أولئك الذين كانوا يبررون معاهدة السلام مع اسرائيل، كانوا يقولون ان وجود المعاهدة يمنح الاردن مساحة قانونية وسياسية، من اجل حماية الحرم القدسي، والمسجد الاقصى، سواء عبر النص القانوني الذي يثبت وصاية الاردن في معاهدة وادي عربة، او حتى عبر العلاقات السياسية مع الاسرائيليين.
كانوا يقولون ايضا، ان الاردن يتدخل دوليا، لدى واشنطن، وعواصم اوروبية، في حالات كثيرة، لمنع التجاوزات الاسرائيلية على الحرم القدسي، وان هذه الاتصالات اثمرت مرارا، عن ردع اسرائيل، ووضع حد لها، ويعددون لك حالات ادت فيها هذه الاتصالات دورا مهما، لصالح القدس، والحرم القدسي، والمسجد الاقصى تحديدا.
كل هذا يخطر في بالك وانت ترى الاقتحامات الاسرائيلية اليومية، للمسجد الاقصى، وتهديدات الحرم القدسي، والعبث بهوية المكان الدينية، عبر مشاريع اسرائيلية لحائط البراق، والبوابات، هذا فوق اعتقال موظفي الاوقاف، وغير ذلك من ممارسات يومية، فتسأل اين اولئك الذين برروا المعاهدة باعتبارها اضطرارا واكراها سياسيا، احدى فوائدها حماية المسجد الاقصى مثلما يقولون؟!!.
ونحن هنا، لا نتهم من يحمي الاقصى، ولا ننتقص الاردن، بكلمة، اذ ان ما يفعله الاردن، لا يفعله العرب والمسلمون، حتى لا يبقى الاردن محصورا في زاوية النقد وتحميل المسؤوليات، دون اقرار بفضله؟ّ!.
ما يراد قوله هنا، اذا افترضنا صحة المروجين لمنافع معاهدة السلام، بخصوص المسجد الاقصى، ان اسرائيل لا تقف عند هذا الجانب، بل تستغل المعاهدة لاحراج الاردن، يوميا، عبر هذه الاقتحامات التي تتم داخل الحرم القدسي، ولو كانت تهتم اصلا، لما تسببت بهذه الخروقات اليومية، بل راعت المعاهدة، وغير ذلك من حسابات سياسية، مع الاردن، وغيره من اطراف اقليمية ودولية.
الكارثة الاسوأ في الطريقة التي يفكر بها، المروجون لجدوى معاهدة السلام، تتعلق بردهم على المعترضين على المعاهدة، بقولهم ان تجميد المعاهدة من الاردن، او الغاءها كليا، سيؤدي الى تداعيات خطيرة على الاردن، سياسيا واقتصاديا، من جانب الاسرائيليين والاميركان، وغيرهم، وان تجميد المعاهدة تتمناه اسرائيل حتى تستفرد بالمسجد الاقصى ، وتنفذ مخططاتها، وهكذا نصير امام تناقض اكبر، بقاء المعاهدة تخرقه اسرائيل يوميا، وتجميد المعاهدة مفيد لاسرائيل اكثر على صعيد الاستفراد بالاقصى!.
كيف يمكن حماية المسجد الاقصى، المشرعنة وصايته في معاهدة السلام، باعتبارها للاردن، في الوقت الذي تخرق اسرائيل المعاهدة يوميا، بهذه التصرفات، هذا فوق السؤال الاهم البعيد في الاساس عن المعاهدة وفضلها ومحاسنها وابداعاتها، والمتعلق بجدوى مصالحة اسرائيل اساسا، من جانب كل الدول والجهات التي صالحتهم، وهي مجرد احتلال، لديها مشاريعها التي تهدد كل المنطقة؟!.
بمنطق الذين يتبنون المعاهدة، فإن ما تفعله اسرائيل يوميا، في المسجد الاقصى، يعد اهانة كبيرة للمعاهدة، وبمنطق الذين لا يتبنون المعاهدة فإن المسجد الاقصى يتم تعريضه لخطر كبير، لن تفلح المعاهدة في وقفه، بل ان المعاهدة هنا، باتت بوابة من اجل تمرير الاجندة الاسرائيلية، واحراج الاردن بهذا المشهد اليومي، وكل التهديدات التي تتعلق بالحرم القدسي.
الدستور