الأنباط -
حسين الجغبير
أكثر من 90 % من أسباب حوادث السير تعود إلى السائق، أي 10 % فقط سببها ما بين الشوارع، وصلاحية المركبات، ما يعني أن سلوك السائق الأردني على الشوارع يجب أن يتم تهذيبه لأنه يهدد حياة الناس من سائقين ومارة، وبالتالي لا بد من رادع قوي للحفاظ على حياة المواطنين شريطة تطبيق هذا الرادع على أرض الواقع لفرض هيبة القانون.
اليوم مجلس النواب بدأ نقاشا بقانون السير الجديد، وفيه ما في من تشديد في العقوبات بحق المخالفين، خصوصا المخالفات المالية، وهي برأي الوسيلة الأمثل لضبط سلوك السائقين حيث النفس البشرية تفضل عقوبة السجن لأسابيع على أن تدفع دينارا واحدا.
خلال متابعتي لمواقع التواصل الاجتماعي أجد أن هناك اجماع شبه كامل على أهمية تغليظ العقوبات الواردة في القانون الجديد، لأنها كفيلة بجعل أي مواطن يراجع حساباته عندما يفكر أن يجري اتصالا وهو يقود مركبته، أو أن يغامر في زيادة سرعته، أو بقطع الاشارة، وبالتالي تطبيق القانون هو الضامن الوحيد من أجل تخفيض عدد الحوادث التي تتسبب سنويا بمئات الوفيات والاف الجرحى.
كان الناس يستسهلون سابقا تحميل المسؤولية للبنية التحتية للشوارع، ويعتبرونها السبب الرئيسي للزيادة المضطردة لحوادث السير، في الواقع سوء الشوارع هي أحد الأسباب، لكن وفق الأرقام الرسمية فقد تبين كم ظلمت هذه النظرية وأظهرت أننا نتهرب من المسؤولية، ونواصل عدم احترام أرواح الآخرين وممتلكاتهم، كما لا نحترم شواخص المرور التي وضعت لتنظيم السير.
يخرج البعض بنظرية المؤامرة التي يحبذها وهي أن تغليظ العقوبات جاء بسبب رغبة الدولة بزيادة التحصيل من المخالفات، في محاولة منها لتعويض ما تفقده من نفقات، وهذه النظرية التي لا أؤيدها أو اتبناها من السهل جدا اسقاطها والتغلب عليها بل والتحايل عليها وذلك من منظور واحد وبسيط يتمثل في عدم مخالفة القانون.
اذا كان هناك اعتقاد أن القانون الجديد هدفه الجباية، فعلينا معاقبة الدولة في هذا التوجه عبر الالتزام بالقانون وعدم تجاوزه، وعندها لن يوقفنا أي رقيب سير ويمنحنا مخالفة زيادة سرعة، أو استخدام هاتف، أو عدم ربط حزام الآمان، أو قطق الاشارة وهي حمراء. ببساطة لا نخالف القانون وسنتغلب على عقلية الدولة التي يزعمون أنها تريد كسب المزيد من المال.
الأردنيون للأسف يواصلون سياسة التشكيك في كل شيء، وهذا من حقهم رغم أنهم يبالغون في ذلك، لأن الثقة مهزوزة وبالتالي سينظرون دوما لأي قرار حكومي وكأنه يستهدفهم ومداخيلهم من أجل سد عجز الموازنة أو لأسباب مالية تخص الحكومة.
على جميع الأحوال أرى أن قانون السير الجديد خطوة مهمة شريطة تنفيذ بنوده بحق كل من يخالف أو يتهاون بأرواح الناس ولا يحترم الطريق.