خبيرة تحذر من عواقب اضطراب النوم 7 عادات تحسن صحة الأمعاء والدماغ فوائد مذهلة لتناول الطماطم لصحة الرجل اتباع نظام نباتي لـ8 أسابيع يؤخر الشيخوخة أدوية لا ينبغي تناولها مع القهوة أبدا رقم صادم .. عدد الجرذان في باريس ضعف عدد السكان "ستصبح رئيسا".. تقرير يستعرض تجربة جي دي فانس في حرب العراق وكيف غيرته؟ مصر.. إيقاف 4 محاميات بعد "معركة السلاح الأبيض" في محكمة بسبب "الدونر كباب".. "مواجهة دبلوماسية" بين تركيا وألمانيا العين المهندس عبد الحكيم الهندي يكتب : الانتخابات النيابية المقبلة .. ثقة كبيرة بمستقبل رافعته "تحديث سياسي" وضامنه "ملك" المرأة في القطاع الخاص.. احصائيات وارقام تكشف واقعها تتويج اللبنانية ندى كوسا ملكة جمال لبنان لعام 2024 219 وفاة تسببت بها حوادث الدهس في العام 2023 مهرجان جرش 2024: عروض فنية وطنية وعالمية وسط أجواء تضامنية اتفاقيات تعاون بين سلطة العقبة ومؤسسات القطاع الخاص في المحافظة الرفاعي: التخليص على 1300 رأس قاطرة من حرة الزرقاء خلال 8 شهور القوات المسلحة تشيع جثمان الشهيد الرقيب أسامة الخوالدة 264 مليون دينار إجمالي أرباح "الفوسفات" قبل الضريبة للنصف الأول إبراهيم أبو حويله يكتب :المعرفة المتساوية .. البلقاء التطبيقية تنظم ملتقى الفنون للجامعات الأردنية للرسم الحر
تقارير الأنباط

المرأة في القطاع الخاص.. احصائيات وارقام تكشف واقعها

{clean_title}
الأنباط -

تحديات تعيق تقدمها وتكرس الهوة بين الجنسين وحواجز تحول دون تحقيق العدالة

  

حدادين: العاملة محمية بموجب قانون العمل لكن التقصير في التطبيق

ابونجمة:الاستغلال الاقتصادي ظاهرة قائمةومطلوب تنظيم حملات توعية

المومني:التعليم والصحة اكثر القطاعات تمييزا بين الجنسين 

الزيود: وزارة العمل تحرص على تعزيز مشاركة المراة بسوق العمل


الانباط - خليل النظامي ونينوى العمري وداليا الزيود

 

تروي (سناء) قصة رحلة العمل خاصتها، التي بدأت بتوصية من الدكتور المشرف عليها أثناء فترة تدريبها، وبعد أن حصلت على الوظيفة وتولت مهام شاغر مديرة مكتب في إحدى الشركات التي تقدم خدمات إلكترونية، وجدت نفسها في وضع مهني غير مستقر.

وبـ الرغم من قصر المسافة بين منزلها ومكان عملها، والتي لا تتجاوز ربع ساعة، إلا أن (سناء) تعاني من غياب معظم الضمانات الوظيفية، وتؤكد أنها لم توقع عقد عمل رسمي في عملها، وتتلقى راتبها بشكل نقدي نهاية كل شهر والبالغ قيمته 300 دينار دون مستندات تثبت صرف الراتب في مؤسستها، اضافة الى أن صاحب العمل لم يشركها في الضمان الإجتماعي ولم يغطها كـ موظفة في التأمين الصحي.

الأمر الأكثر إثارة للقلق في ما كشفته (سناء) ؛ تعرض الموظفة التي سبقتها في الشاغر الذي تولت إدارته للتحرش من قبل صاحب العمل نفسه، مشيرة الى أن صاحب العمل لديه سوابق في التحرش بموظفات أخريات، وأن الكثير من الموظفات اللواتي سبق لهن العمل، فضلن التغاضي عن الأمر والخروج من العمل بدلاً من مواجهته.

تقول لـ "الأنباط": أشعر بالخوف على مستقبلي الوظيفي، ولا أعرف متى قد أتوقف عن العمل في أي لحظة، معللة ذلك لـ غياب حقوقها الوظيفية المتمثلة بـ العقد الرسمي والضمانات الاجتماعية والصحية، الأمر الذي يجعلها عرضة للاستغلال في أي وقت.

