أخطاء شائعة في تخزين زيت الزيتون قد تؤدي إلى فساده «Kekius Maximus».. عملة مشفرة تربح 1300% في 7 أيام مفاجأة غير متوقعة.. لا تخلط الموز بالتوت الارصاد الجوية: أجواء مستقرة تتبعها حالة من عدم الاستقرار الجوي انخفاض مؤشرات الأسهم الأميركية وارتفاع الذهب هل الفلفل الأحمر يساعد في حرق الدهون شتاءً؟ جلسة لمجلس الأمن بشأن الشرق الأوسط غدًا وزير الداخلية: 4600 سوري عادوا لبلدهم منذ 8 كانون أول الأسواق الأوروبية تغلق أولى جلسات العام الجديد على ارتفاع الدفاع المدني يستجيب لطالب احتاج للأوكسجين أثناء تقدمه لامتحان الثانوية الأونروا: الأردن يقدم دورا رياديا وسباقا لإغاثة غزة في 2024م المنتخب الوطني لكرة القدم يستدعي 22 لاعبا للتجمع الأول "الشعوب الحديثة أظهرت مهارة فائقة في تحدى القوى العظمى" كسينجر مستشار الرئيس الفلسطيني: جهود الأردن الدبلوماسية والإغاثية لشعب غزة في 2024 تاريخية 46.5 مليار دينار ودائع القطاع المصرفي العام الماضي رؤى ملكية تجسدها وزارة الشباب في برامجها الدكتور سامي المعايطة مديراً لتدريب والتدريس في مركز الملكة رانيا العبدالله "تنظيم الاتصالات": التجارة الإلكترونية تشهد نمواً ملحوظاً "مالية الأعيان" تطلع على السياسة النقدية واستراتيجية التنمية الإجتماعية "مالية النواب" تختتم مناقشات مشروع الموازنة وتصدر توصياتها

مسكوتٌ عنهم: قصص عمّار الجنيدي

مسكوتٌ عنهم قصص عمّار الجنيدي
الأنباط -
(صمت الصدى)
سليم النجّار
صدر عن دار الآن ناشرون - عمّان 2021
إنّ القارئ لقصص عمّار الجنيدي، يلحظ أنّه حيال قاص متصوِّف يمتلك نظَّارة مدقِّقة ترصد الوجود من حوله، باحثة عن أسراره كي تكشف عوالم المصير الإنساني، وتحاول أنْ تستشرف مستقبله.
يطالعنا الخطاب السَّردي القصصي لقصّ "مسكوتٌ عنهم" للجنيدي بعتبة نصية مألوفة لدى المتلقّي العربي، حيث يتناص عنوان المجموعة القصصية - بشكل مباشر مع قصصه، وهي مواصلة نصيّة تؤكّد انفتاح النصّ لعمّار على التراث الحكائي للمجتمع الأردني المتجذّر في الثقافة العربية الشفاهية. بعوالمه المختلفة، والذي يدفع بالمتلقّي إلى مغامرةِ تَكَشُّفٍ للعالم السَّردي المعاصر، في إطار تذكّري للمصدر لواقع الحال العربي، من خلال إقامة نوع من الموازنة بين النصين، يرصد المتلقّي من خلالها قدرة النصّ القصصي على التفاعل مع النصوص الحكائية الشفاهية، وكيفية توظيفه لعناصرها الشكلية والدلالية، لإثراء بنيته الحاضنة، للتعبير عن واقعه المجتمعي المعيش.
على أنّ هذا التواصل النصي، الذي تجلّى في عتبة قصّة "أوغاد!" ما لبث أنْ تحوّل إلى مزاوجة فنية، تعتمد على الانتقاء والمغايرة:
"- أهلا، صوتك حزين ومرتبك.
- نعم أم جابر، فالمناظر البشعة التي شاهدتها قبل قليل قد حركت في نفسي الاشمئزاز والقرف، لقد قرّرت الإضراب عن أكل اللحم.
- ماذا تريد أنْ تأكل إذن.
- هل يوجد لدينا سمك؟! ص10 -11".
يستلهم عمّار نصّ "رصاصة واحدة تكفي"، من خلال قدرته على انتقاء جملة من العناصر السردية، الاجتماعية، وبثّها في خطابه السًّردي، بعد تقييمها، وغيرها من أدوار شخصياتها، بما يلائم طبيعة رؤيته. وانفتاحه على عوالم وقضايا اجتماعية وسياسية: "نصف ساعة مرَّت، وبعدها سمع أهل الحي صوت رصاصة ثانية، تنطلق من داخل الغرفة.
