اقتصاد

العقوبات الاقتصادية الأمريكية تجاه سوريا وتأثيرها على التبادل التجاري مع الأردن والدول العربية

{clean_title}
الأنباط -
عايش: أميركا تستخدم " قانون قيصر" من أجل إيجاد عائد اقتصادي لها في سوريا


الأنباط-عمر الكعابنة


تشهد العلاقات الاقتصادية بين الولايات المتحدة الأمريكية وسوريا تحولات هامة في الآونة الأخيرة، حيث قامت الولايات المتحدة الأمريكية عام 2019 بفرض عقوبات اقتصادية على سوريا بسبب الوضع السياسي والأزمة المستمرة في البلاد، حيث تهدف هذه العقوبات إلى ضغط النظام السوري وتحقيق تغييرات في سلوكه وسياساته تماشياً مع ما تريده الولايات المتحدة الأمريكية .

وتعتبر العقوبات الاقتصادية من أهم وسائل التأثير السياسي والاقتصادي التي تستخدمها الولايات المتحدة الأمريكية لتحقيق أهدافها، وتشمل تقييدات على التجارة والاستثمار وتجميد الأصول المالية ومنع التعاملات المالية مع الكيان المستهدف، ومن بين الدول التي تشهد تأثيراً مباشراً لهذه العقوبات هي الأردن والدول العربية المجاورة لسوريا.

يتعايش الأردن مع تداعيات هذه العقوبات الاقتصادية نظراً للارتباطات الاقتصادية والتجارية القائمة بينهما، حيث يعتبر الأردن طريق عبور رئيسي للتجارة بين سوريا وبقية الدول العربية.
و تأثير العقوبات الاقتصادية يشمل تقييدات على الصادرات والواردات وتحويلات الأموال، مما يؤثر على حركة التجارة والتبادل الاقتصادي بين الأردن وسوريا.

مع تزايد الضغوط الاقتصادية وتفاقم الأزمة الإنسانية في سوريا، فإن تأثير العقوبات يمتد أيضًا إلى الدول العربية الأخرى المجاورة، من خلال التجارة والتعاملات الاقتصادية بين الدول العربية وسوريا التي تعتبر تعتبر جزءًا هامًا من النشاط الاقتصادي في المنطقة، وبالتالي فإن العقوبات الاقتصادية تضعف التبادل التجاري وتتسبب في تقليص حجم الصادرات والواردات بين هذه الدول وسوريا.

بين الخبير الاقتصادي حسام عايش أن قانون قيصر وضع كقانون عقوبات أمريكي ضد سوريا، وهو يستهدف كل من يتعامل مع البلد السوري، ويتركز هذا القانون بشكل خاص على الجوانب الاقتصادية والاستراتيجية، وعند الحديث عن الطاقة، يركز على النفط والغاز، والبنك المركزي، والتعامل المصرفي، بما في ذلك الطائرات العسكرية. بمعنى آخر، يفرض القانون عقوبات شاملة تقريبًا على سوريا،يأتي هذا القانون في إطار رفض الولايات المتحدة التطبيع مع النظام السوري، وتطالب النظام بالانصياع لقرارات أممية وعملية سياسية لتحقيق تغييرات في الساحة السياسية السورية، ولهذا الغرض تستخدم العقوبات الاقتصادية كأداة توضح العقوبات الاقتصادية المفروضة على سوريا محدودية العلاقة مع البلد، حيث لا يشمل التبادل التجاري الاعتيادي بين سوريا وباقي الدول. ومع ذلك، يتم ملاحظة حجم هذا التبادل ويظهر أحيانًا تخوف الولايات المتحدة من ارتفاع مستوى هذا التبادل، خاصة عندما يتعلق الأمر بإعادة إعمار سوريا.

وتابع، على سبيل المثال، ترفض الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي المشاركة في عملية إعادة الإعمار، لكنهما تسمحان ببعض التبادل التجاري الضروري، مثل السلع الغذائية والخدمات والاحتياجات الأساسية للشعب السوري. كما يُسمح أيضًا بتواجد مؤسسات أهلية ومنظمات مجتمع مدني ومؤسسات إغاثة، ولكن بمراقبة أمريكية صارمة، وقد جرت عدة زيارات بين الأردن وسوريا في محاولة منهما لتعزيز التبادل التجاري بين البلدين، إلا أن قانون قيصر حرم ذلك وأعاق التطورات في هذا الشأن، وبالرغم من أن الولايات المتحدة تعبر عن استعدادها للمساعدة الإنسانية ودعم المنظمات غير الحكومية في سوريا، إلا أنها تفرض رقابة صارمة للتأكد من أن هذه المساعدات تصل إلى المستفيدين المناسبين..