 

راتب متأخر وتحرش.. ثمن الحلم بوظيفة مستقرة

 

هكذا بدأت (دلال) حديثها، وهي تتذكر يومها الأول في الشركة الإعلامية التي لطالما حلمت بالعمل بها، بعد فترة تدريب مكثفة، ووعود بتطوير مهاراتها، تم تعيينها كموظفة إدارية، إلاّ أن الفرحة لم تدم طويلاً، فسرعان ما تحولت إلى قلق وألم.

تقول لـ " الأنباط "، أن العقد غير محدد المدة، وراتبي 300 دينار فقط ويتأخر دائماً، فضلا عن الرحلة الشاقة التي تستمر لـ أكثر من ساعتين يوميا ذهابا وإيابا من البيت لـ الدوام وبالعكس، علاوة على المهام الإضافية التي تُطلب منها خارج أوقات الدوام الرسمي، وجميعها عوامل تجعلها تشعر بـ أنها مستنزفة.

وتضيف في روايتها بصيغة "الحسرة"، أن الأمر الأكثر إيلاماً يتمثل بـ تعرضها للتحرش اللفظي من قبل بعض الزملاء الذكور، ولا تملك سوى التجاهل ردة فعلها الوحيدة، مؤكدة أن المؤسسة التي تعمل بها لا توفر بيئة عمل آمنة، ولا تحمي الموظفات من مثل هذه التصرفات".

وتتساءل وهي تتنهد في حديثها،200 موظف أغلبهم من الذكور، وبيئة عمل غير مهيئة، هل هذه هي الصورة التي نريدها للمرأة العاملة في مجتمعنا؟ وتتساءل عن حقوقها كـ موظفة، وكيف يمكنها أن تحمي نفسها من الاستغلال والتحرش.

 

بين أحلام العمل والواقع المرير

 

وتواجه المرأة العاملة في الأردن تحديات جمة تعيق تقدمها المهني وتكرس الهوة بين الجنسين في سوق العمل، فبين القيود الاجتماعية والعادات والتقاليد الراسخة، تتشابك معوقات قانونية وإدارية، وتشكل سلسلة من الحواجز تحول دون تحقيق العدالة، وفي ظل هذه الظروف، تظل المرأة عرضة للاتهامات التي تستهدف كفاءتها وقدراتها، مما يزيد من تعقيد وضعها.

الى ذلك،وتعليقاً على أحدث إصدار للبنك الدولي من تقرير المرصد الاقتصادي للأردن خريف 2023 - بعنوان: "بناء النجاح وكسر الحواجز: إطلاق القوة الاقتصادية للمرأة في الأردن"، قال المدير الإقليمي لدائرة المشرق في البنك الدولي"جان كاريه" : "من الضروري اتباع نهج شامل متعدد القطاعات لتسهيل دخول المرأة سوق العمل وبقائها فيه، ويشمل ذلك تهيئة بيئة تشريعية ممكنة ووضع سياسيات داعمة، والاستثمار في التعليم والمهارات التي تراعي احتياجات سوق العمل، وتحسين سبل الحصول على خدمات جيدة لرعاية الطفل وشبكات نقل ومواصلات آمنة، وتوسيع نطاق الحصول على التمويل وممارسة ريادة الأعمال، وتناول الأعراف والتقاليد المتعلقة بعمل المرأة، مؤكدا إن البنك الدولي ملتزم بدعم جهود الأردن لإطلاق الإمكانات الاقتصادية للمرأة بما يتماشى مع رؤية التحديث الاقتصادي 2033.

معدو التقرير أجروا إستفتاء رقميا بهدف قياس درجة تحقق حصول النسوة العاملات في مؤسسات القطاع الخاص في سوق العمل الأردني على حقوقهن الوظيفية وبيئة عمل مناسبة، من خلال استبانة رقمية تم توزيعها بطريقة قصدية على عينة بلغ تعدادها (70) من العاملات باستخدام تطبيق "الواتس اب"، وشبكة منصات التواصل الاجتماعي، وتضمنت الإستبانة محاور عدة متعلقة بـ بيئة العمل، ومستوى الأجور، ودرجة التحرش الجنسي، ونسبة إشراك العاملات في الضمان الاجتماعي والتأمين الصحي للعاملات من قبل صاحب العمل، فضلا عن بعد وقرب المسافة والعمل خاج أوقات الدوام الرسمي وطبيعة عمل المؤسسة.

