البث المباشر
الاردن يدين هجوما استهدف قاعدة دعم لوجستي لقوات الأمم المتحدة بالسودان حوارية حول "تعزيز القيادة في ضوء الالتزامات الوطنية للقمة العالمية للإعاقة" قرارات مجلس الوزراء حالة الطقس المتوقعة لاربعة ايام مندوبا عن الملك وولي العهد العيسوي يعزي عشيرتي الخلايلة والعواملة جمعية الأطباء الأردنيين في ألمانيا تؤكد استعدادها لعلاج يزن النعيمات عمر الكعابنة يهنّئ الدكتور حسان العدوان بمناسبة نيله الدكتوراه في الإذاعة والتلفزيون بامتياز ما بين التغيرات المناخية وإخفاقات الإدارة وتحوّلات الإقليم: كيف دخل الأردن معركة المياه؟ أخلاق الطبيب بين القَسَم وإغراء السوشيال ميديا إيرادات شباك التذاكر في الصين لعام 2025 تتجاوز 50 مليار يوان الحاجة عليا محمد أحمد الخضراوي في ذمة الله وصول قافلة المساعدات الأردنية إلى الجمهورية اليمنية جامعة البلقاء التطبيقية توقّع مذكرة تفاهم مع شركة أدوية الحكمة لتعزيز تدريب الطلبة والخريجين وزارة المياه والري : ضبط أكثر من 1411 اعتداء على خطوط المياه خلال شهر تشرين ثاني اللواء المعايطة يحاضر في كلية الدفاع الوطني الملكية الأردنية، ويؤكد على تكامل الأدوار بين المؤسسات الوطنية شكر على التعازي عشائر العجارمة عامة… وعشيرة العقيل خاصة بحث تعزيز التعاون الأكاديمي بين جامعتي عمّان الأهلية وفلسطين الأهلية رئيس عمّان الأهلية يُكرّم الطلبة الفائزين في مسابقات وطنية جاهة ابو عوض والقاسم .. دودين طلب وأبوالبصل أعطى البيت العربي في مدرسة الروم الكاثوليك احتفاء بيوم اللغة العربية

"إسرائيل الجديدة ".. تنكأ قروح سورية الجديدة

إسرائيل الجديدة  تنكأ قروح سورية الجديدة
الأنباط -

د.منذر الحوارات


تتصرف «إسرائيل» كقوة مطلقة في المنطقة، مستفيدة من التفوق العسكري الذي حققته على خصومها، وضوء أخضر أميركي يشجعها على جولات جديدة من الفوضى والحروب، ورغم ذلك يبقى هذا التفوق هشا، فكل عناصر القوة الإسرائيلية، في حقيقتها، ليست سوى منتجات أميركية بامتياز، من السلاح إلى الدعم الاستخباراتي والغطاء السياسي، ورغم كل القوة التدميرية التي مارستها بحق خصومها، فإنها لا تستطيع الادعاء بأنها حققت أمنها المطلق، لأن مقاربتها استندت إلى وهم تحقيق أمنها الذاتي دون أي اعتبار لمصالح الآخرين.

بنت «إسرائيل» تفوقها على غطاء أميركي عطّل القانون الدولي، وفرض شريعة الغاب على النظام العالمي، متجاوزة أبسط المبادئ التي تنظّم العلاقات بين الدول، كاحترام السيادة الوطنية ومبدأ الرد بالمثل، فعدوانها لم يكن رداً محدوداً ومتناسباً، بل غطرسةً عسكرية دمّرت بها جيوشا وبُنى تحتية وقتلت قادة سياسيين وعسكريين في دول ذات سيادة ومكانة إقليمية.
 

