البث المباشر
بيان صادر عن المؤسسة العامة للغذاء والدواء الأرصاد تحذر: تقلبات في الطقس نهاية الأسبوع.. التفاصيل استقرار أسعار الذهب عالميا أجواء لطيفة اليوم وغير مستقرة غدا مؤتمر قادة الشرطة والأمن العرب يدعو إلى تحديث تشريعات مكافحة المخدرات التصنيعية الفيصلي يفوز على الرمثا ويبتعد بصدارة الدرع جريدة الأنباط … ذاكرة وطن وصوت الحقيقة الأرصاد العالمية: العام الماضي كان الأكثر حرارة على الإطلاق في الوطن العربي الاتحاد الأردني للكراتيه يكرّم المهندس أمجد عطية تقديرًا لدعم شركة محمد حسين عطية وشركاه لمسيرة اللعبة جنوب إفريقيا تنظم فعالية للترويج للمجلد الخامس من كتاب "شي جين بينغ: حوكمة الصين" العيسوي ينقل تمنيات الملك وولي العهد للنائب الخلايلة والمهندس الطراونة بالشفاء الشواربة يتسلم جائزة أفضل مدير بلدية في المدن العربية ضمن جائزة التميز الحكومي العربي 2025 شركة زين تطلق دليل إمكانية الوصول الشامل لتهيئة مبانيها ومرافقها للأشخاص ذوي الإعاقة مديرية الأمن العام تطلق خدمة “التدقيق الأمني للمركبات” عبر الرقم الموحد "117111" موهبة استثنائية .. جامعة روشستر في دبي تقبل طالبا بعمر 12 عامًا وزارة الصناعة والتجارة والتموين تفوز بجائزة التميز الحكومي العربي .. أفضل وزارة عربية خبراء بمنتدى القطاع غير الربحي: الذكاء الاصطناعي يقود استثمارات خيرية تتجاوز 10 مليارات دولار عالميًا المساعد للعمليات والتدريب يلتقي وفداً عسكرياً سعودياً الصداقة الأردنية الإسبانية في الأعيان تلتقي السفير الإسباني المساعد للعمليات والتدريب يلتقي وفداً عسكرياً سعودياً

مس الخيط العريض للحياة .. خطر!!

مس الخيط العريض للحياة  خطر
الأنباط -

بلال الذنيبات

تابعنا مؤخراً إقدام البعضُ من شّبابنا على "التهديد بإنهاء الحياة" ، مما يُنذر للخطر و يكشف التحوّلات الخطيرة النفسية في شخصية المواطن الأردني بحكم توليفة من الضغوطات الاجتماعية و الاقتصادية تضرب العامود الفقري للحياة و هو الرغبة في الوجود.

     ففي حيّن رصدنا كمتابعين حالات "التهديد بالإنتحار" في المجتمع و تبرير التنفيس الجنائي عن المكبوتات في الآونة الأخيرة ، فإننا كمختصين بالدراسات الاجتماعية نرى خطورة الوضع ، و أن ذالك يعتبر مؤشر خطير على التحوّل النفساني بالشخصية الاردنية.

     و على إعتبار أن المجتمع الاردني يعاني أصلاً من أوضاع اقتصادية صعبة و تراجع القوى الشرائية و عادات إستهلاكية متجذرة و على رأسها البذخ المجاملاتي في "إكرام" الضيوف بسخاء كعوائد أهلنا الاردنيين "البدو الصغار جوانياً" ، و حالات عدم الرضى و القناعة بالقليل لدى "أهلينا" في مراسيم الحياة الاجتماعية إبتدائاً من إشهار عضوية الفرد في المجتمع بإطلاق الاسم عليه و إنتهاء  بالونيسة كما أن زيادة كلف تلك المراسم الحياتية المتصاعدة مع ضعف المدخولات المالية و الثقافية الحداثية ينتج عنه شرخ ما في الذوات الباطنية لدى الشّباب.

      فالشّباب رغم حالة الضخ الثقافي العلماني الحديث و المتمثل بالتخطيط و التجاوز على المراسم التقليدية للحياة إلا أن الرغبة الجموح في الخروج عن تلك المراسم يقابله من الجانب الاخر حائط صد منيع من القوى الاجتماعية التقليدية إبتدائاً من الموروثات العائلية و إنتهاء بمقابلة المرسوم الجديد بالا رضا و   السخرية و ربما إتهام المجدد بالصبيانية و التجاوز على أخلاق الرجال.

         و تأتي الإجراءات الاقتصادية من قبل الحكومة و السوق العلماني الطبع لتضاعف من الأزمة فنحن نعيش في مراسم تشبع الانجاب بشكل مفتوح و صرف ما بجيب يأتيك ما بالغيب و اعتبار ادوات الاتصال الحديثة "آلعاب" لا جدوى من استخدامها الدائم و عدم معرفة الامكانات التي تقدمها تلك التكنولوجيا ، في حين أن ما يفرضه السوق العلماني بالطبع عكس ذالك تماما مما يحدث صراعا داخليا بين القديم بمراسيمه  الديكتاتورية و امكاناته الضئيلة و الحديث بمراسيمه البرغماتية و امكاناته الرحبة.

