يعاني التجار في الاسواق، حالة من الركود النسبي بعد مرور أكثر من شهرين على فرض إجراءات “جبائية”، نتج عنها زيادة كبيرة في أسعار السلع والخدمات.
تلك الإجراءات بحسب خبراء اقتصاد، انعكست آثارها بشكل ملموس ومباشر على جيوب المواطنين، ما دفعهم إلى إعادة ضبط الإنفاق وفقا للأولويات.
وبدأ الأردن مطلع العام الحالي، تطبيق سلسلة إجراءات، تهدف إلى تأمين إيرادات تقدر بنحو 500 مليون دولار، وخفض الدين العام الذي يبلغ حوالي 35 مليار دولار، كجزء من البرنامج الإصلاحي المتفق عليه مع صندوق النقد الدولي.
وكانت البداية مع إخضاع الحكومة الأردنية نحو 164 سلعة لضريبة المبيعات بنسبة 10 بالمائة، فيما أخضعت سلعا أخرى (كانت معفاة) لضريبة مبيعات بنسبة 4 و5 بالمائة في سعيها لحقيق ما يفوق 500 مليون دولار من تلك الإجراءات.
إضافة إلى ذلك، رفعت الحكومة أجور النقل العام بنسبة 10 بالمائة، وزادت أسعار الخبز بنسب وصلت إلى 100 بالمائة بعد رفع الدعم عنه، كما تم رفع الضرائب على البنزين بصنفيه 90 أوكتان و95 أوكتان بنسبة 6 بالمائة.
ولحق بهذه الزيادات ارتفاعات متتالية في أسعار الكهرباء كان آخرها بداية مارس/ آذار الحالي بمقدار فلسين اثنين (0.3 سنتا)، وبموجب الزيادة، تصبح قيمة بند فرق أسعار الوقود المثبت على فواتير مارس/ آذار 14 فلسا لكل كيلوواط (1.9 سنتا)، بدلا من 12 فلسا (1.7 سنتا) الشهر الماضي.
بينما خفضت الحكومة للشهر ذاته أسعار البنزين والسولار (الديزل) بنسب طفيفة تراوحت بين 0.6 -1.5 بالمائة بعد زيادة كبيرة في الشهر الذي سبقه.
قدرة شرائية
ممثل قطاع الألبسة والمجوهرات في غرفة تجارة الأردن (حكومية)، أسعد القواسمي، قال إن “التراجع في القدرة الشرائية للمستهلكين، بات واضحا لدى جميع التجار سواء كانوا وكلاء للعلامات التجارية الكبرى، أو أصحاب محلات التجزئة”.
واضاف القواسمي ، أن رفع الأسعار وفرض الضرائب الأخيرة أضيفت إلى تحديات أخرى سابقة كان يواجها القطاع.
من أهم تلك التحديات، ارتفاع الكلف التشغيلية بسبب قانون المالكين والمستأجرين المطبق عليهم، وما نتج عنه من زيادات في أجور المحلات، إلى جانب ارتفاع أجور الأيدي العاملة.
وزاد: “هذه التكاليف أجبرت التجار على زيادة أسعارهم لكن ليس للمستوى الذي يغطي الزيادات المتتالية في التكاليف، وبالتالي أصبحوا غير قادرين على البيع بسبب تراجع الإقبال على الشراء”.
وأشار القواسمي إلى تحد آخر يضاف إلى جملة التحديات وهو البيع الإلكتروني.
في هذا الشأن، قال: هذه العملية ما تزال غير منظمة، خصوصا وأن السلع تصل إلى المستهلكين دون ضرائب وجمارك عن طريق شركات البريد، مأ ثر أيضا على مبيعات التجار”.
وحول توقعاته لموسم أفضل خلال شهر رمضان والأعياد، قال: “تجارب القطاع خلال العامين الماضيين تحديدا بينت أن هذه المواسم لم تعد كسابق عهدها، بسبب تحول أولويات المستهلكين إلى التزامات أخرى مثل المأكل والمشرب والتعليم والصحة”.
حركة تجارية
ياسر العبادي، وهو صاحب مركز تجاري خاص في عمّان، قال إن “الحركة التجارية على السلع الأساسية تناقصت بنسبة تقارب 30 بالمائة تقريبا مقارنة بمستوياتها قبل فرض الزيادات الأخيرة على الضرائب والأسعار”.
وقال العبادي ، أن “زيادة تكاليف المعيشة لم يقتصر تأثيرها على فئة دون أخرى بل أصبحت تطال الشرائح كافة”.
وتابع: “الحركة وإن كانت محدودة إلا أنها ما تزال ضمن الحدود المعقولة بالنسبة لتجار المواد الأساسية”.
تراجع الإنفاق
الخبير في الشؤون النفطية وأمين السر السابق في نقابة أصحاب محطات المحروقات الأردنية هاشم عقل، قال إن التراجع في الإنفاق، امتد ليصل إلى خفض استهلاك وقود السيارات الذي أصبحت تكاليفه تشكل عبئا شهريا يأكل جزء كبيرا من مداخيل المستهلكين.
واضاف “عقل” أضاف في حديثه أن “المستهلكين يحاولون تقنين استهلاك الوقود قدر الإمكان، مبينا إن قيمة تعبئة الوقود أيضا تراجعت بالنسبة للعديد من المستهلكين الذي قللوا من المبالغ التي يتزودون مقابلها، إلى ما يغطي حاجتهم بالحد الأدنى”.
وصعدت أسعار المستهلك (التضخم)، بنسبة 3.6 بالمائة على أساس سنوي، في فبراير/ شباط الماضي، مقارنة بالشهر ذاته من 2017، فيما ارتفع الرقم القياسي لأسعار المستهلك لشهر فبراير 2018، مقارنة مع الشهر الذي سبقه من نفس العام بنسبة 1.5 بالمائة.
الأناضول