البث المباشر
شي وماكرون يلتقيان الصحافة بشكل مشترك "مساواة" تطلق رؤية رقمية لتمكين الحرفيات العربيات من قلب المغرب غرف الصناعة تهنىء بفوز "الصناعة والتجارة والتموين" بجائزة أفضل وزارة عربية المنطقة العسكرية الشمالية تحبط محاولة تسلل على إحدى واجهاتها الحدودية المنطقة العسكرية الجنوبية تحبط محاولة تهريب مواد مخدرة بواسطة طائرة مسيرة الجيش يطبق قواعد الاشتباك ويُحبط محاولة تسلل ندوة في اتحاد الكتّاب الأردنيين تعاين ظاهرة العنف ضد المرأة وتطرح رؤى وسياسات جديدة لحمايتها بيان صادر عن المؤسسة العامة للغذاء والدواء الأرصاد تحذر: تقلبات في الطقس نهاية الأسبوع.. التفاصيل استقرار أسعار الذهب عالميا أجواء لطيفة اليوم وغير مستقرة غدا مؤتمر قادة الشرطة والأمن العرب يدعو إلى تحديث تشريعات مكافحة المخدرات التصنيعية الفيصلي يفوز على الرمثا ويبتعد بصدارة الدرع جريدة الأنباط … ذاكرة وطن وصوت الحقيقة الأرصاد العالمية: العام الماضي كان الأكثر حرارة على الإطلاق في الوطن العربي الاتحاد الأردني للكراتيه يكرّم المهندس أمجد عطية تقديرًا لدعم شركة محمد حسين عطية وشركاه لمسيرة اللعبة جنوب إفريقيا تنظم فعالية للترويج للمجلد الخامس من كتاب "شي جين بينغ: حوكمة الصين" العيسوي ينقل تمنيات الملك وولي العهد للنائب الخلايلة والمهندس الطراونة بالشفاء الشواربة يتسلم جائزة أفضل مدير بلدية في المدن العربية ضمن جائزة التميز الحكومي العربي 2025 شركة زين تطلق دليل إمكانية الوصول الشامل لتهيئة مبانيها ومرافقها للأشخاص ذوي الإعاقة

ما هي الحوسبة الكمومية بكل بساطة

ما هي الحوسبة الكمومية بكل بساطة
الأنباط -
ما هي الحوسبة الكمومية بكل بساطة
حسام الحوراني خبير الذكاء الاصطناعي والتحول الرقمي
تخيل أنك تعيش في عالم حيث يمكن للعملة أن تكون وجهًا وظهرًا في الوقت نفسه، أو أن شيء معين يستطيع أن يكون في عدة احتمالات في آنٍ واحد!. هذا ليس خيالًا علميًا، بل هو قلب الحوسبة الكمومية ، عالمٌ يخرق منطقنا اليومي، ويعيد تعريف كل ما نعرفه عن الحوسبة والمعالجة والتفكير.
الحوسبة الكمومية ليست مجرد تطوّر في الحواسيب، بل هي ثورة تشبه ما حدث عندما استُبدلت الشموع بالكهرباء، أو الخيول بالسيارات. إنها قفزة عقلية قبل أن تكون قفزة تقنية. في الحاسوب العادي الذي نستخدمه الآن، يتم تمثيل المعلومات عبر "بتات" تأخذ إما القيمة 0 أو 1. كل عملية حسابية، كل صورة تراها على هاتفك، كل أغنية تستمع إليها، تتم معالجتها عبر مليارات من هذه البتات الثنائية. أما في الحوسبة الكمومية، فهناك كائن جديد اسمه "الكيوبت" (Qubit). الكيوبت يمكن أن يكون 0 أو 1 أو كلاهما معًا في حالة تُسمى "التراكب الكمومي”. هذا يعني أن الحاسوب الكمومي يمكنه استكشاف مسارات متعددة في الوقت ذاته، في حين أن الحاسوب التقليدي يسلك مسارًا واحدًا في كل مرة.
