البث المباشر
الدفء القاتل: حين تتحول المدافئ في الأردن من وسيلة نجاة إلى حكم إعدام صامت راصد: موازنة 2026 أقرت بنسبة 62٪ من إجمالي النواب اتفاقية تعاون بين " صاحبات الأعمال والمهن" والوكالة الألمانية للتعاون الدولي ألحان ياسر بوعلي ترافق ثامر التركي في وداع ٢٠٢٥ اللسانيات وتحليل الخطاب عمان الأهلية تشارك بمؤتمر الجمعية الأمريكية للنطق واللغة والسمع السفارة القطرية في الأردن تحتفل بالعيد الوطني.. وآل ثاني يؤكد العلاقات التاريخية مع الأردن المنتخب الأردني… طموح وطني وحضور مشرف في المحافل الدولية الكلالدة يحاضر بالأردنية للعلوم والثقافة حول مدينة عمرة من منظور فني شامل. المياه : اتفاقية لاعادة تأهيل محطة تحلية ابار أبو الزيغان بقيمة 36 مليون دولار البلقاء التطبيقية تؤكد ريادتها في التحول الرقمي عبر إطلاق مشروع الفضاء الرقمي الابتكاري الأردن نائبا لرئيس المكتب التنفيذي لمجلس وزراء الإسكان والتعمير العرب CFI الأردن تحتفي مع الشركاء والإعلاميين بعام من التوسع والإنجازات في فعالية "رواد النجاح" جورامكو تحقق المركز الأول في "جائزة الحسين بن عبدالله الثاني للعمل التطوعي" عن مبادرتها "شجرة لكل طائرة" الأمم المتحدة تدعو لزيادة دعم الدول المضيفة للاجئين الجغبير: القطاع الصناعي يبارك تأهل منتخب النشامى لنهائي كأس العرب إنجاز للخوالدة في بريطانيا: Umniah by Beyon Recognized for Advancing Women’s Employment at the 2025 WEPs Awards رئيس الوزراء يتفقد عدداً من المواقع في عين الباشا والبقعة وصافوط وأم الدنانير الجنائية الدولية ترفض وقف التحقيق بجرائم إسرائيل في غزة

ما هي الحوسبة الكمومية بكل بساطة

ما هي الحوسبة الكمومية بكل بساطة
الأنباط -
ما هي الحوسبة الكمومية بكل بساطة
حسام الحوراني خبير الذكاء الاصطناعي والتحول الرقمي
تخيل أنك تعيش في عالم حيث يمكن للعملة أن تكون وجهًا وظهرًا في الوقت نفسه، أو أن شيء معين يستطيع أن يكون في عدة احتمالات في آنٍ واحد!. هذا ليس خيالًا علميًا، بل هو قلب الحوسبة الكمومية ، عالمٌ يخرق منطقنا اليومي، ويعيد تعريف كل ما نعرفه عن الحوسبة والمعالجة والتفكير.
الحوسبة الكمومية ليست مجرد تطوّر في الحواسيب، بل هي ثورة تشبه ما حدث عندما استُبدلت الشموع بالكهرباء، أو الخيول بالسيارات. إنها قفزة عقلية قبل أن تكون قفزة تقنية. في الحاسوب العادي الذي نستخدمه الآن، يتم تمثيل المعلومات عبر "بتات" تأخذ إما القيمة 0 أو 1. كل عملية حسابية، كل صورة تراها على هاتفك، كل أغنية تستمع إليها، تتم معالجتها عبر مليارات من هذه البتات الثنائية. أما في الحوسبة الكمومية، فهناك كائن جديد اسمه "الكيوبت" (Qubit). الكيوبت يمكن أن يكون 0 أو 1 أو كلاهما معًا في حالة تُسمى "التراكب الكمومي”. هذا يعني أن الحاسوب الكمومي يمكنه استكشاف مسارات متعددة في الوقت ذاته، في حين أن الحاسوب التقليدي يسلك مسارًا واحدًا في كل مرة.