في صبيحة اليوم التالي، كان العالم يتحدّث باهتمام عن نبأ انتحار المدينة ص96". في هذه القصّة عبّر الجنيدي عن اهتمامه في القضايا الكبرى الأساسية، وقام بمزج ما يمكن أنْ نسيمه "الواقعية السياسية"، و"التأمّلات الميتافيزيقية". لقد وجدنا في قصة " الشاعر يدفع الثمن" ايضاً هذا النمط من التفكير " الميتافيزيقي" ومساحة كبيرة من التعبير عن هذا المزيج متباعد الأطراف. وهذا ما تجسّد بشكل جليّ - في ثنايا الخطاب السردي القصصي، في هيئة عبث سياسي، يكشف الحكم الاستبدادي، "في تلك اللحظات كان الكاهن يشقُّ طريقه صوب الإمبراطور ليُعلِّمَهُ أنّ الحاكم قد قَتَلَ الشاعر "سوفوخليس" زوجته لأنّه ضبطهما معاً في دار الحاكمية ص20".
وجدير بالملاحظة في هذا الخطاب السَّردي، إنّه يتواصل مع خطاب المغايرة، عبر سارده العليم، وصيغة المبني للمجهول المتصدِّرة للإطار، وأسماء بعض شخصياته، غير أنّه يغايره في الإطار العام، وسيمائية هذا الإطار، الذي انقلبت فيه أدوار الذوات النصية "للمسكوت عنهم" بما يلائم الطبيعة الاجتماعية للنص، لعمّار، وهو ما يؤكّد قول بوريس أوسبنسكي: "... لابد من التشديد على الأهمية العامة للإطار. وفي هذا الصدد تكتسب فكرة البداية والنهاية مغزى خاصّاً وتتجلّى أهميتها في صياغة الأنظمة الثقافية التي نعتقد أنّها أنظمة تمثيلية ذات رؤية سيميائية للعالم، أو بتعبير أدقّ: أنظمة تكشف عن تجربة شخصية اجتماعية - بوريس أوسبنسكي- شعرية التأليف بنية النصّ الفني وأنماط الشكل التأليفي - ت سعيد الغانمي وناصر حلاوي - المشروع القومي للترجمة - المجلس الأعلى للثقافة مصر- 1999 – ص149".
ونجد هذه السلطة السيميائية في قصة "..." التي وظّف البداية مع النهاية بسرد مفارق، مع أن الفكرة واحدة للبداية والنهاية، "الغرور"، التي تتجلّى بأبشع صورها "الخيانة" "رنّات جرس الهاتف المتَقَطِّعَة، أثارت انتباه وحنق الزوجة- في مقطع آخر من البداية" وهو يحدّثها عن عبث الفتيات معه، وتعليقاتهن المثيرة عن قوامه الممشوق، ومشيته الأنيقة، وخطواته المتزنة"، ويواصل عمّار سرده لبداية القصة، "وما زالت رنّات جرس الهاتف المتقطعة، وهدوء زوجته، يثيران رغبته في المزيد من الحديث عن السمروات الّلاتي لا يتهيبن الاقتراب منه ومناغشته بتعليقات جريئة ومباشرة، ويغازلنه: "عينك عينك".
قامت، ورفعت سماعة الهاتف بهدوء. ابتسمتْ بغنج وهي تقول بصوت خفيض:
- ألا تستطيع أنْ تنتظر حتى ينام زوجي؟!
- أعادت سماعة الهاتف إلى مكانها. سألها عمّن يسأل عنه في هذا الوقت المتأخِّر من الليل. فردّت بتهكّم واضح:
- معجباتك كتار ص43- 44"، والجدير بالملاحظة في البنية لنصّ قصّة "ها" بنية سردية تصاعدية محكمة، حيث انتقل السارد بدلالة نصّه، من غرفة العشاء، إلى غرفة النوم "ابتسم. رفع رأسه عاليًا، أخذ نفساً عميقاً. وزفر بارتياح، ثم جرّها من شعرها إلى غرفة النوم ص44"، هذه النهاية للقصّة تتطابق مع البداية الواقعية الاجتماعية، التي تقتصر الوعي الذكوري في غرفة النوم.
اعتمدت قصص "مسكوتٌ عنهم" في تعويله على هذه العناصر العجائبية على ثنائية مفارقة، بين الخير والشر، الإيمان/ الكفر، الظلم/ العدل، الشعب/ الحرية، من خلال نوعين من المفارقة، والعجائبية، فكان مسكوتٌ عنهم.
© جميع الحقوق محفوظة صحيفة الأنباط 2024
تصميم و تطوير