 

وخلصت نتائج الاستبانة الى أن الحالة الإجتماعية لـ العاملات عينة البحث بلغت 39% من المتزوجات، و12% من المطلقات، و47% حالتها الاجتماعية عزباء، وحول محور الحصول على فرصة العمل بلغت نسبة الحصول على العمل من قبل الاصدقاء والأقارب 38%، وعن طريق تقديم طلب توظيف 33%، اضافة الى 18% عروض قدمت للنساء من أصحاب وأرباب العمل.


وتفسر النتائج أن غالبية العاملات من فئة المتزوجات، يليهن العازبات ثم المطلقات، وهذا يؤكد أن الزواج لا يعيق الأردنية عن العمل، لكنه قد يؤثر على نوعية الوظائف التي تتقدم لها.

وكشفت نتائج الاستبانة الرقمية، أن 87% من العاملات في القطاع الخاص وقعن عقودا رسمية مع أصحاب العمل، فيما جاءت نسبة اللواتي لم يوقعن عقود رسمية 13%، اضافة الى أن نسبة إشراكهن في الضمان الاجتماعي بلغت 77%، و23% ممن لم يتم اشراكهن في الضمان الاجتماعي، أما فيما يتعلق بمحور التأمين الصحي، فقد كشفت نتائج الاستبانة أن 46% لم يحصلن على تأمين صحي في المؤسسات التي يعملن بها، بمقابل 54% يتمتعن بـ تأمين صحي.

 

وتفسر هذه النتائج أنها إنعكاس واضح لـ تحسن أوضاع العاملات في سوق العمل الأردني خاصة في القطاع الخاص، وأن النسبة الأكبر منهن لديهن عقود عمل رسمية ومسجلة، ومع ذلك ما تزال هناك نسبة ليست بالقليلة لا يحظين بهذه الحقوق، الأمر الذي يستدعي مزيدا من الرقابة وتدخل الجهات المعنية.

الى ذلك، تفسر النتائج أن نسبة كبيرة من العاملات لا يحصلن على تأمين صحي من المؤسسات التي يعملن بها، ما يضعف قدرتهن على الحصول على الرعاية الصحية اللازمة، وهذا الأمر يتطلب من الحكومة والشركات الخاصة بذل المزيد من الجهود لتوفير التأمين الصحي للعاملين.

أما محور الأجور، فقد أظهرت نتائج الاستبانة أن 88% من العاملات في مؤسسات القطاع الخاص رواتبهن أكثر من 260 دينار، فيما جاءت نسبة اللواتي كانت رواتبهن أقل من 260 دينار 21%، اضافة الى أن معدل الرواتب الي تستحق في موعدها بلغ 72%، وبلغت الرواتب التي تستحق بشكل متقطع 28%، وحول محور تكليف العاملات بأعمال خارج مهام عملهن الرسمي خارج أوقات الدوام الرسمي بلغت النسبة 55% لمن لم يتم تكليفهن باعمال خارج اوقات الدوام الرسمي، فيما بلغت نسبة من يتم تكليفهن بعمل خارج اوقات الدوام الرسمي 45%.


وتفسر النتائج أن غالية العاملات يتقاضين رواتب تتجاوز الحد الأدنى، إلاّ أن هناك نسبة لا يستهان بها تتقاضى رواتب أقل من هذا الحد، علاوة على ان وجود فجوة

في مواعيد صرف الرواتب، يشير إلى عدم التزام بعض المؤسسات بدفع الرواتب في مواعيدها المحددة، فضلا عن تكليف نسبة كبيرة من العاملات بأعمال إضافية خارج أوقات الدوام الرسمي، ما يؤثر سلباً على حياتهن الشخصية والمهنية.

 

الى ذلك، كشفت نتائج الاستبانة أن 81% من العاملات في القطاع الخاص لم يتعرضن لـ التحرش بأنواعه سواء اللفظي أو الجسدي، فيما بلغت نسبة من تعرضن للتحرش وقدمن استقالتهن على الفور 5%، و 6% ممن تعرضن للتحرش ولم يصدر عنهن ردة فعل خوفا وحرصا على فقدان وظائفهن، و 5% أجبن أن العلاقة التي تجمعهن مع المدراء والموظفين مرنة بطبيعتها، وبلغت نسبة من توجهن للجهات الأمنية ومن حذرن المتحرش في العمل 3% من عينة البحث.