وزاد أن مبادرة الأردن لعبت دوراً مهماً فيما يتعلق بإعادة سوريا إلى الجامعة العربية ، لكن ذلك ما زال غير فعال بالنسبة لإعادة تنشيط العلاقات الاقتصادية الأردنية السورية وبالذات أنما نتحدث عن مستوياتها قبل 2010 حيث لا يتجاوز التبادل التجاري الأردني السوري في الوقت الحال الـ 150 دولار دينار، مشيراً إلى أن هناك حديث عن استثمارات عربية في سوريا، خليجية، إماراتية، سعودية، وإن أمكن لهذه الدول تجاوز العقوبات التي يمكن أن يفرضها قانون قيصر على هذه الدول، فمعنى ذلك أن التعاون الاقتصادي مع سوريا سيرتفع ويتيح مجالا أوسع لتبادل تجاري واقتصادي وحتى استثماري بين الأردن وسوريا وهذا كله لا شك أنه سنعكس إجاباً على الوضع الاقتصادي في الأردن إذا ما أعيد تنشيط التبادل التجاري بين البلدين وخاصة أن سوريا بحاجة إلى الكثير من المنتجات الصناعية والزراعية ودوائية وإغاثية وبالتالي الأردن يمكنه أن يوفر قسما كبيرا منها.
وأضاف عايش، أن الأمر منوط بمبادرة عربية جماعية من الواضح أنها لم تتبلور حتى الآن والأمر أيضا منوط بالتفاهم مع الإدارة الأمريكية وأيضا هناك قوة أخرى منخرطة في الأزمة السورية مثل إيران، نتحدث وتركيا، وروسيا، والإتحاد الأوروبي والكيان الصهيوني حتى وهذه كلها قوة لا شك أن لها مصالح متباينة في سوريا ومع سوريا ولا بد أن تُأخذ بالاعتبار عند القيام بعملية اقتصادية كبيرة مع سوريا مثل إعادة الإعمار وتأسيس وصيانة البنية التحتية في سوريا التي تهدّم 70% منها أو ربما تعرضت للتضرّر أو لإعادة تفعيل الاقتصاد السوري ، حيث كان الناتج المحلي الإجمالي السوري يقدر بـ 60 مليار دولار في عام 2010 ، بينما هو أقل من 20 مليار دولار الآن ،وإذا علمنا أيضاً إن التقديرات بشأن إعادة الإعمار في سوريا تتجاوز أحياناً 400 مليار دولار، عليه تشكل إعادة تنشيط العلاقات الاقتصادية الأردنية السورية تحديات كبيرة، ويتطلب التعاون الدولي والتوافق بين الدول المعنية لتحقيق التقدم في هذا الصدد.

ولفت، أن كلفة هذا الإعمار لا بد من مواجهته عبر صندوق عربي لتنشيط التبادل التجاري والاقتصادي والمعيشي والخدمي وأن نلحظ أن العودة الاقتصادية العلاقات مع سوريا هي عودة تدريجية تستدعي بالطبيعة بالضرورة توافقا دوليا وبالذات مع الولايات المتحدة والإتحاد الأوروبي هذه العلاقات أن تعاد فيما يتعلق باحتياجات الأساسية وبالذات القطاع الزراعي وإعادة تأهيل البنية التحتية وإعادة بناء المنازل والمدارس ، والنظر في معدلات البطالة والفقر في سوريا التي تعد من الأعلى في العالم، مشيراً إلى أننا نتحدث عن حاجات اقتصادية اجتماعية معيشية إغاثية حتى يتم تسهيل عودة السوريين.

وأشار عايش أن قانون قيصر تستخدمه الإدارة الأمريكية للمساومة للحصول على عائد من وراء هذه التنازلات سواء كان عائد يتعلق بالعلاقات الاقتصادية مع الدول الخليجية وبالذات النفطية منها ، وربما عائد يتعلق بحصة من الأمر للشركات الأمريكية في سوريا، مبيناً أن هناك شروطاً ستفرض في حالة كان هناك نوعاً من التفاهم الأمريكية بخصوص قانون قيصر، وأيضاً فيما يتعلق بدور إيران وهذا كله لا بد أن يناقش بالسياسة لكي يكون له أثر في الاقتصاد، مؤكداً أن هذا ما يُفترض بالدول العربية أن تبادر إلى القيام به من أجل إعادة تنشيط العلاقات الاقتصادية مع سوريا ومن أجل إعادة بناء ما دمرته الحرب الأهلية في سوريا.
في الختام، يظهر أن قانون قيصر يمثل تحديًا كبيرًا للتعامل التجاري والاقتصادي بين سوريا والدول الأخرى، وتتواجد عقبات وقيود كبيرة في مجال إعادة إعمار سوريا. هذا القانون يعكس الرغبة الأمريكية في تحقيق تغييرات سياسية في سوريا وفرض الضغط على النظام السوري لتحقيقها.
تابعو الأنباط على google news
 
جميع الحقوق محفوظة لصحيفة الأنباط © 2010 - 2021
لا مانع من الاقتباس وإعادة النشر شريطة ذكر المصدر ( الأنباط )