البث المباشر
الاردن يدين هجوما استهدف قاعدة دعم لوجستي لقوات الأمم المتحدة بالسودان حوارية حول "تعزيز القيادة في ضوء الالتزامات الوطنية للقمة العالمية للإعاقة" قرارات مجلس الوزراء حالة الطقس المتوقعة لاربعة ايام مندوبا عن الملك وولي العهد العيسوي يعزي عشيرتي الخلايلة والعواملة جمعية الأطباء الأردنيين في ألمانيا تؤكد استعدادها لعلاج يزن النعيمات عمر الكعابنة يهنّئ الدكتور حسان العدوان بمناسبة نيله الدكتوراه في الإذاعة والتلفزيون بامتياز ما بين التغيرات المناخية وإخفاقات الإدارة وتحوّلات الإقليم: كيف دخل الأردن معركة المياه؟ أخلاق الطبيب بين القَسَم وإغراء السوشيال ميديا إيرادات شباك التذاكر في الصين لعام 2025 تتجاوز 50 مليار يوان الحاجة عليا محمد أحمد الخضراوي في ذمة الله وصول قافلة المساعدات الأردنية إلى الجمهورية اليمنية جامعة البلقاء التطبيقية توقّع مذكرة تفاهم مع شركة أدوية الحكمة لتعزيز تدريب الطلبة والخريجين وزارة المياه والري : ضبط أكثر من 1411 اعتداء على خطوط المياه خلال شهر تشرين ثاني اللواء المعايطة يحاضر في كلية الدفاع الوطني الملكية الأردنية، ويؤكد على تكامل الأدوار بين المؤسسات الوطنية شكر على التعازي عشائر العجارمة عامة… وعشيرة العقيل خاصة بحث تعزيز التعاون الأكاديمي بين جامعتي عمّان الأهلية وفلسطين الأهلية رئيس عمّان الأهلية يُكرّم الطلبة الفائزين في مسابقات وطنية جاهة ابو عوض والقاسم .. دودين طلب وأبوالبصل أعطى البيت العربي في مدرسة الروم الكاثوليك احتفاء بيوم اللغة العربية

إعادة بناء منظمة التحرير الفلسطينية: استرداد الوطن المعنوي (5/1) البندقية والتمثيل 1964–1974

إعادة بناء منظمة التحرير الفلسطينية استرداد الوطن المعنوي 51 البندقية والتمثيل 1964–1974
الأنباط -