تفسير نتائج محور ظاهرة التحرش الجنسي يشير الى أنه وعلى الرغم من أن نسبة كبيرة من العاملات لم يتعرضن للتحرش، إلا أن وجود حالات تحرش يشكل مشكلة خطيرة تستدعي اتخاذ إجراءات صارمة لمكافحتها، الأمر الذي يشكل تخوفا عند العاملات من فقدان وظائفهن ويجعلهن يترددن في الإبلاغ عن حالات التحرش التي يتعرضن لها.

 

إنتهاكات وضعف تطبيق التشريعات

 

المعاناة التي تواجهها الكثير من العاملات في سوق العمل ليست منفصلة عن الاتهامات التي توجه إليهن، ففي ظل بيئة عمل لا توفر الدعم الكافي للمرأة، ولا تراعي احتياجاتها الخاصة، تتحول هذه الاتهامات إلى سلاح يستخدم لتبرير التمييز والتحيز ضدها، فضلا عن تحديات متشابكة تعيق تقدمها المهني وتنتهك حقوقها الأساسية، فبين نقص الحماية الاجتماعية والتأمين الصحي الشامل، وبين عدم الاستقرار الوظيفي الناتج عن عقود العمل المؤقتة وتدني الرواتب، تعاني المرأة من انتهاكات جسيمة لحقوقها، وتظل عرضة لمخاطر التحرش الجنسي والنفسي في بيئة عمل لا توفر لها الحماية الكافية، وبالتالي، فإن معالجة هذه القضية تتطلب مقاربة شاملة تأخذ في الاعتبار كلا من الأسباب والعواقب.

 

تقول الصحفية والناشطة في مجال حقوق المرأة سمر حدادين واصفة واقع حقوق العاملة في القطاع الخاص أنه متباين، ففي حين أن هناك شركات تحترم حقوق المرأة وتوفر بيئة عمل آمنة، إلا أن هناك أخرى تمارس التمييز والانتهاك، وأكدت أن قانون العمل الأردني يوفر حماية جيدة للمرأة العاملة، ولكن المشكلة تكمن في التطبيق والتطبيق.

وتضيف لـ " الأنباط"، أن أبرز الإنتهاكات التي تتعرض لها المرأة في سوق العمل الأردني تتمثل بـ التمييز بالنسبة للأجور، التحرش، وعدم المساواة بالفرص والحصول على ترقيات داخل مكان العمل، موضحة أنه ولغاية الآن لم يتم اجراء دراسات حديثة عن نسب التحرش وابرز الانتهاكات التي تتعرض لها المرأة، وان كنت اعتقد ان هناك زيادة في الوعي لدى الفتيات والنساء في مفهوم التحرش وطرق الابلاغ والحصول على المساعدة القانونية، إلى جانب وجود انفتاح لدى الإعلام حيث اصبح يناقش هذه القضية بصورة كبيرة.

 

الى ذلك، يؤكد  رئيس مركز بيت العمال للدراسات والأمين العام السابق لـ وزارة العمل المحامي حمادة أبو نجمه أن الاستغلال الاقتصادي للمرأة في الأردن ظاهرة قائمة، لكن يصعب تحديد مدى انتشارها بدقة بسبب نقص البيانات، موضحا،"لا شك أن للعادات والتقاليد دور في تعزيز النظرة النمطية للمرأة ودورها في المجتمع، ما يحد من فرصها في العمل ويجعلها أكثر عرضة للاستغلال، وأن ضعف التشريعات وعدم وجود تشريع متكامل وشامل لمكافحة التمييز ضد المرأة في العمل يصعب على ضحايا الاستغلال محاسبة المنتهكين، إضافة إلى ضعف الوعي لدى العديد من النساء بحقوقهن، الأمر الذي يجعلهن أكثر عرضة للاستغلال.

 

بدورها رزان المومني صِحافية متخصصة بالعمل والعمّال قالت في حديثها لـ" الأنباط"، أن بعض النساء يتعرضن للتحرش بأشكال مختلفة من قبل زملائهنّ أو رؤسائهن أو حتى في الطريق إلى العمل، ما يخلق بيئة عمل غير آمنة وغير مريحة، ويمكن أن يتحول إلى شكل آخر للاستغلال الاقتصادي من خلال تخييرهن في البقاء في بيئة عمل يتعرضن فيه للتحرش أو إنهاء عملهن وهذا الأمر خطير وله تأثير على عدد اللاتي ينسحبن من سوق العمل.