لكن هذا ليس كل شيء. هناك ظاهرة أخرى تُسمى "التشابك الكمومي"، حيث يصبح الكيوبتان مرتبطين بطريقة تجعل تغيير أحدهما يؤثر في الآخر فورًا، مهما كانت المسافة بينهما. هذه الظاهرة، التي حيّرت حتى أينشتاين، تُعتبر إحدى الركائز التي تمنح الحوسبة الكمومية قوّتها الخارقة في معالجة المعلومات.
فما النتيجة؟ ببساطة: حواسيب قادرة على حل مشكلات كان يُعتقد أنها ستأخذ ملايين السنين، في ثوان. مثلًا، في تطوير الأدوية، يمكن لحاسوب كمومي أن يُحاكي جزيئات معقّدة بشكل لم يكن ممكنًا من قبل، ما يُسرّع اكتشاف علاجات لأمراض مستعصية. في الأمن السيبراني، يمكن له كسر شيفرات التشفير التقليدية، لكنه أيضًا يمكنه تأسيس شبكات اتصالات لا يمكن اختراقها. في الذكاء الاصطناعي، يمكن أن يُحدث طفرة في فهم الأنماط، وتدريب النماذج بسرعة لا تُصدق.
لكن قبل أن نخاف أو نفرط في الحماس، علينا أن نفهم أن هذه التقنية ما زالت في مراحلها الاولى وتحت الاختبار. حواسيب كمومية حقيقية موجودة اليوم، لكنها تحتاج إلى تبريد لدرجات قريبة من الصفر المطلق، في ظروف معقّدة وغالية الثمن. هناك تحديات هائلة في استقرار الكيوبتات، في تصحيح الأخطاء، في تحجيم الأنظمة. إنها كما كانت الحواسيب في خمسينات القرن الماضي: ضخمة، مكلفة، وبحاجة إلى عقود لتصبح شائعة.
لكن اللحظة التاريخية تقترب. كل شركات التكنولوجيا الكبرى مثل غوغل، آي بي إم، مايكروسوفت، أمازون وشركات صينية تتسابق لتطوير حواسيب كمومية أكثر استقرارًا وأقل تكلفة. دول مثل الصين والولايات المتحدة تستثمر مليارات الدولارات. ونحن، في الوطن العربي، لا يجب أن نبقى متفرجين. فهذه ليست مجرد تقنية، بل لغة المستقبل، وأداة ستغيّر كل القطاعات: من الاقتصاد إلى الطاقة، من البيئة إلى الدفاع، من الطب إلى الذكاء الاصطناعي.
السؤال الآن ليس فقط ما هي الحوسبة الكمومية، بل: هل نحن مستعدون لها؟ هل نجهّز أبناءنا لفهمها؟ هل نستثمر في تعليم الفيزياء وعلوم الحاسوب ورياضيات الكم؟ هل نُشعل فضول شبابنا، ليقرأوا عنها، ويتعلموها، ويصبحوا جزءًا من هذه الثورة؟
الحوسبة الكمومية ليست حكرًا على العلماء في مختبرات الغرب. إنها فكرة تبدأ من كتاب، من فيديو، من فضول في عقل شاب عربي قرر أن يفهم، أن يسأل، أن لا يكتفي بما هو موجود. إنها فرصة لنا لنكون جزءًا من المستقبل، لا مجرد مستهلكين له. وإذا كنا نبحث عن المعجزة التي تنهض بأوطاننا، فقد تكون كيوبتًا... صغيرًا، غير مرئي، لكنه يحمل بداخله قفزة هائلة في الزمن والإمكانات.
لذا، إن كنت تسمع بهذه التقنية للمرة الأولى، فابدأ من هنا. اقرأ، تعلّم، اسأل. فالذين سيقودون الغد، هم من قرروا أن يفهموا اليوم.
© جميع الحقوق محفوظة صحيفة الأنباط 2024
تصميم و تطوير