بدأت فكرة إقامة تنظيم عربي واحد يجمع تحت لوائه الدول العربية كافة خلال الحرب العالمية الثانية، ولذا تأسست جامعة الدول العربية في عام 1945. تهدف الجامعة إلى إقامة علاقات وثيقة بين أعضائها، وتعزيز التعاون فيما بينهم.
في 22 مارس/آذار 1945 بدأت الجامعة بـ6 دول عربية مؤسِسة هي: مصر، والعراق، والأردن، ولبنان، وسوريا، والمملكة العربية السعودية، بينما انضم شمال اليمن في 5 مايو/أيار 1945 كدولة مؤسسة أيضاً، وجنوب اليمن في عام 1967، وبعد توحيد القطبين أصبحا عضواً واحداً في الجامعة العربية تحت اسم الجمهورية اليمنية في 22 مايو/أيار 1990.
توالى انضمام باقي الدول العربية الـ22، وكانت آخرها جزر القمر في عام 1993.
نصت المادة الأولى في ميثاق الجامعة العربية على حق كل دولة مستقلة فيالانضمام إلى الجامعة إذا كانت عربية مُستقلة، ويقرر مجلس الجامعة عروبة الدولة وفقاً لتقديره؛ لأن الميثاق لم يضع تعريفاً للعروبة.
ووصف بعض فقهاء القانون الدولي العربي العروبة بأنها حقيقة الشعور الثابت لدى الشعب، فإن كان الشعب يرى أنه أحد أجزاء الأمة العربية، تكون الدولة عربية، ولا يشترط في هذه الحالة أن تتحدث الدولة باللغة العربية
ويرى آخرون أن أمر العروبة يقرره مجلس الجامعة العربية، وقد يستند إلى تحدث الشعب باللغة العربية، أو وقوع الدولة في الإطار الإقليمي للوطن العربي.
هناك دولتان في جامعة الدول العربية لا تتحدث شعوبهما اللغة العربية، إحداهما جمهورية جيبوتي التي انضمت في 4 من سبتمبر/أيلول 1977، وفي ذكرى انضمامها، نتعرف على هاتين الدولتين وكيفية انضمامهما.
هناك كما ذُكر أن دولتين لا تتحدث شعوبهما اللغة العربية، من ضمن أعضاء جامعة الدول العربية، إحداهما جمهورية الصومال التي انضمت في 14 فبراير/شباط 1974، والأخرى جمهورية جيبوتي التي انضمت في 4 من سبتمبر/أيلول 1977، وبسبب لغتهما غير العربية، أثار انضمام الدولتين إلى جامعة الدول العربية جدلاً واسعاً، ولكن قبِل مجلس الجامعة عضويتهما؛ نظراً لأن أصل الشعبين من العرب.
في ظل رئاسة الرئيس الصومالي الراحل محمد سياد بري، أعلن الصومال مطالبته بدور الريادة في حركات التحرر في أفريقيا والشرق الأوسط وأماكن أخرى في العالم النامي. كذلك، بدأ الصومال البحث عن تحالفات جديدة للتعاون الاقتصادي والسياسي، وانضم بالفعل إلى جامعة الدول العربية في عام 1974.
أما بالنسبة للدول الأعضاء في الجامعة العربية، فرأوا أن انضمام الصومال يزيد من تحالفات الجامعة في إفريقيا، كما رأوا أن الصومال يمكنه تحمّل دور المُعبر عن الشكاوى السياسية المختلفة للعرب في المنظمات الدولية؛ نظراً لسياسته الخارجية الهوجاء الطائشة التي مثّلها نظام الرئيس بري.
خلال حرب أوغادين (اندلعت في يوليو/تموز 1977) التي دارت بين الصومال وإثيوبيا بسبب النزاع على إقليم أوغادين، دعمت القوات السوفييتية الجانب الإثيوبي، وأدى هذا إلى تقديم الدول العربية للمزيد من المساعدات للجانب الصومالي خلال ثمانينيات القرن الماضي، وتزايد اعتماد الصومال على مساعدات الدول العربية؛ لم يكن دور جامعة الدول العربية تجاه الصومال ذا شأن ككيان، فلم تفعل سوى القليل جداً من أجل حماية استقلال البلاد وسيادتها.
كانت هناك مواقف فردية للدول العربية؛ إذ تلقت الصومال مساعدات اقتصادية مندول الخليج الغنية بالنفط ومنها دولة الكويت.