 

بـ المقابل قال الناطق الإعلامي لـ وزارة العمل محمد الزيود : أن الوزارة حريصة على تعزيز مشاركة المرأة في سوق العمل وحمايتها وتوعيتها بحقوقها العمالية، لهذا جرت بعض التعديلات على قانون العمل دخلت حيز التنفيذ منتصف عام 2023 جاءت بهدف تحسين بيئة العمل لزيادة مشاركة المرأة الاقتصادية.

وأضاف لـ " الأنباط"، من أبرز هذه التعديلات، تعديل المادة (29) منه والتي تم فيها إضافة تعريف واضح  للتحرش الجنسي، وكذلك منحت المادة العامل الحق بترك العمل دون إشعار صاحب العمل على أن يقوم بتبليغ وزارة العمل خلال أسبوعين من تاريخ تركه العمل مع الاحتفاظ بحقوقه القانونية وما يترتب له من تعويضات وبدل ضرر في حال تعرضه لاعتداء صاحب العمل أو من يمثله أثناء العمل أو بسببه وذلك بالضرب أو التحقير أو بأي شكل من أشكال الاعتداء أو التحرش الجنسي المعاقب عليه بموجب التشريعات النافذة.

ولفت إلى أن من التعديلات التي طالت قانون العمل، تعديل المادة (69) بهدف إزالة القيود على عمل المرأة التي كانت تحدد الصناعات والأعمال التي يحظر تشغيل النساء فيها، ولمنح المرأة المزيد من الحماية في سوق العمل تم حظر التمييز على أساس الجنس بين العاملين والذي من شأنه المساس بمبدأ تكافؤ الفرص، كما أصدرت وزارة العمل بموجب هذه المادة تعليمات لحماية الحامل والمرضعة وذوي الإعاقة والأشخاص الذين يؤدون عملاً ليلياً.

وتابع، أن الوزارة أصدرت تعليمات بدائل الحضانات المؤسسية وذلك لضمان الرعاية لأبناء العاملة في سوق العمل والحد من انسحابها من عملها بسبب أطفالها، مشيرا إلى أنه لتعزيز المنظومة التشريعية الداعمة لزيادة مشاركة المرأة في سوق العمل أقر مجلس الوزراء نظام جديد للعمل المرن.

 

معيقات كثيرة .. وحب العمل

 

أما (سعاد) ف لها قصة تعكس واقع الكثير من العاملين في القطاع الخاص، خاصة العاملات في مجالات الخدمات الإنسانية، تكشف فيها عن جوانب مظلمة لعملها في إحدى مؤسسات التربية الخاصة.

تقول: أنها حصلت على وظيفتها بفضل توصية من أحد زملائها، إلاّ أنها وجدت نفسها أمام تحديات عديدة رغم طبيعة الوظائف الإنسانية التي لطالما كانت تحلم بالعمل بها، فبعد رحلة قصيرة تستغرق 15 دقيقة من منزلها إلى عملها، بدأت تكتشف جوانب أخرى للمؤسسة لم تكن تتوقعها.

فـ رغم قراءتها المتأنية لعقد عملها السنوي، إلا أن سعاد فوجئت بعدم حصولها على التأمين الصحي رغم تسجيلها في الضمان الاجتماعي أسوة بزملاءها، اضافة الى المعاناة التي تتعرض لها جراء تأخر رواتبها بشكل مستمر وليست في الموعد المحدد لها، رغم أن راتبها لا يتجاوز الـ 300 دينار، وهو مبلغ لا يكفي لتلبية احتياجاتها المعيشية على حد روايتها.

وتضيف، أن عدد الموظفين في المؤسسة قليل، الأمر الذي يزيد من الضغط على العاملين ويجعل من الصعب تقديم الخدمات اللازمة لذوي الاحتياجات الخاصة بالشكل المطلوب.

وتنهي، أنه وبـ الرغم من كل هذه التحديات، إلاّ أنني أحب عملي وأشعر بالسعادة عندما أرى الفرحة على وجوه الأطفال وأنا أقدم لهم المساعدة والخدمة، وأتمنى أن تحظى جميع العاملات من النساء في هذا المجال بالاحترام والتقدير الذي يستحقنه، وأن يتم توفير الظروف المناسبة لهن للقيام بعملهم على أكمل وجه.

