عايش: إنشاء مترو في عمان أصبح حاجة ملحة
مجاهد: مشروع سكة الحديد نقلة نوعية في قطاع النقل
الأنباط – يارا بادوسي
تعزيزًا لسلاسل التوريد وتخفيفًا للاختناقات المرورية وتقليصًا لكلفة أزمات المرور، كلها فوائد حقيقية لبناءِ شبكة سكك حديدية مُتكاملة في المملكة، يدعو خبراء لضرورةِ الإسراع في تنفيذها لما تمثله من فرصة اقتصادية واجتماعية.
ففي ظلِّ الحاجة لخفض تكاليف النقل وتحفيز الاستثمار وتطوير البنى التحتية، يرى خبراء اقتصاديون ومسؤولون سابقون أنَّ مشروع سكة الحديد مع دولة الإمارات العربية المتحدة لربط ميناء العقبة بمناطق التعدين في الشيدية وغور الصافي، يُشكل فرصة كبيرة لدفع عجلة النمو الاقتصادي وخلق فرص عمل جديدة. ويهيئ الطريق لفتحِ آفاقٍ للتوسع المستقبلي في مشاريع النقل الداخلي، خاصة مع الدعوات لإنشاء شبكة مترو في عمان للتعامل مع الازدحامات المرورية المتزايدة.
وكان الأردن والإمارات قد وقَّعا في أيلول الماضي أربع اتفاقيَّات لإنشاء مشروع استثماري للسكك الحديديَّة، بقيمة 2.3 مليار دولار لربطِ ميناء العقبة بمناطق التعدين في الشيدية وغور الصافي، على أن يبدأ التشغيل الفعلي لسكّة الحديد في 2030.
ويأتي هذا المشروع في إطار حزمة المشاريع الاستثمارية التي وقعها الأردن مع الجانب الإماراتي بحضور جلالة الملك عبد الله والرئيس الإماراتي الشيخ محمد بن زايد آل نهيان نهاية العام الماضي 2023، التي قيمتها قرابة 5.5 مليار دولار.
وبيَّن الخبير الاقتصادي حسام عايش أن مشروع السكك الحديديَّة الأردنية بين الأردن والإمارات بحجم استثماري يبلغ 2.3 مليار دولار تقريبًا والذي أعلن عنه سابقًا، يمثل خطوة استراتيجية نحو تعزيز القدرات اللوجستية الأردنية وتطوير شبكة نقل حديثة تربط الأردن إقليميًا وعالميًا.
وأوضح أن المشروع سيساهم في تسهيلِ حركة البضائع مثل الفوسفات والبوتاس والأسمدة، من مواقع الإنتاج إلى مراكزِ التصدير والاستهلاك، ما سيُؤدي إلى خفض تكاليف النقل وزيادة الكفاءة التشغيلية.
وأشار إلى أن هذه الشبكة ستكون جزءًا من ممرٍ اقتصادي عالمي تم الاتفاق عليه خلال قمة العشرين في الهند العام الماضي، والذي يربط الهند بدول الخليج العربي عبر الإمارات والسعودية، ومن ثم بالأردن وصولاً إلى أوروبا
وأكدَّ أنَّ هذا المشروع سيُعزز مكانة الأردن كمحور لوجستي إقليمي، خاصة في ظل الخطط الإقليمية لإنشاء شبكات سكك حديدية تربط العراق بتركيا ودول الخليج، ما يفتح آفاقًا جديدة للتجارة والنقل عبر المنطقة، مضيفًا أن الأردن سيكون جزءًا من شبكة نقل متكاملة تدعم حركة البضائع وسلاسل الإمداد محليًا ودوليًا ويوفر فرصًا اقتصادية كبيرة ويساهم في جذب الاستثمارات.
ونوه إلى ضرورة استكمال المشروع من خلال تطوير شبكة سكك حديديَّة داخلية تربط المُدن الأردنية، بما يسهم في حل مشكلة النقل وتخفيف الازدحامات المرورية خاصة في عمان حيث تقدر تكاليف أزمات السير بنحو 1.5 مليار دينار سنويًا، وفق البنك الدولي.
وأضاف أن التفكير في إنشاء شبكة مترو في عمّان أصبح حاجة ملحة لتخفيف الضغط المروري وتقليل التكاليف الاقتصادية الناجمة عن الازدحام.
