الفجوة بين مخرجات التعليم وحاجات السوق.. تحديات تنتظر الحلول
تاريخ النشر :
الخميس - am 12:22 | 2025-04-24
الأنباط -
عبيدات: تطوير المناهج وطرق التدريس لمواكبة سوق العمل
أبو نجمة: ضرورة أن تكون الجامعات حاضنة حقيقية للمهارات التي يحتاجها الاقتصاد الوطني
الأنباط – شذى حتاملة
بعد فرحة التخرج التي طالما حلم فيها الطالب وانتظرها بفارغ الصبر، يصطدم الخريج بواقع سوق العمل، الذي يتطلب خبرات عملية ومهارات تقنية وأساسية غالبًا ما يفتقدها الخريجون، فاليوم أصبح لزامًا على الخريجين التسلح بالمهارات العملية والأدوات التي تساعدهم للتميز في بيئة العمل.
الفجوة بين المناهج التعليمية في الجامعات وحاجة سوق العمل معضلة متجددة لم يوضع لها حل جذري حتى الآن، فما زالت الغالبية العظمى من الخريجين الجدد في الأردن يفتقرون إلى المهارات المطلوبة من قبل أصحاب العمل.
ويشير خبراء تربويون ومهنيون إلى أن نقص الخبرة العملية عند الخريجين ترجع إلى طبيعة المناهج التعليمية في المدارس والجامعات، والتي تركز بشكل كبير على الجانب النظري وتهمل الجانب التطبيقي والعملي، داعين إلى تطوير برامج التدريب أثناء الدراسة بما يتيح للطلبة فرصة اكتساب المهارات من بيئة العمل قبل التخرج، وتشجيع انخراط الطلبة بالتعليم المهني والتقني.
وقال الخبير التربوي الدكتور ذوقان عبيدات إن سوق العمل يشهد تغيّرًا مستمرًا، والجامعات ليست مؤسسات توظيف أو شركات تعِد الخريجين مباشرةً لسوق العمل، بل إن دورها الأساسي يتمثل في تزويد الطلبة بمهارات الحياة، مثل إدارة الذات، والتخطيط للمستقبل، وبناء المشاريع الخاصة، والتواصل الفعّال، والعمل ضمن فرق، مشيرًا إلى أن امتلاك الخريج لهذه المهارات يمكنه من تصميم مساره المهني الخاص ،لكن المشكلة، كما يرى، تكمن في أن غالبية الخريجين يفتقرون إلى الكفاءة العملية التي يتطلبها سوق العمل، والذي يركز بشكل كبير على الخبرات العملية.
وأضاف عبيدات أن على الطالب البدء بإعداد نفسه لسوق العمل منذ السنة الجامعية الأولى، من خلال الانخراط في تجارب عملية تمكنه من اكتساب المهارات اللازمة، لافتًا إلى أن المناهج المدرسية والجامعية لا تزال تقليدية، حيث تركز على المعلومات أكثر من المهارات، كما أن الجانب العملي والتأهيل المهني لا يحظى بالاهتمام الكافي، إذ أن كثيرًا من المعلمين، سواء في المدارس أو الجامعات، يفتقرون إلى مهارات التعليم الحديثة، داعيًا إلى ضرورة تطوير المناهج وطرق التدريس بما يواكب متطلبات العصر وسوق العمل.
في السياق ذاته، شدد رئيس مركز بيت العمال، المحامي حمادة أبو نجمة، على أن الغالبية العظمى من الخريجين الجدد في الأردن يفتقرون إلى المهارات المطلوبة من قبل أصحاب العمل، سواء كانت مهارات تقنية أو سلوكية، موضحًا أن هناك فجوة واضحة ومتزايدة بين ما تقدمه الجامعات من مخرجات تعليمية وبين احتياجات سوق العمل، وهي فجوة مرشحة للاتساع ما لم يتم التعامل معها بأسلوب منهجي ومدروس، فالتعليم الجامعي في الأردن لا يزال يركز بشكل كبير على الجوانب النظرية، مبتعدًا عن الواقع العملي ومتطلبات سوق العمل، الأمر الذي ينعكس سلبًا على جاهزية الخريجين، حيث يجد الكثير منهم أنفسهم غير مؤهلين بشكل كافٍ للاندماج الفوري والفعّال في سوق العمل.
وفيما يتعلق بأبرز الشكاوى التي يعبر عنها أصحاب العمل، أوضح أبو نجمة أنها تتمثل بضعف الكفاءة العملية لدى الخريجين، لا سيما في التخصصات التي تتطلب مهارات تطبيقية وميدانية، والعديد من أصحاب العمل يشتكون من أن الخريجين لا يمتلكون المهارات الأساسية في استخدام التكنولوجيا ولا يتقنون اللغات الأجنبية، وعلى وجه الخصوص اللغة الإنجليزية، التي باتت ضرورة في كثير من المجالات، كما نبه إلى غياب المهارات الناعمة مثل القدرة على التواصل والعمل الجماعي، وحل المشكلات، إلى جانب غياب الثقافة المؤسسية، وعدم القدرة على التكيف مع بيئة العمل، وهذه الملاحظات تتكرر بشكل واسع بين أصحاب العمل في مختلف القطاعات، ما يعكس وجود خلل واضح في منظومة التعليم العالي بحاجة إلى مراجعة جذرية وشاملة.
وأشار إلى المقترحات التي من شأنها سد هذه الفجوة المتزايدة ووضع خطط جادة ومتكاملة تدمج التعليم بسوق العمل، وتعزيز التعليم التطبيقي وربط المناهج الجامعية بالتدريب العملي في المؤسسات الإنتاجية إلى جانب تطوير برامج التدريب أثناء الدراسة بما يتيح للطلبة فرصة اكتساب المهارات من بيئة العمل قبل التخرج، مضيفًا أنه من الضروري إشراك القطاع الخاص في صياغة المناهج وتقييمها بشكل دوري يمثل خطوة ضرورية لضمان توافق محتوى التعليم مع متطلبات السوق.
وأكد أبو نجمة ضرورة التوسع في التعليم المهني والتقني وتحفيز الطلبة على الانخراط فيه من خلال تجميل صورته المجتمعية وتوفير فرص حقيقية للتطور المهني، فتقليص الفجوة بين التعليم وسوق العمل لا يمكن أن يتم من خلال سياسات قصيرة الأمد بل يحتاج إلى رؤية وطنية شاملة تتعاون فيها الجامعات والحكومة وأرباب العمل بشكل مستدام، موضحًا أن طبيعة العلاقة الحالية بين الجامعات وسوق العمل لا تزال دون المستوى المطلوب، صحيح أن هناك بعض المبادرات والشراكات المحدودة إلا أنها غالبًا ما تكون فردية أو تجريبية ولا تعكس إطارًا مؤسسيًا حقيقيًا، ولا تزال المناهج تصاغ دون مشاركة فعلية من ممثلي القطاعات الاقتصادية المختلفة.
ولفت إلى أن غياب الآليات الدائمة للتشاور والتنسيق تعتبر أحد الأسباب التي تبقي هذه الفجوة قائمة، مشددًا على ضرورة بناء شراكة مؤسسية قائمة على الثقة والتخطيط المشترك تمكن من تحديث المناهج بشكل دوري وتضمن أن تكون الجامعات حاضنة حقيقية للمهارات التي يحتاجها الاقتصاد الوطني.