 

بين إربد والمفرق بحثاً عن فرصة عمل

 

في قصة تعكس ايجابيات عمل النساء في القطاع الخاص في الأردن، تروي (وئام) تجربتها الفريدة في العمل لدى إحدى المنظمات الدولية العاملة في الأردن.

وتقول: انها بدأت رحلتها المهنية بعد أن استطاعت العثور على إعلان وظيفي عبر أحد مواقع الإنترنت، واجتياز عدة مراحل من المقابلات الشفوية والتحريرية، حظيت بالنهاية بفرصة العمل التي تحبها، مشيرة الى أن بيئة العمل في المؤسسة التي تعمل بها إيجابية، وأن العلاقة مع زملائها الـبالغ تعدادهم حوالي 60 موظفاً، منهم 20 موظفة، مبنية على الاحترام والتعاون، ولم تواجه أي نوع من التحرش خلال فترة عملها.

وبـ الرغم من المسافة الكبيرة التي تفصل بين منطقة إقامتها في محافظة إربد ومقر العمل في محافظة المفرق، والتي تصل إلى حوالي 70 كيلومتراً، وبالرغم من التعب والإرهاق الناتجين عن رحلتها اليومية، إلا أنها تشعر بالرضا عن عملها، وتؤكد أن العقد جيد، وتسجيلي في الضمان الاجتماعي، وحصولي على التأمين الصحي، إضافة إلى الراتب الشهري الذي يقدر بـ 600 دينار، كلها عوامل ساهمت في شعوري بالاستقرار الوظيفي.

 

حرمان من الضمان والتأمين الصحي

 

تفتقر الكثير من العاملات في القطاع الخاص الأردني إلى الحماية الاجتماعية الكافية، خاصة فيما يتعلق بـ تدني الأجور، والاشتراك بالضمان الاجتماعي، وغياب التأمين الصحي الشامل يجعل المرأة عرضة للمخاطر الصحية، ويضع عبئًا ماديًا كبيرًا على عاتقها وعائلتها، كما أن عدم شمولها بالضمان الاجتماعي يحرمها من العديد من الحقوق، مثل معاش التقاعد وتعويضات نهاية الخدمة.

يقول أبو نجمة في هذا الصدد، أن بعض الدراسات تشير إلى أن النساء في الأردن يتعرضن للتمييز في الأجور، حيث يكسبن في المتوسط ما يقرب من 70% فقط من أجر الرجال مقابل نفس العمل، وأن تمثيل النساء في المناصب القيادية منخفض جدا، وأن 30% من النساء تعرضن للتحرش الجنسي في مكان العمل، إضافة إلى العمل غير المأجور الذي تتولاه المرأة كالأعمال المنزلية ورعاية الأطفال، ما يثقل كاهلهن ويقلل من فرصهن في المشاركة في القوى العاملة.

 

واتفقت المومني مع أبو نجمة وأوضحت: أن الاستغلال الاقتصادي للمرأة العاملة بالقطاع الخاص في الأردن يأخذ عدة أشكال، منها التمييز في الأجور حيث تُمنح النساء أجر أقل مقابل العمل ذاته الذي يقوم به الرجل، حتى مع امتلاكهنّ للمؤهلات والخبرات المتساوية وهذا ما نجده أكثر في قطاعي التعليم والصحة.

وتضيف، بطبيعة الحال ونتيجة للأجور غير المتساوية، تُحرم النساء من فرص الترقية والتقدم في وظائفهنّ، إلى جانب أن العمل لساعات طويلة دون أجر إضافي يُجبر بعض النساء على العمل لساعات إضافية دون الحصول على أجر إضافي، ما يُشكل استغلالًا لوقتهنّ وجهدهنّ.

وفي السياق، أكد الزيود أن قانون العمل لا يميز في التعامل في الحقوق العمالية بين ذكر وأنثى ولا بين أردني وغير أردني، لهذا يتم التعامل بذات السوية بين جميع العاملين الذين يتقدمون بشكاوى عمالية لدى الوزارة ولا يوجد تهاون في تحصيل أي حق للعامل لدى صاحب العمل.