لكن هذا ليس كل شيء. هناك ظاهرة أخرى تُسمى "التشابك الكمومي"، حيث يصبح الكيوبتان مرتبطين بطريقة تجعل تغيير أحدهما يؤثر في الآخر فورًا، مهما كانت المسافة بينهما. هذه الظاهرة، التي حيّرت حتى أينشتاين، تُعتبر إحدى الركائز التي تمنح الحوسبة الكمومية قوّتها الخارقة في معالجة المعلومات.
فما النتيجة؟ ببساطة: حواسيب قادرة على حل مشكلات كان يُعتقد أنها ستأخذ ملايين السنين، في ثوان. مثلًا، في تطوير الأدوية، يمكن لحاسوب كمومي أن يُحاكي جزيئات معقّدة بشكل لم يكن ممكنًا من قبل، ما يُسرّع اكتشاف علاجات لأمراض مستعصية. في الأمن السيبراني، يمكن له كسر شيفرات التشفير التقليدية، لكنه أيضًا يمكنه تأسيس شبكات اتصالات لا يمكن اختراقها. في الذكاء الاصطناعي، يمكن أن يُحدث طفرة في فهم الأنماط، وتدريب النماذج بسرعة لا تُصدق.
لكن قبل أن نخاف أو نفرط في الحماس، علينا أن نفهم أن هذه التقنية ما زالت في مراحلها الاولى وتحت الاختبار. حواسيب كمومية حقيقية موجودة اليوم، لكنها تحتاج إلى تبريد لدرجات قريبة من الصفر المطلق، في ظروف معقّدة وغالية الثمن. هناك تحديات هائلة في استقرار الكيوبتات، في تصحيح الأخطاء، في تحجيم الأنظمة. إنها كما كانت الحواسيب في خمسينات القرن الماضي: ضخمة، مكلفة، وبحاجة إلى عقود لتصبح شائعة.
لكن اللحظة التاريخية تقترب. كل شركات التكنولوجيا الكبرى مثل غوغل، آي بي إم، مايكروسوفت، أمازون وشركات صينية تتسابق لتطوير حواسيب كمومية أكثر استقرارًا وأقل تكلفة. دول مثل الصين والولايات المتحدة تستثمر مليارات الدولارات. ونحن، في الوطن العربي، لا يجب أن نبقى متفرجين. فهذه ليست مجرد تقنية، بل لغة المستقبل، وأداة ستغيّر كل القطاعات: من الاقتصاد إلى الطاقة، من البيئة إلى الدفاع، من الطب إلى الذكاء الاصطناعي.
السؤال الآن ليس فقط ما هي الحوسبة الكمومية، بل: هل نحن مستعدون لها؟ هل نجهّز أبناءنا لفهمها؟ هل نستثمر في تعليم الفيزياء وعلوم الحاسوب ورياضيات الكم؟ هل نُشعل فضول شبابنا، ليقرأوا عنها، ويتعلموها، ويصبحوا جزءًا من هذه الثورة؟
الحوسبة الكمومية ليست حكرًا على العلماء في مختبرات الغرب. إنها فكرة تبدأ من كتاب، من فيديو، من فضول في عقل شاب عربي قرر أن يفهم، أن يسأل، أن لا يكتفي بما هو موجود. إنها فرصة لنا لنكون جزءًا من المستقبل، لا مجرد مستهلكين له. وإذا كنا نبحث عن المعجزة التي تنهض بأوطاننا، فقد تكون كيوبتًا... صغيرًا، غير مرئي، لكنه يحمل بداخله قفزة هائلة في الزمن والإمكانات.
لذا، إن كنت تسمع بهذه التقنية للمرة الأولى، فابدأ من هنا. اقرأ، تعلّم، اسأل. فالذين سيقودون الغد، هم من قرروا أن يفهموا اليوم.
© جميع الحقوق محفوظة صحيفة الأنباط 2024
تصميم و تطوير