وشدد على أن مشروع السكك الحديديّة سيُمثل نقلة نوعية في إدارة سلاسل الإمداد، وسيقلل من تكاليف النقل ما يتيح نقل كميات أكبر من المعادن والموارد الطبيعية.
وأشار إلى أنه سيعزز الربط بين المناطق الأردنية ويسهم في دعمِ القطاعات الصناعية والزراعية والسياحية، فضلاً عن خلق فرص عمل جديدة وتطوير الصناعات والخدمات المرتبطة بقطاع النقل.
وأوضح أن توسعة شبكة السكك الحديديَّة سيدعم الاستثمار الأمثل للمساحات، ويسهل دمج التجمعات السكانية ويعزز النشاط الاقتصادي في مختلفِ المناطق، ما ينعكس إيجابًا على الناتج المحلي الإجمالي ويعزز النمو الاقتصادي.
وأكد أن تطوير قطاع النقل السككي في الأردن يجب أن يكون جزءًا من رؤية اقتصادية شاملة تشمل ربط المناطق المختلفة بشبكة حديثة تُسهل التنقل الداخلي وتدعم الصناعات والسياحة والتعليم، داعيًا إلى الاستفادة من المشروع لتطوير قطاع لوجستي متقدم يوفر وظائف جديدة ويعزز الخبرات المحلية ويدفع بعجلة النمو الاقتصادي إلى الأمام.
من جهته، أوضح وزير النقل السابق المهندس جميل مجاهد، أن التشغيل الفعلي لمشروع السكك الحديدية الأردنية من المتوقع أن يبدأ في عام 2030، مشيرًا إلى أن طرح عطاءات التنفيذ للأعمال الإنشائية سيتم مطلع عام 2026.
وأضاف أنه من المفترض أن يكون عام 2025 حاسمًا حيث يتعين الانتهاء من الدراسات الفنية والبيئية بشكل كامل، إلى جانب تحديد المسارات النهائية ووضع خطة تنفيذية واضحة تشمل مراحل التصميم والبناء وصولاً إلى التشغيل.
وأكد مجاهد أن المشروع يعتبر نقطة تحول في قطاع النقل الأردني كونه سيفتح المجال لمشاريع سكك حديديَّة أخرى في المستقبل، إضافة إلى ربطه بالشبكة الوطنية للسكك الحديدية، مشيرًا إلى أنه سيسهم في تخفيض تكاليف النقل وتقليل الضغط على شبكةِ الطرق فضلاً عن زيادة كفاءة النقل وتوفير فرص عمل جديدة، لا سيما في قطاعي النقل واللوجستيات.
وبين أن المشروع سيخلق فرصًا استثمارية جديدة من خلال تنمية المناطق المُحيطة بشبكة السكك الحديدية، ما يُعزز النشاط الاقتصادي ويحفز الاستثمار في قطاعاتٍ متعددة مرتبطة بالنقل والتخزين والخدمات اللوجستية.
وتحدث مجاهد عن أبرز التحديات التي قد تواجه تنفيذ المشروع، قائلاً إن استكمال الدراسات الفنية وتحديد المسارات النهائية يمثل أحد أهم هذه التحديات نظرًا لمرور الخطوط المقترحة بمناطق جغرافية تتطلب أعمالاً إنشائية صعبة، وتابع أن بعض المسارات قد تستدعي استملاكات للأراضي،رغم أن معظمها مملوكة للخزينة وهو ما يستوجب إجراءات سريعة لضمان عدم تأخير المشروع.
ولفت إلى أن نجاح المشروع يتطلب تطوير البنية التحتية في ميناء العقبة، وتحديث شبكة الطرق المؤدية إلى محطات التحميل والتفريغ، إلى جانب إنشاء مراكز لوجستية ومحطات للتخزين على طول مسارات المشروع.
وشدد مجاهد على أهمية التخطيط الدقيق لضمان تنفيذ المشروع ضمن الجدول الزمني المحدد، مؤكدًا أن الالتزام بالمواعيد يعد ضروريًا للاستفادة القصوى من هذا المشروع الذي سيعزز موقع الأردن كمركز لوجستي إقليمي ويدعم التنمية الاقتصادية من خلال تحسين كفاءة النقل وخفض التكاليف.
وأكد ضرورة التفكير في مشاريع نقل مستقبلية موازية، مثل تطوير شبكة نقل داخلية تربط المدن الأردنية، مشددًا على أنَّ الاستثمار في قطاعِ النقل السككي سيكون له مردود اقتصادي واجتماعي كبير..