وكشف أن وزارة العمل استقبلت في النصف الأول من ال 2024 شكاوى عمالية عبر المنصة الإلكترونية "حماية" 4498 شكوى عمالية منها 1253 شكوى مقدمة من إناث، موضحا أن الشكاوى المقدمة من الإناث تتعلق بعدم دفع الأجور وجزء منها تخفيض أجر وشكاوى أخرى تتعلق بعدم الحصول على شهادة الخبرة من المنشأة التي كانت تعمل بها، مبينا أن قانون العمل عالج كل المسائل التي تتعلق بالفصل التعسفي وساعات العمل الإضافية ودفع الأجور.

وعززت حدادين حديث الناطق باسم وزارة العمل الزيود وأوضحت، أن القطاع الخاص يضم أنماط وأنواع عمل مختلفة، منها ما يحترم الحقوق المتساوية بين الجنسين، ومنها من يمارس التمييز والانتهاك ضد المرأة العاملة، فإذا تحدثنا بالمجمل نستطيع القول: ان قانون العمل وقانون الضمان الاجتماعي عالجا التشوهات في مكان العمل، وساعدا على صون الحقوق المتساوية بين الجنسين، إلاّ ان هناك خرق لهذه الحقوق في الوظائف غير المنظمة وفي بعض المؤسسات الصغيرة وبعض المكاتب والتي تتبع لرب عمل بصورة فردية وليس مؤسسية، مشيرة الى أن العاملات يعانين من ساعات عمل طويلة وأجور متدنية لا تصل في بعض الأحيان إلى الحد الادني للأجور، ايضا تعرضن في حالات عديدة للتحرش وسوء التعامل، وهذا ما يحتم مراقبة اماكن العمل هذه بصورة كبيرة.

 

تعزيز حقوق العاملة بالقطاع الخاص.. كيف ؟

وبـ الرغم وجود قوانين تنظم عمل المرأة في الأردن، إلا أن التطبيق الفعلي لهذه القوانين يواجه العديد من العقبات، فغياب آليات الرقابة الفعالة وتردد النساء عن الإبلاغ عن الانتهاكات، يساهمان في استمرار انتهاك حقوقهن، فبين عقود العمل التي تحرم المرأة من حقوقها الأساسية، وبين التمييز في الأجور والترقيات، تبقى العاملة في القطاع الخاص بحاجة إلى حماية قانونية أقوى.

المحامي ابو نجمه قال : إن التصدي للاستغلال الاقتصادي للمرأة في الأردن مسؤولية مشتركة تقع على عاتق الحكومة ومؤسسات القطاع الخاص والنساء أنفسهن، من خلال العمل الجماعي والتعاون، ويمكننا خلق بيئة عمل آمنة وعادلة تتيح للأردنيات تحقيق إمكاناتهن الكاملة والمساهمة في بناء اقتصاد مزدهر، وعليه فإن نشر الوعي يشكل عاملا هاما، ومن ذلك تنظيم حملات توعوية حول أهمية بيئة العمل الآمنة للمرأة الأردنية، وتأثيرها على التنمية الاقتصادية والمجتمعية، واستخدام وسائل الإعلام لنشر الوعي حول حقوق المرأة في العمل، وقصص نجاح النساء في بيئة العمل.

ويضيف، أما عن دور المرأة في حماية نفسها من حالات التحرش فإن توثيق الحادثة وتاريخها ووقت ومكان الحادثة وشرح ما حدث، وإخبار شخص موثوق به مثل صديقة أو زميلة أو أحد أفراد العائلة بما حدث، والتحدث مع المدير المباشر أو مسؤول الموارد البشرية حول الحادثة، وتبليغ السلطات الأمنية إذا كان التحرش خطيرا أو متكررا.

ويتابع، يترتب أيضا على القطاع الخاص دور مهم في تعزيز ثقافة الاحترام والعدالة، واتباع سياسة تحظر التمييز ضد المرأة في جميع جوانب العمل، وخلق بيئة عمل آمنة تحترم فيها كرامة المرأة وتشجع على المساواة بين الجنسين، ودعم برامج للتمكين تساعد النساء على تطوير مهاراتهن وبلوغ إمكانياتهن الكاملة، ونشر الوعي بين العمال والعاملات حول أهمية المساواة بين الجنسين ومكافحة الاستغلال.