كان لهذا دور واضح في دعم الرئيس الصومالي السابق محمد سياد بري لموقف الدول العربية التي دعمت موقف الولايات المتحدة الأميركية ضد العراق بعد غزوها الكويت عام 1990.
لم يمر هذا الدعم مرور الكرام، فقد استفادت الصومال اقتصادياً بعدما عرضت المملكة العربية السعودية منحة قيمتها 70 مليون دولار على الصومال، كما ألغت قطر رد جميع القروض المستحقة.
إذا نظرنا إلى الناحية التجارية والفوائد الاقتصادية، نجد أنه لا فوائد تجارية حقيقية حققها الصومال كعضو في جامعة الدول العربية.
لم يكن انضمام الصومال للجامعة العربية مبرراً يحول دون عمليات الترحيل التي تجري بحق الصوماليين دون منحهم أي فرصة لتقديم طلبات اللجوء كذلك. كذلك لم يكن انضمامها للجامعة شفيعاً لمواطنيها ليحميهم من التعرض للأذى والعنف أثناء عمليات الترحيل.
كما تعرض المغتربون الصوماليون الذين يعيشون في المملكة العربية السعودية للحرمان من حقوقهم الأساسية وفقاً لقوانين العمل الدولية، وكانوا يُرحّلون دون أسباب واضحة
لم يجد الصوماليون لهم سبيلاً داخل الدول العربية كلاجئين خلال ذروة الحرب الأهلية التي شهدها الصومال في التسعينيات من القرن الماضي. فمن كان يتمكن منهم من الوصول إلى المملكة العربية السعودية لا يجد أمامه سوى السجن والترحيل.
وعلى الرغم من قبول الولايات المتحدة الأميركية وأوروبا وكندا وأستراليا إعادة توطين عشرات الصوماليين، لم تفتح أي دولة عربية -باستثناء السودان- أبوابها للصوماليين خلال تلك الفترة؛ بالنسبة لدور الصومال للتعبير عن الشكاوى العربية داخل المنظمات الدولية، فقد كان الصومال يظن أنه يوصل نبض الجماهير مما جعله يقدم بعض القرارات المثيرة للجدل، وبعض التصريحات السياسية المليئة بالأخطاء داخل الجمعية العامة للأمم المتحدة في السبعينات والثمانينات.
انضمت جيبوتي لجامعة الدول العربية بعد استقلالها عن فرنسا بشهرين تقريباً، ربما لأن تلك العضوية تسمح للمملكة العربية السعودية بزيادة الدعم المالي والدبلوماسي للبلاد.
كما تعتبر جيبوتي نفسها أنها بوابة القارة الإفريقية، وجسر التواصل بين شبه الجزيرة العربية وإفريقيا، كما تربطها روابط ثقافية مشتركة مع الدول العربية، بالإضافة إلى رابط الدين الإسلامي.
ترى جيبوتي أن ارتباطها بالعالم العربي كان له انعكاسات إيجابية في عدد من المجالات، كالتبادل التجاري مع دول الخليج، وتفعيل الشراكة الاقتصادية مع الدول العربية، وكذلك جذب مستثمرين من دول الخليج لتنفيذ مشروعات عملاقة تجلب عائدات مالية، وتوفر العديد من الوظائف، وتحاول جيبوتي لعب دور في السياسات الإقليمية المتوترة، ولذا استضافت محادثات الصلح الصومالية برعاية الأمم المتحدة في عامي 2008 و2009، مما أسفر عن إنشاء حكومة اتحادية انتقالية لمقديشو في 2009.
أوضح وزير دفاع دولة جيبوتي أن دولته عملت على محاربة الإرهاب منذ عام 2001، وفتحت موانيها لاستقبال القوات الدولية العاملة على مكافحة الإرهاب، وأضاف أن جيبوتي يوجد بها قاعدة عسكرية أميركية تتسع لحوالي 4 آلاف جندي. تضم جيبوتي قواعد عسكرية أيضاً لكل من فرنسا، واليابان، والصين، والسعودية.
وخلال السنوات القليلة الماضية زاد التعاون ما بين جيبوتي والمملكة العربية السعودية؛ ففي أبريل/نيسان 2016، وقعت المملكة العربية السعودية وجمهورية جيبوتي اتفاقية تعاون أمني بين الحكومتين، وفي أبريل/نيسان 2017، وقعت الرياض وجيبوتي اتفاقية عسكرية بهدف مراقبة التدخل العسكري في المنطقة، ومنع تهريب الأسلحة من إيران إلى اليمن. هذا وقد انضمت جيبوتي للتحالفالإسلامي العسكري لمحاربة الإرهاب -تأسس في أواخر عام 2015- استجابةً لدعوة من المملكة العربية السعودية.