           و تأتي ايضا المؤسسات البنيوية في المجتمع و التي هي ذاتها تعاني من الصراع بين المراسيم التقليدية و البيروقراطية و المراسيم العلمانية البرغماتية  من خلال المطالبة المستمرة للناس بالتجديد و ابقاء الخدمات دون المستوى ، فمثلا عندما نطلب للشباب العمل بعيدا عن الثقافة التقليدية فاننا لا نوفر متطلبات العمل من نقل و تأمين صحي و ضمان اجتماعي و بنية استثمار حقيقية ، و للاسف فان القرارات الحكومية تحارب الاستثمار عندما تزيد من الكلف و لا يصاحب ذالك زيادة بفرص الارتزاق و كمية الارتزاق مما يعني اضعاف القوى الشرائية و تراجع المردود من الاستثمار.

    إن الاستثمار في مجال الفنادق مثلا يتطلب توليفة من الاستثمارات تستقطب الكتل البشرية لاحتلال الفنادق ، و هذا موجود في العقبة و عمان على وجه التحديد خاصة و هناك تعدد بحكم ثقافة المدينة  فرص اكثر للناس في حين ان الاستثمار بالفنادق  يفشل في محافظات مثل الكرك و معان نتيجة عدم توفر الفرص الموازية للكتل البشرية.

       و في القديم كانت الادبيات الاجتماعية كانت تتحدث عن الهجرة من الريف الى المدينة ، لكن الواقع اليوم هو الحاجة للانتقال من المدن  الطاردة للارتزاق مثل الكرك و معان مثلا الى المدن الجاذبة كعمان و الزرقاء و العقبة و اربد نتيجة الثورة الديموجرافية في تلك المدن.

       و على الحكومة إنّ كانت جادة في توفير فرص الارتزاق في معان و الكرك العمل على إحداث ثورة ديموجرافية موازية تنقل الثقل من عمان و توزعه على الاقاليم الشمالية و الجنوبية للبلاد.

         إن الثورة الدبموجرافية يصاحبها الحاجة للاستثمارات و تنامي الفرص و تراجع البطالة و توسع شرائح المجتمع الحامية "الطبقة الوسطى" و اضمحلال الطبقة الفقيرة و المسخمين.

         في حين أن ذالك يقلل من حالة الصراع النفسي و المفضي للحاجة الى التهديد بالانتحار ، خاصة و ان التهديد بالانتحار يسعى من خلاله المهدد بالانتحار الى اشهار حاجاته النفسية و الاقتصادية و حاجته لدعم ذاته و تشكيل ذاته الاجتماعية و التي تتطلب الاستقلال المالي بوجود فرص الارتزاق الكافية.

        إن تقرير رؤيا يوم الجمعة الماضي تضمن "إعلان" إحدى الاشخاص عن رغبته بإعادة عملية الانتحار تهديداً و تحقيقاً مما يعني أن الحالة النفسية في الشارع اليوم باتت اكثر خطورة و تتطلب معالجات اجتماعية و اقتصادية حقيقية لا ديكورية و الابتعاد عن المقصلة الضبطية الاجتماعية لهترائها أمام فشل مؤسسات المجتمع في توفير البديل عن الانتحار و هو تحقيق الذات و الحاجيات البشرية السليمة.

      إن تقرير فضائية رؤيا و الذي حمل اشهار احدى المقابلين برغبته في الانتحار مكرراً  يفرض الابتعاد عن ادوات الضبط الاجتماعية و الانتقال الى ادوات المعالجة الاجتماعية و الاقتصادية لأن في مثل هذه الحالة تفشل قوى الضغط سواءً الأمنية و الاجراءات الامنية المصاحبة للتهديد بالانتحار او الاجتماعية الثقافية و التي تحرم الانتحار و تعتبره جريمة تستوجب سخط الرب و تلعب تلك الادوات الضبطية دور معكوس في الاقبال و برغبة اكبر بالانتحار.

       في حين أن المطلوب معالجة الاسباب التي أدت بالتهديد بالانتحار و التي ذكرنا منها قبل قليل فرص الارتزاق و زد عليها تحقيق ثورة اجتماعية حقيقية في المجتمع تحقق الرغبات النفسية من تغيير المراسيم الحياتية ابتدائا من اشهار عضوية الفرد في الجماعة و المجتمع الى تقديم الونيسة طلبا للاجر للميت.

© جميع الحقوق محفوظة صحيفة الأنباط 2024
تصميم و تطوير