وتتفق حدادين مع ما ذهب إليه أبو نجمه وقدمت عدد من الإقتراحات أبرزها، إنفاذ قانون العمل مؤكدة انه يجب على الجهات المعنية تطبيق قانون العمل بشكل صارم، ومحاسبة كل من يمارس أي انتهاك لحقوق العاملين، وتوعية المجتمع بأهمية المساواة بين الجنسين، وحقوق المرأة في العمل، فضلا عن دعم المؤسسات الحقوقية التي تعمل على حماية حقوق المرأةـ موضحة أن تحقيق المساواة بين الجنسين في مكان العمل يتطلب جهوداً مشتركة من قبل الحكومة والمجتمع المدني والقطاع الخاص.

بدورها دعت المومني الى وضع قوانين تعاقب الاستغلال الاقتصادي بكافة أشكاله الواقع على المرأة العاملة، تُحدّد عقوبات رادعة للمُعتدين والحزم في تطبيقها بشكل جيّد على أرض الواقع، والمصادقة على اتفاقية "مناهضة العنف والتحرش في عالم العمل 2019 / 190"، التي تعتمد سياسات لمكافحة التحرش الجنسي، وتشجع اعتمادها لضمان بيئة عمل آمنة للنساء، والتي أعلنت وزارة العمل مطلع تشرين الأول 2022، البدء بإجراءات المصادقة على الاتفاقية 190 وحتى هذه اللحظة لم تدل الوزارة بأي تصريح بخصوصها.

ودعت الى، ضرورة إنشاء آليات فعّالة لتلقي شكاوى النساء عند تعرضهن للاستغلال الاقتصادي بكافة أشكاله والتحقيق بذلك واتخاذ الإجراءات اللازمة من قبل وزارة العمل، ونشر الوعي بين أصحاب العمل والموظفين والموظفات حول حقوق المرأة في العمل، بما فيها أشكال الانتهاكات الواقعة عليها في بيئة العمل وآثارها السلبية على بيئة العمل ومصالح العمل والاستقرار الوظيفي للعاملين والعاملات.

اضافة الى أنه من المهم تعزيز دور وأهمية الإعلام والصحافة في تسليط الضوء على حقوق المرأة العاملة والكشف عن الإنتهاكات التي تتعرض لها ووضع حلول ومقترحات ناجعة تسهم في حل المشكلة.

بـ المقابل يؤكد الزيود أن وزارة العمل أصدرت تعليمات بدائل الحضانات المؤسسية لضمان الرعاية لأبناء العاملة في سوق العمل والحد من انسحابها من عملها بسبب أطفالها، مشيرا إلى أنه لتعزيز المنظومة التشريعية الداعمة لزيادة مشاركة المرأة في سوق العمل أقر مجلس الوزراء نظام جديد للعمل المرن، مشيرا الى أنه لضمان توفير بيئة عمل آمنة وصحية وسليمة تم العمل على تحديث منظومة السلامة والصحة المهنية وإصدار أنظمة وتعليمات جديدة لهذه الغاية.

وأشار إلى أن الوزارة بهدف المساهمة في زيادة مشاركة المرأة في سوق العمل من خلال البرنامج الوطني للتشغيل، بحيث يكون 35% من المستهدفين بالبرنامج من النساء من مختلف المؤهلات العلمية في كافة محافظات المملكة، إضافة إلى وجود مبادرة الفروع الانتاجية في المحافظات والبالغ عددها 30 فرعاً إنتاجيا تساهم في تشغيل النساء حيث بلغت نسبة العاملات في هذه الفروع خلال عام 2023 حوالي (82%).

وأضاف أن الوزارة من خلال صندوق التنمية والتشغيل قدمت نافذة تمويلية لدعم مشاريع النساء ضمن برنامج "تمكين المرأة" بهدف تمكينها ومساعدتها على إنشاء مشروعها الجديد الخاص بها للمساهمة في تحسين مستواها المعيشي واستقلالها اقتصادياً ولتشجيعها على العمل الحر والاعتماد على مبدأ التشغيل الذاتي، وزيادة نسبة رائدات الأعمال.

وفيما يتعلق بالجانب التوعوي، يؤكد الزيود أن الوزارة نفذت أكثر من حملة توعوية لتوعية المرأة بسوق العمل بحقوقها العمالية وأصدرت العام الماضي بالتعاون مع الشركاء ومنهم الاتحاد العام لنقابات عمال الأردن واللجنة الوطنية لشؤون المرأة ومنظمة العمل الدولية كتيب "حقوق المرأة العاملة في قانون العمل"، ونفذت أيضا حملة توعوية للعاملات في قطاع التعليم الخاص لتوعيتهن بحقوقهن العمالية.