولة الكويت والذي حاز بموجبه سمو أميردولة الكويت الشيخ صباح الاحمد الجابرالصباح على لقب»قائد انساني» في ايلول من عام 2014 لهو اكبر دليل على انها دولة منحازة للقضايا الانسانية ومن اهمها القضية الفلسطينية. بعد سبعين عاما من بدء المشروع الصهيوني في اغتيال الشعب الفلسطيني واقامة دولة»اسرائيل»، اكتشفت المؤسسات الصهيونية ومعها بريطانيا»العظمى»، أنها أغفلت السيطرة على دولة في رأس الخليج العربي لم تكن تعيرها أي نوع من الاهتمام إلا من زاوية انه بلد منتج للنفط، هذا البلد هو الكويت والذي مازال يحتفظ بهويته العروبية رغم محنة الاحتلال «العراقي» وما خلفته هذه المحنة من تشويه خطير لفكرة الاخوة والقومية لدى الاغلبية من الكويتيين، ومع ذلك مازال الشعب الكويتي يرفض ويقاوم كل الضغوط الاميركية وغيرها للتطبيع مع اسرائيل وهو امر يدلل على ان القومية العربية في الكويت هي بنية صلبة ومؤسسة على نهج عميق وليست حالة طارئة او زائفة مثلما يحاول البعض تصوير ذلك. Rajatalab5@gmail.com