بقلم: فايز محمد أبو شمالة

تأسست منظمة التحرير الفلسطينية عام 1964 بقرار من القمة العربية في القاهرة، بمبادرة مصرية قادها الرئيس جمال عبد الناصر، وبرئاسة أحمد الشقيري، لتكون مظلة تمثيلية للفلسطينيين في الداخل والشتات، ضمن إطار خاضع للشرعية الرسمية العربية. وقد جاء التأسيس لاحتواء تصاعد الغضب الشعبي وانتشار الدعوات للكفاح المسلح في صفوف اللاجئين، الذين كانوا يعانون من واقع مأساوي من التشرد والحرمان في المخيمات.
وقد عبّر هذا الغضب الشعبي عن حالة غليان وطني في أوساط اللاجئين الفلسطينيين، الذين شعروا بأن النظام العربي الرسمي عاجز عن استعادة حقوقهم، فبدأت تتبلور بينهم نوى تنظيمية لفصائل وطنية مسلحة. ففي الفترة ما بين منتصف الخمسينيات ومنتصف الستينيات، ظهرت حركات عدة، منها شباب الثأر، كتائب الفدائيين ، شباب العودة،جبهة التحرير الفلسطينية،وجبهة النضال الشعبي،وكانت معظمها تنتمي إلى التيار القومي العربي أو تتأثر بالأفكار اليسارية ورؤية حركة القوميين العرب. هذه الفصائل شكّلت نواة النضال المسلح والتعبئة الشعبية، مؤمنة أن التحرير لا يتم إلا بالسلاح وبالإرادة الشعبية.
غير أن حركة "فتح”، التي تأسست أيضًا في تلك المرحلة، جاءت بتوجّه جديد ومختلف، عبّر بوضوح عن الهوية الوطنية الفلسطينية المستقلة، بعيدًا عن التبعية الحزبية أو الأيديولوجية العابرة للوطن. وقد أعلنت "فتح” انطلاقتها المسلحة في الأول من كانون الثاني/يناير 1965، بعد أشهر قليلة من إنشاء منظمة التحرير، في خطوة شكّلت البداية الفعلية لتحويل المشروع الوطني الفلسطيني من حالة التمثيل السياسي إلى مشروع تحرري مقاوم، استند إلى استراتيجية تعبئة الجماهير وتوحيد الكفاح ضد الاحتلال.
تحوّل البندقية إلى أداة تمثيل
شكّلت معركة الكرامة في آذار/مارس 1968 لحظة مفصلية في التاريخ الفلسطيني والعربي؛ فقد خاض الجيش العربي(الأردني) والفدائيون الفلسطينيون والمنظمات المسلحة مواجهة مباشرة ضد هجوم إسرائيلي واسع على مواقعهم شرق الأردن. وبرغم التفوق التسليحي والجوي الإسرائيلي، تمكنوا من صد الهجوم، وأوقعوا خسائر في صفوف العدو، في أول انتصار عربي فلسطيني مشترك منذ نكبة 1948. هذه المعركة أعادت الاعتبار للكرامة القومية، ووضعت نقطة تحول في إدراك الفلسطينيين والعرب لأهمية المقاومة المسلحة كخيار استراتيجي.
تزايدت بعد "الكرامة” شعبية الفصائل الفلسطينية المسلحة التي كانت تنشط على هامش النظام الرسمي العربي، وانخرط آلاف الشباب الفلسطيني والعربي في صفوفها، مؤمنين بأن الفعل الفدائي – لا البيانات الرسمية – هو ما يصنع الفرق في النضال الوطني. وفي هذا السياق، أكدت حركة "فتح” منذ انطلاقتها أن "الكفاح المسلح هو الطريق الوحيد لتحرير فلسطين”، وأن "الثورة حتى النصر” ليست مجرد شعار، بل استراتيجية تعبئة وتنظيم تضع البندقية على كتف كل فلسطيني.
وإلى جانب "فتح”، برزت فصائل قومية ويسارية، منها الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، والجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين، وطلائع حرب التحرير الشعبية (قوات الصاعقة) إلى جانب منظمات أخرى ذات توجه قومي ويساري، شكّلت مجتمعة تعبيرًا حقيقيًا عن الإرادة الوطنية الفلسطينية الصاعدة، التي بدأت تشق طريقها خارج مظلة الأنظمة الرسمية، متسلّحة بالإيمان بالكفاح المسلح وسعيًا إلى بناء مشروع تحرري ووطني مستقل.
ومع اتساع قاعدة هذه الفصائل وازدياد شعبيتها، اضطرت الأنظمة العربية إلى الاعتراف بالمنظمة ممثلًا للفلسطينيين. وبحلول عام 1969، تسلمت حركة "فتح” رئاسة اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية عبر توافق داخلي (أشبه بانقلاب ناعم داخل المنظمة على القيادة السابقة)، محوّلة المنظمة من إطار رسمي عربي إلى كيان وطني مستقل تقوده البنادق، وتحمي شرعيته قوافل الفدائيين لا صكوك الاعتراف.
شكلت اللجنة التنفيذية الأولى لمنظمة التحرير الفلسطينية بعد تأسيسها مجموعة من الفصائل الوطنية التي تمثل التوجهات السياسية والفكرية المتنوعة للشعب الفلسطيني. وكانت هذه الفصائل هي: حركة فتح، الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين، جبهة التحرير العربية، جبهة النضال الشعبي الفلسطيني، وطلائع حرب التحرير الشعبية – الصاعقة. هذا التنوع الفصائلي ضمن اللجنة التنفيذية منح المنظمة شرعية وطنية واسعة، وعكس وحدة فلسطينية تجمع بين التيارات القومية واليسارية والعربية، وأسهم في تأسيس إطار وطني جامع قادر على قيادة الكفاح الوطني التحرري وتنسيق العمل السياسي والعسكري على مختلف الجبهات.
يجدر الإشارة إلى أن بعض هذه الفصائل كانت مرتبطة بشكل أو بآخر بأنظمة عربية مختلفة، مثل سوريا والعراق ومصر، وهو أمر حمل في طياته مزيجًا من التحديات والفرص. فمن ناحية، شكّل التدخل الخارجي عبر دعم هذه الدول مصدرًا للضغط على الفصائل وأحيانًا للتدخل في قرارات المنظمة، مما أدى إلى بعض الإشكالات في الاستقلالية السياسية. ولكن من ناحية أخرى، كان هذا الدعم الإقليمي عامل قوة رئيسيًا، ساهم في توفير الموارد، والتمويل، والتدريب، والغطاء السياسي لمنظمات التحرير الفلسطينية، مما عزز قدرتها على الاستمرار في نضالها الوطني على الصعيدين الإقليمي والدولي.
كان هذا المزيج بين الاستقلال الوطني والدعم الإقليمي سمة مميزة في تجربة منظمة التحرير، إذ حاولت التوفيق بين متطلبات الشرعية الفلسطينية الداخلية، ومتطلبات العمل ضمن واقع إقليمي معقّد متداخل المصالح.

