البث المباشر
الاردن يدين هجوما استهدف قاعدة دعم لوجستي لقوات الأمم المتحدة بالسودان حوارية حول "تعزيز القيادة في ضوء الالتزامات الوطنية للقمة العالمية للإعاقة" قرارات مجلس الوزراء حالة الطقس المتوقعة لاربعة ايام مندوبا عن الملك وولي العهد العيسوي يعزي عشيرتي الخلايلة والعواملة جمعية الأطباء الأردنيين في ألمانيا تؤكد استعدادها لعلاج يزن النعيمات عمر الكعابنة يهنّئ الدكتور حسان العدوان بمناسبة نيله الدكتوراه في الإذاعة والتلفزيون بامتياز ما بين التغيرات المناخية وإخفاقات الإدارة وتحوّلات الإقليم: كيف دخل الأردن معركة المياه؟ أخلاق الطبيب بين القَسَم وإغراء السوشيال ميديا إيرادات شباك التذاكر في الصين لعام 2025 تتجاوز 50 مليار يوان الحاجة عليا محمد أحمد الخضراوي في ذمة الله وصول قافلة المساعدات الأردنية إلى الجمهورية اليمنية جامعة البلقاء التطبيقية توقّع مذكرة تفاهم مع شركة أدوية الحكمة لتعزيز تدريب الطلبة والخريجين وزارة المياه والري : ضبط أكثر من 1411 اعتداء على خطوط المياه خلال شهر تشرين ثاني اللواء المعايطة يحاضر في كلية الدفاع الوطني الملكية الأردنية، ويؤكد على تكامل الأدوار بين المؤسسات الوطنية شكر على التعازي عشائر العجارمة عامة… وعشيرة العقيل خاصة بحث تعزيز التعاون الأكاديمي بين جامعتي عمّان الأهلية وفلسطين الأهلية رئيس عمّان الأهلية يُكرّم الطلبة الفائزين في مسابقات وطنية جاهة ابو عوض والقاسم .. دودين طلب وأبوالبصل أعطى البيت العربي في مدرسة الروم الكاثوليك احتفاء بيوم اللغة العربية

مشهد أخير في ملحمة الصمود: مسلسل من الغدر بعد الصمود وسنوات الجوع والحرب والإبادة

مشهد أخير في ملحمة الصمود مسلسل من الغدر بعد الصمود وسنوات الجوع والحرب والإبادة
الأنباط -


في غزة التي لم تنم منذ سنوات وفي أرضٍ أنهكها الحصار والجوع والدمار، يُكتب اليوم فصلٌ جديد من مسلسلٍ طويل عنوانه "الغدر بعد الصمود”، بطله هذه المرة الصحفي الشهيد صالح الجعفراوي، الذي حمل الكاميرا بدل البندقية، وسار عكس الريح ليحكي حكاية وطنٍ يُحاصر منذ الأزل.

بعد سنوات من الحرب والإبادة والقهر والدموع، وبعد أن قاوم الاحتلال الغاصب بالصوت والصورة، جاءت رصاصة الغدر من حيث لا يُنتظر الغدر، من يدٍ كان يُفترض أن تحفظ الوطن لا أن تطعنه، هكذا سقط صالح شهيدًا للحقيقة ليمضي ويمضي معه ضوءٌ كان يوثّق الحياة وسط الركام.

 الجعفراوي كان أكثر من مجرد مصوّر أو صحفي؛ كان ذاكرة غزة، وثّق الجوع، والدمار، والمجازر، لكنه وثّق أيضًا الأمل في عيون الأطفال وصمود الأمهات وإصرار الرجال على البقاء رغم الحصار، في كل مشهدٍ صوّره، كان يحاول أن يقول للعالم: "غزة ما زالت تنبض رغم أنف الموت.”

اليوم، يرحل صالح تاركًا خلفه عدسةً يتيمة وكاميرا مكسورة لكنها ما زالت تشهد أن الحقيقة لا تموت، حتى لو استُشهد راويها، رحل بعد أن صنع من المأساة رواية، ومن الألم حكاية، ومن الصمود بطولة.

أعلم تمامًا وأنا على يقين بأنه لا يمكن لعقلٍ سليم أن يتقبّل فكرة أن يُؤذي الإنسانُ أخاه الإنسان، أن يظلمه بلا سبب، أن يتهمه زورًا، أن يطعن صدقه أو يقتله بدمٍ بارد، كم هو مؤلم أن يتحوّل الأخ إلى خصم والجار إلى عدو، والإنسان إلى آلةٍ تُبيد من يشبهها! نشعر بالاشمئزاز من هذا الانحدار الأخلاقي الذي يجعل الغدر سبيلاً والافتراء سلاحًا والقتل "وجهة نظر”، 
إنها فاجعة لا تُختصر في موت صالح الجعفراوي، بل في موت الضمير الإنساني الذي لم يعُد يستحي من الظلم.

فكيف يستطيع الإنسان أن يُهين إنسانًا آخر؟ وكيف يجرؤ على أن يجرّده من كرامته ومن حقه في العيش، من صوته ومن حلمه؟ وكيف يُمكن لعينٍ أن تنظر في وجه المظلوم ولا ترتجف؟ ولأي درجة من القسوة وصلنا حين أصبح القهر سلوكًا يوميًّا والظلم عادةً لا تُنكر؟ كيف يستطيع الإنسان، أن يُحوّل الرحمة إلى قسوة، والمحبة إلى حقد، والاختلاف إلى حرب، كيف يستطيع أن يسلب فرحة، ويهدم بيتًا، ويُطفئ ضوءًا في قلبٍ كان يبتسم رغم الألم. نعم، سيبقى صالح الجعفراوي شاهدًا على هذا الانحدار، وذكرى تفضح ما فعله الإنسان حين خان إنسانيته، وصوتًا يقول لنا جميعًا:
"أن لا شيء أخطر من إنسانٍ فقد قلبه، فأمسى يعيش بجسدٍ بلا روح، وبعقلٍ بلا ضمير". 

ستبقى اللقطة الأخيرة جرحًا مفتوحًا في ذاكرة العالم، وتبقى الحقيقة تنزف لكن لا تُهزم، هكذا هم الشهداء، يغادرون ليُضيئوا عتمة الغدر بنور الصدق، فصالح لم يمت بل انتقل من خلف العدسة إلى قلب الرواية؛ من نقل الحدث إلى أن صار هو الحدث، وفي النهاية، سيبقى المشهد الأخير في ملحمة الصمود درسًا لنا جميعًا: أن الغدر يُميت الأجساد، لكن لا يقدر أن يطفئ نور الحقيقة.
© جميع الحقوق محفوظة صحيفة الأنباط 2024
تصميم و تطوير