من أعلام العمارة التراثية في العالم العربي
د.أيوب أبودية
الدكتور يحيى وزيري أستاذ العمارة الاسلامية بمعهد الطيران بمصر، ومدير المركز الدولي لأبحاث الاعجاز العلمي في القرآن الكريم؛ له نحو ثلاثين كتابا منشورا ، بعضها مترجم إلى لغات اجنبية عديدة، فضلا عن عشرات الابحاث.
ومن أهم كتبه: موسوعة عناصر العمارة الاسلامية؛ التطور العمراني والتراث المعماري لمدينة القدس الشريف؛ العمارة الاسلامية، التصميم المعماري الصديق بالبيئة: نحو عمارة خضراء؛ العمارة الاسلامية والبيئة؛ مباني عمارة ذوي الهمم (أصحاب الاحتياجات الخاصة).
ومن أبحاثه المهمة: توسط مكة المكرمة لليابسة، والمسجد الاقصى: لا للهيكل المزعوم، القدس: التطور العمراني، وهو الكتاب الذي حصد جائزة منظمة العواصم والمدن الاسلامية عام 2007، وغيرها.
ما فتىء وزيري يحاول أن يكون من أعلام المدرسة المعمارية التراثية التي تدعو الى استلهام التراث في العمارة العربية المعاصرة التي يتشارك فيها مع أعلام معماريين مهمين، مثل حسن فتحي، وراسم بدران، ومحمد مكية، ورفعت الجادرجي، وغيرهم. وقد تم تتويج هذا الجهد من قبل منظمة المدن العربية، حيث حصل على جائزة المنظمة لعام 2017 بوصفه أفضل معماري عربي.
وله أيضا دراسات عن أماكن لم يتم القاء الضوء عليها سابقا، مثل سلطنة عمان التي تتمتع بإرث فريد من العمارة الدفاعية، مثل القلاع والحصون والأبراج. كما فاز بحثه حول القاهرة القديمة: استدامة الموارد وتحسين البيئة، بالجائزة البحثية الأولى من منظمة العواصم والمدن الاسلامية لعام 2024.
أما في مجال الأبنية الخضراء، فبدأ وزيري التعامل مع هذا الاتجاه منذ نحو ربع قرن، ويعتقد أن ما يعوق تقدم هذا النوع المميز من الأبنية هو ضعف الوعي لدى عامة الناس. لذلك، فعلى الحكومات مسؤولية رفع الوعي بالبناء الأخضر، وعلى الأقل في ما يتعلق بالأبنية الحكومية، وذلك كي تكون مثلا يحتذى. وكذلك الشروع في وسائط النقل الأخضر، واصدار التشريعات الخضراء، ووضع الحوافز لتقريب مفهوم النشاط الأخضر إلى عقول الناس وتحبيبه إلى قلوبهم وجيوبهم.
والبناء الأخضر ليس فقط مجرد جدران وسقوف معزولة جميلة من الخارج، إنما هو كل متكامل يتضمن حزمة من التصميم المعماري المناخي الذي يشتمل على توجيه المبنى، وضبط مساحة فتحاته الخارجية في كل واجهة وفقا لاتجاه الشمال والمناخ السائد، ودراسة طريقة التهوية في داخل الجدران، وفي الفضاء الداخلي، وأبراج الرياح وذلك وفقا للطبيعة الجغرافية والمناخية، وتهيئة التظليل المناسب، وطبيعة الاستخدام المثلى، والراحة الحرارية للانسان، والحصاد المائي، وإعادة التدوير، وما الى ذلك. وقد اشتغل وزيري على تدوير هيكل ملاقف الهواء المستخدمة للتبريد في المناطق الحارة والجافة، وذلك لتقليل استخدام كمية المياه للتبريد، وتحسين تنقية الهواء من الأتربة.
ورفع وزيري شعار أن المناطق التاريخية يجب أن تكون صديقة للآنسان والبيئة، كحال وسط المدن التراثية مثلا، إذ ينبغي حماية هذه الأماكن من تلوث المركبات، بوضع منطقة حماية حولها، أي منطقة عازلة، وأيضا منع دخول المركبات إليها، وذلك كي يصبح محيطها حكرا على استخدام المشاة، ليغدو فضاؤها نظيفا من الهواء الملوث بعوادم المركبات، والمطر الحمضي، والتلوث الصوتي، وما إلى ذلك.
ختاما نقول: إن هذا الانتاج المميز لعالم من أعلام العمارة في العالم العربي يبشر بالخير، من حيث استلهام قواعد الاستدامة، والراحة الحرارية، والجمال، والحميمية الاجتماعية، من الأبنية التراثية واستخدام التكنولوجيا والمواد المتطورة التي تتمتع بمواصفات مناسبة للبيئة المحلية، أي من حيث عكس أشعة الشمس صيفا أو قلة ابتعاث الحرارة الداخلية شتاء، والقدرة على التظليل، ورفع الكفاءة الحرارية ، وفي الوقت نفسه الابتعاد عن العمارة الزجاجية المعاصرة وتلك التي تستعير أجزاءا معمارية لقيطة من هنا وهناك وتلصقها بالأبنية الحديثة من دون أي معنى أو مضمون أو وظيفة.