من التمثيل إلى الاعتراف الدولي
شهدت السبعينات تطورًا نوعيًا في بنية المنظمة ووظائفها. فعلى المستوى السياسي، اعترفت بها الدول العربية في قمة الرباط عام 1974 ممثلًا شرعيًا وحيدًا للشعب الفلسطيني. وفي ذات العام، وخلال كلمة تاريخية ألقاها أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة، قدّم ياسر عرفات خطابًا يُعدّ نقطة تحول في القضية الفلسطينية على المستوى الدولي، عبّر فيه بوضوح عن حق الشعب الفلسطيني في التحرير والنضال، مؤكّدًا مشروعية المقاومة الوطنية ومشروع التحرير. وقد شكّل هذا الخطاب إعلانًا رسميًا عالميًا عن تمثيل منظمة التحرير للشعب الفلسطيني، ما أتاح لها الحصول على اعتراف دولي واسع وتعزيز حضورها الدبلوماسي حول العالم.
تلا ذلك اعتراف واسع بمنظمة التحرير، أبرز مظاهره حصولها على صفة مراقب في الأمم المتحدة، وافتتاح بعثات ومكاتب دبلوماسية في أكثر من مئة دولة.
هذا التحول السياسي لم يكن نهاية المطاف، بل كان تمهيدًا لبناء مؤسسات متكاملة جعلت من منظمة التحرير كيانًا وطنيًا جامعًا، تجسّدت فيه ملامح الدولة قبل قيامها، ووضع اللبنات الأساسية لمشروع سياسي يستند إلى الشرعية الوطنية والدولية معًا.
ومع اعتراف المجتمع الدولي والعربي بمنظمة التحرير الفلسطينية ممثلًا شرعيًا ووحيدًا للشعب الفلسطيني، بدأ طورٌ جديد في مسيرتها، لم تقتصر فيه المنظمة على تمثيل الفلسطينيين سياسيًا، بل شرعت في بناء مؤسسات وطنية جامعة جسّدت ملامح الوطن الفلسطيني المنشود. لقد تحوّلت المنظمة إلى ما يشبه "الوطن المعنوي” للفلسطينيين في المنافي والمخيمات، تؤطّر نضالهم وتحتضن ثقافتهم وتعبّر عن هويتهم في زمن التشرد والشتات.
هذا التحول المحوري سيكون محور تناولنا في الجزء الثاني من هذه السلسلة .
© جميع الحقوق محفوظة صحيفة الأنباط 2024
تصميم و تطوير