لا يوجد دليل أوضح على هذا السلوك من تعاملها مع سورية، فمنذ سنوات، انتهجت إسرائيل سياسة اعتداءات مبرمجة على الدولة السورية، متذرعة بوجود ميليشيات إيرانية وحزب الله، مستهدفة ما تصفه بتمدد «النفوذ الإيراني»، لكنها في حقيقة الأمر لم تكتفِ بتوجيه ضربات محدودة، بل خاضت حرب استنزاف طويلة استهدفت تفكيك البنية التحتية العسكرية واللوجستية لسورية، غير آبهة بحقيقة أن دولة بلا جيش تتحول إلى مصدر فوضى يتهدد الجميع، بما فيهم إسرائيل نفسها.
هذه الاعتداءات الإسرائيلية لم تتوقف مع سقوط النظام، وظهور قيادة جديدة ممثلة بالرئيس أحمد الشرع، الذي حاول طي صفحة الماضي وطرح نفسه رئيساً لكل السوريين، في مسعى لانتزاع اعتراف إقليمي ودولي بشرعيته، غير أن إسرائيل، باستهدافها المنهجي للبنية العسكرية السورية، حطمت أي فرصة أمامه لبناء مؤسسات دولة قوية قادرة على استيعاب التشكيلات العسكرية المنتشرة ذات الطابع المليشياوي، الأمر الذي كرّس استمرار عسكرة المجتمع السوري، خصوصا في ظل وجود أجيال شابة نشأت في أتون الحرب ولم تعرف سوى السلاح والموت.
لم تكتفِ إسرائيل بكل هذا التخريب، بل تعمدت تعميق الجراح السورية أكثر، لتجد في مشاهد الفوضى ضمانة استراتيجية لأمنها القومي، متجاهلة أن أكثر من 70 % من السوريين الذين عايشوا الحرب كانوا أطفالًا أو مراهقين، كبروا اليوم وهم لا يرون أفقًا سوى حمل السلاح، مما ينذر بجولات قادمة من العنف الذي لا يُبقي ولا يذر، وهؤلاء لا يجدوا ضيراً من الاستمرار في القتال لسنوات قادمة ضد أي عدو وإسرائيل في مقدمة هؤلاء الأعداء، لقد عطلت «إسرائيل» محاولة إدماج هؤلاء، لقد عطلت أي محاولة لإدماج هؤلاء الشبان في مشروع دولة حقيقية، وأفشلت كل محاولات بناء أفق اقتصادي واجتماعي يمنحهم سبباً للتخلي عن السلاح.
الأمر لم يقف عند هذا الحد، ففي تطور خطير، أوجدت إسرائيل لنفسها دورًا جديدًا، وهو محاولة التغلغل في الجنوب السوري بذريعة «حماية الأقليات» تحديداً الطائفة الدرزية، رغم أن هذه الأقلية نفسها تعاني من تمييز واضح داخل «إسرائيل»، ومع تصاعد التوتر في السويداء، استغلت خلافات محلية وثارات عشائرية كان من الممكن احتواؤها بوساطات اجتماعية، وحولتها إلى اقتتال دموي يُبقي الجنوب السوري منطقة رخوة خاضعة لتدخلاتها، وفراغاً أمنياً تسيطر عليه، لذلك استهدفت بشكل مباشر القوات السورية التي كانت متجهة إلى الجنوب لفرض الأمن، ما اضطرها إلى الانسحاب، وترك المنطقة مفتوحة أمام الميليشيات للقيام بمجازر دموية.
لكن، وفي غمرة اعتقادها بأنها فرضت قواعد أمنية في الجنوب، اصطدمت بواقع لم يكن في حسبانها، فقد اعتقدت أن «الدين» هو العامل الوحيد القادر على تحشيد السوريين، لكنها فوجئت بأن «العشيرة» و»القبيلة» تملكان ذات التأثير، وربما أكثر، فسرعان ما اندفعت قبائل الجنوب للدفاع عن وجودها، ما أدى إلى انهيار مخططها الذي أراد تحويل السويداء إلى منطقة نفوذ مغلقة أمام الدولة السورية، مما اضطرها إلى طلب وساطة أميركية لإعادة التفاهم مع الحكومة السورية، وجرى التوصل إلى تفاهمات جديدة تتيح عودة الدولة إلى الجنوب بعد سنوات من المنع الإسرائيلي.
إسرائيل، المخدوعة بنشوة التفوق العسكري، تواصل نكأ قروح سورية الجديدة وتغذية الفوضى بحجج لا تنتهي، لكنها تتجاهل دروس التاريخ: القوة الغاشمة قد تربح جولة لكنها لا تبني أمناً حقيقياً ولا تؤسّس لاستقرار دائم، وما تزرعه إسرائيل اليوم في سورية من خراب وفوضى ستدفع ثمنه قبل غيرها، كما سيدفعه السوريون والمنطقة لعقود طويلة قادمة.
© جميع الحقوق محفوظة صحيفة الأنباط 2024
تصميم و تطوير