وفي ديسمبر/كانون الأول 2017، وقّعت الدولتان اتفاقية تعاون في مجالات الصناعة والطاقة والثروة المعدنية وغيرها من المجالات. وتضمنت الاتفاقية سبل زيادة التبادل التجاري وتطوير النقل الجوي والبحري بين البلدين، في عام 2016،أرسلت جامعة الدول العربية وفداً من عشرة أعضاء لمراقبة الانتخابات الرئاسية في جيبوتي، وذلك في إطار تعميق الديمقراطية في الدول العربية.
آخر المنضمين لعضوية الجامعة العربية في عام 1993، قد يرى البعض أن انضمام جمهورية جزر القمر لجامعة الدول العربية أمراً غريباً، ولكن على الرغم من البعد الجغرافي للدولة عن الحدود الجغرافية للوطن العربي الممتد من الخليج العربي إلى المحيط الأطلسي، فإن الدولة تتسم بملامح عربية أصيلة. أما اللغة العربية فلا تزال لغة محلية -وليست رئيسية- يحاول السكان المحافظة عليها لتجنب طمس هويتهم الثقافية
ولكن بحسب مصطفى الزباغ الأستاذ والباحث المغربي في كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية في مدينة سلا المغربية، الذي كان له دور كبير في انضمام جزر القمر إلى جامعة الدول العربية، قال إن العرب والمسلمين نسوا جزر القمر بعد دخولها لجامعة الدول العربية، رغم أنها تنتمي حضارياً إلى العالمين العربي والإسلامي، وكذلك لم تعرف علاقاتها مع العرب والمسلمين تطوراً ملحوظاً، رغم أن القمريين كانوا مولعين كثيراً على هذا الانضمام لجلب استثمارات عربية ، وإبقاء التواصل الحضاري مع المسلمين.
الجدير بالذكر أن الزباغ عمل مستشاراً لدى الرئيس القمري الأسبق أحمد عبدالرحماني، كما شغل منصب رئيس قسم اللغة العربية والتربية بالمدرسة القومية للتعليم العالي بجزر القمر من 1987 إلى 1991، وكان له جهود عديدة في تقارب جزر القمر والعالمين العربي والإسلامي.
بينما رأت آراء عربية أخرى أن استفادة جزر القمر من الانضمام لجامعة الدول العربية هي تقريباً صفر؛ إذ لم يظهر خلال سنوات انضمامها أية بوادر شراكات قوية، أو استثمارات قوية، بخلاف الاجتماعات الروتينية وبروتوكولات التعاون الرسمية ذات الطبيعة الرسمية الدورية.
إذا كانت عروبة الدولة تتمثل في تحدث شعوبها باللغة العربية، وكذلك وقوعها في الإقليم الجغرافي للوطن العربي بين آسيا وإفريقيا، نجد أن هناك دولتين مرشحتين للانضمام لجامعة الدول العربية، ألا وهما تشاد وإريتريا. وكان عمرو موسى الأمينالعام الأسبق لجامعة الدول العربية قد قرر قبل خروجه من منصبه زيارة تشاد لاتخاذ الإجراءات اللازمة لضمها إلى جامعة الدول العربية، على أن يأتي ضم إريتريا في وقت لاحق، ولكن تلك الجهود لم تسفر عن انضمامها بعد.
وقد يخلط البعض بين جامعة الدول العربية ومنظمة التعاون الإسلامي، إلا أن الأخيرة تأسست في عام 1969. تضم منظمة التعاون الإسلامي جميع الدول الأعضاء في جامعة الدول العربية، بالإضافة إلى 35 دولة إسلامية أخرى من مختلف بقاع الأرض؛ ليصبح بذلك إجمالي عدد أعضائها 57 دولة. كما يحق لأي دولة عضو في الأمم المتحدة، وذات أغلبية مسلمة، أن تقدم طلباً للعضوية في المنظمة، ويؤكد ميثاق منظمة التعاون الإسلامي أهمية الحفاظ على القيم الإسلامية، ودعم أواصر الوحدة بين الدول الأعضاء لحماية مصالحها المشتركة في الساحة الدولية