البث المباشر
"مساواة" تطلق رؤية رقمية لتمكين الحرفيات العربيات من قلب المغرب غرف الصناعة تهنىء بفوز "الصناعة والتجارة والتموين" بجائزة أفضل وزارة عربية المنطقة العسكرية الشمالية تحبط محاولة تسلل على إحدى واجهاتها الحدودية المنطقة العسكرية الجنوبية تحبط محاولة تهريب مواد مخدرة بواسطة طائرة مسيرة الجيش يطبق قواعد الاشتباك ويُحبط محاولة تسلل ندوة في اتحاد الكتّاب الأردنيين تعاين ظاهرة العنف ضد المرأة وتطرح رؤى وسياسات جديدة لحمايتها بيان صادر عن المؤسسة العامة للغذاء والدواء الأرصاد تحذر: تقلبات في الطقس نهاية الأسبوع.. التفاصيل استقرار أسعار الذهب عالميا أجواء لطيفة اليوم وغير مستقرة غدا مؤتمر قادة الشرطة والأمن العرب يدعو إلى تحديث تشريعات مكافحة المخدرات التصنيعية الفيصلي يفوز على الرمثا ويبتعد بصدارة الدرع جريدة الأنباط … ذاكرة وطن وصوت الحقيقة الأرصاد العالمية: العام الماضي كان الأكثر حرارة على الإطلاق في الوطن العربي الاتحاد الأردني للكراتيه يكرّم المهندس أمجد عطية تقديرًا لدعم شركة محمد حسين عطية وشركاه لمسيرة اللعبة جنوب إفريقيا تنظم فعالية للترويج للمجلد الخامس من كتاب "شي جين بينغ: حوكمة الصين" العيسوي ينقل تمنيات الملك وولي العهد للنائب الخلايلة والمهندس الطراونة بالشفاء الشواربة يتسلم جائزة أفضل مدير بلدية في المدن العربية ضمن جائزة التميز الحكومي العربي 2025 شركة زين تطلق دليل إمكانية الوصول الشامل لتهيئة مبانيها ومرافقها للأشخاص ذوي الإعاقة مديرية الأمن العام تطلق خدمة “التدقيق الأمني للمركبات” عبر الرقم الموحد "117111"

الحمار

الحمار
الأنباط -
الحمار

سيف صالح الحموري
في زمنٍ لم يعد فيه شيء طبيعي في قطاع غزة، حتى وسائل النقل باتت تُصارع للبقاء. فحين تُغلق المعابر، وتُقصف الشاحنات، وتُمنع السيارات من الوقود وقطع الغيار، لا يبقى للغزّي سوى أن يعود لما تبقّى من إرث الحياة البدائية… إلى الحمار.
نعم، الحمار. ليست نكتة، ولا مشهدًا من رواية عبثية، بل حقيقة يومية موجعة. هذا الكائن البسيط، الذي كان جزءًا من حياة الفلاحين وأزقة القرى، تحوّل إلى آخر وسيلة نقل في شوارع غزة المدمّرة. ينقل المياه والطعام والناس، يشقّ الطرقات تحت القصف، يحمل الحطب بدل البنزين، ويجرّ العربة في زمن تعطّلت فيه كلّ عربات العالم.
لكن المفارقة التي لا تخطر على عقل، أن الاحتلال الإسرائيلي لم يترك حتى الحمار وشأنه. نعم، حتى هذا الحيوان البسيط أصبح يُعتقل! فقد أفادت وسائل إعلام عبرية بأن سلطات الاحتلال صادرت عددًا من الحمير قرب السياج الحدودي مع غزة، بزعم استخدامها في "مهام عسكرية أو استطلاعية". وكأنّ الحمار بات يشكّل تهديدًا أمنيًا لدولة تمتلك ترسانة نووية!
والأدهى من ذلك، أن من يتحدثون صباح مساء عن حقوق الحيوان، لم يحافظوا على أبسط حقوق الإنسان. يتباكون على قطة تُدهس، ويُغضبهم تقييد كلب في الشارع، لكنهم لا يهتزّون حين يُحاصر شعبٌ بأكمله، ويُجوّع، وتُدفن طفولته تحت الركام.
تخيّل مشهدًا ساخرًا حتى البكاء: جيشٌ مدجّج بالسلاح يعتقل حمارًا ويزجّ به في منشأة عسكرية، لأنه حمل كيس دقيق أو جرّ عربة ماء نحو مخيم!
تحت الاحتلال، كل شيء يتحوّل إلى جريمة: الطفل جريمة، القلم جريمة، الدواء جريمة، والآن… الحمار جريمة. في غزة، لا يُستثنى شيء من العقاب، لا الإنسان، ولا الحيوان.
الحمير، التي لطالما كانت رمزًا للبساطة والصبر في الريف الفلسطيني، صارت اليوم عنوانًا للسخرية السوداء. هي صورة مكثّفة للعقوبة الجماعية التي تطال كل ما يتحرّك، والتي لا تفرّق بين بشرٍ وحيوان.
حين تتحوّل غزة إلى سجن مفتوح، يصبح الحمار مشتبها به، والجَمل مطلوبًا أمنيًا، والدجاجة مراقبة!
لكن الحمير لا تحمل بنادق، بل تحمل الناس. لا تقرأ نشرات الأخبار، لكنها تعرف طريق الفرن والمخبز والمشفى. لا تهتف في المظاهرات، لكنها تسير بصبر في الطرق الوعرة، تحمل الهموم والأثقال بصمت.
وفي غزة… أصبح هذا الصمت، مقاومة.

© جميع الحقوق محفوظة صحيفة الأنباط 2024
تصميم و تطوير