أحسنَ دولة الرئيس عمر الرزاز في الانصات لجمع شباب أردني وطني غيور على بلده، وبجهود طيبة من وزير الثقافة والشباب، ولدى الدكتور الرزاز خلفية بحثيىة كافية في المسألة؛ فهو أحد أعضاء الفريق الاستشاري لتقرير التنمية الانسانية العربية لعام 2016 والذي ناقش الشباب وآفاق التغيير والتنمية.
وفي هذا التقرير (ص ،22) إيضاح كامل لمخاطر القلق الشباب العربي ومنهم الأردني، وفيه يرى 81 ٪ منهم أن أبرز التحديات تكمن في الوضع الاقتصادي فقراً وبطالة، و14 ٪ يرونها في الفساد المالي ونحو 1 ٪ في الاستقرار والتحول الديمقراطي، ومعنى هذا أنّ اكثر ما يضغط على الشباب اليوم في بلدنا هو الفقر والبطالة، وهما لعنة الراهن وأزمة الحكومات العابرة منذ عقود.
يكشف التقرير المشار إليه بأنّ غالبية قيم الشباب الأردني والعربي هي قيم محافظة، وثلاث أرباع الشباب يرون أن التراث مهم في حياتهم، في مجتمع عربي يتسمّ بحالة حضرية عالية التكوين، وتشير مسوحات القيم إلى وجود مناصرة عالية للإسلام السياسي كلما تقدم العمر وزاد الفقر، وهبط التعليم . وتلك مأساة كبيرة، لعل الرئيس الرزاز الوزير الشباب الصديق محمد ابو رمان يدركانها بشكل جليّ.
الرزاز محاور رفيع الخلق، ولعله أدرك حين استمع للشباب حقيقة الوجع والقلق، وهو يعرف بواطن القلق ومسبباته، في شريحة شبابية أردنية تعيش في منطقة حضرية بنسبة تقارب الـ81 ٪، وفي هذه المناطق الحضرية هناك ما نسبته 28 ٪ منها مناطق فقيرة أو عشوائيات.
الأرقام حول الواقع الشباب مرعبة، فشباب المناطق الفقيرة عربياً وأردنياً يتعرضون لاقصاء اجتماعي، وهنا يدرك الجميع كنه تراجع الهمّ الديمقراطي عند الشباب وسبب ضآلة التاييد له، فمن ينادي بتحول ديقمراطي منهم ودولة مدنية هم قلة أمام السواد الأعظم منهم أردنيا والذين يغلبون همّ الفقر والبطالة على كل الهموم والآمال.
يدرك رئيس الحكومة أن الشباب الذي غضب على حكومته سلفه، كان سببا في حمله لموقع الرئاسة اليوم، يومها كانت الآمال كبيرة وما زالت، ولا يريد الشباب في الأطراف والمدن والمخيمات غير إنصافهم. وهذا يؤكد ضرورة مراجعة ليس استرتيجية الموارد البشرية كمرجعية وحيدة، بل مراجعة هياكل فرص التعليم والتشغيل والتدريب وكافة اشكال التمكين لاجل العيش الكريم.
إن معضلة شبابنا في تعليم لا يُحدث لهم تقدم في الحياة، وفي تراجع مستواه وعدم القدرة على تلبية متطلبات المعرفة المكلفة، فأي مستوى تعليمي اليوم يتلقاه الطلاب؟ إنه تعليم متردٍ للأسف، وهو تعليم ابوي مستبد، والحوار حوله في الأردن استنزف كل المؤتمرات والورش والندوات، وبات الحديث اليوم يملأ المدرجات حول الشباب التطرف، نعم الحديث عن التطرف بضاعة الراهن، لكن لا أحد يفسر أسبابه، إنها ندرة العيش الكريم يا سادة وندرة العمل وتغلغل الفقر بين شبابنا وتخلف بنية التعليم ومناهجه!
الدستور