هو أحد الاضطرابات التابعة لمجموعة من اضطرابات التطور، التي يُطلق عليها باللغة الطبية "اضطرابات في الطيف الذاتوي"، أو ما يُعرف بـ"اضطراب طيف التوحد" (Autism Spectrum Disorders – ASD)، وغالباً ما تبدأ أعراضه بالظهور قبل بلوغ الطفل سن الثلاث سنوات.
واضطراب طيف التوحد عبارة عن حالةٍ ترتبط بنمو الدماغ، وتؤثر على كيفية تمييز الشخص للآخرين والتعامل معهم على المستوى الاجتماعي، مما يتسبب في خللٍ بالتفاعل والتواصل الاجتماعي.
يتضمن الاضطراب أيضاً أنماطاً محدودة ومتكررة من السلوك، ويُشير مصطلح "الطيف" إلى مجموعة كبيرة من الأعراض التي تتفاوت حدّتها.
أنواع التوحد هي أربعة، وبعضها كان يُعتبر منفصلاً عن الاضطراب في السابق، وهي:
متلازمة أسبرجر، ويعاني المُصاب بها من أعراض معتدلة.
اضطراب التوحد، أعراض متلازمة أسبرجر نفسها، ولكنها أكثر حدّة.
اضطراب الطفولة (متلازمة هيلر)، النوع الأكثر شدّة والأكثر ندرة أيضاً، فهو يصيب 2 من بين 100 ألف طفل.
اضطراب النمو الشامل، يعاني المصاب به من مشكلات في التواصل واستخدام اللغة وفهمها، إضافةً إلى حركات جسم متكررة وعدم تقبّل التغييرات.
وفي الوقت الذي لا يوجد فيه علاجٌ لهذا الاضطراب، إلا أن العلاج المكثف والمبكر قد يؤدي إلى إحداث فارقٍ كبير في حياة الشخص المُصاب.
بين الحقائق والخرافات
عدد كبير من الناس يُسيء فهم هذا الاضطراب، ويملك أحكاماً مُسبقة عنه وعن أسبابه وأعراضه. فهو ليس مرضاً عقلياً على سبيل المثال، فهذا اعتقادٌ خاطئ. كما أن الأطفال المصابين به لا يقرّرون أن يسيئوا التصرف. والأهم، أن سوء التربية لا يؤدي إلى التوحد.
تعالوا نتعرّف في هذا التقرير عن المعتقدات الخطأ وأبرز الخرافات الشائعة حول التوحد، ونسلّط الضوء في المقابل على الحقائق التي يجب أن نُدركها.
1- لا تصاب الفتيات بالتوحد عادةً
إن التوحد هو اضطراب النمو الأكثر شيوعاً، وقد يعاني منه الأطفال أو البالغون من مختلف الأعراق والخلفيات الاجتماعية. وعلى عكس ما هو سائد، فإن الفتيات أقلّ عرضةً للإصابة به، فهو أكثر شيوعاً بين الذكور بنسبة 4 أضعاف.
هناك جانبٌ جيني لهذا الاضطراب، أي أن احتمالية تشخيصك بالتوحد ستزيد إذا كان لديك أشقاء أو أقارب يعانون منه. كما أن الآباء الذين أنجبوا في سنّ متقدمة، تزيد احتمالية تشخيص أولادهم بالاضطراب.
2- ليست أنواع التوحد متشابهة
تظهر على المصابين بهذا الاضطراب أعراض مختلفة، ويمرّون بتجارب متنوعة. ووفقاً لموقع Web MD، فإن مجموعة المهارات والسلوكيات والتحديات التي يمرّ بها المصاب بالتوحد تتفاوت بشدةٍ بين شخصٍ وآخر.
وبمعنى أكثر وضوحاً، تختلف تجربة كل شخص يعاني من هذا الاضطراب عن شخصٍ آخر؛ لأن اضطراب طيف التوحد يُشير إلى مجموعة واسعة من الحالات، ويشمل 4 أنواع تختلف حدّتها بين نوع وآخر.
يؤدي هذا الاضطراب إلى اختلافات غير مفهومة في الدماغ، وتختلف الأعراض بشكلٍ ملحوظ بين شخص وآخر. لا يمرّ شخصان بالتجارب الحياتية نفسها، والتحديات نفسها، لأن الأعراض يمكن أن تختلف بشدة.
في العام 2013، جرى تغيير اسم مرض التوحد إلى اضطراب طيف التوحد، حسب ما ورد في الدليل التشخيصي والإحصائي للاضطرابات العقلية-الإصدار الخامس. ووقع الاختيار على الاسم الجديد ليشمل الأشخاص الذين يعانون مستويات مختلفة منه.
3- لا يعاني المصاب به من إعاقة ذهنية
غالبية المصابين يستطيعون عيش حياةٍ طبيعية نسبياً، ولو أن ذلك يختلف من بلدٍ إلى آخر، ومرتبط بالمفاهيم الاجتماعية والعناية التي يوفرها المجتمع للمصاب.
ففي الهند مثلاً، لا توجد أنظمة دعم متخصصة للمصابين، لهذا تقل احتمالية تشخيص الحالة إلّا بعد أن تصبح الأعراض شديدة. وبناءً عليه سنجد أن المصابين بهذا الاضطراب هناك يمكن أن يعانوا من إعاقات ذهنية.
وتشمل الخرافات أيضاً الاعتقاد بأن غالبية المصابين به يتمتعون بمهارات مذهلة، مثل الذاكرة الصورية أو المهارات الفنية والموسيقية المبدعة. يحدث هذا أحياناً، لكن في حالات نادرة جداً.
4- يمكن تشخيص المرء في مرحلة عمرية متقدمة
أحياناً، لا تتوفر دلالات حيوية يمكن استخدامها لتشخيص اضطراب طيف التوحد لدى الطفل، بعكس ارتفاع ضغط الدم عند الكبار مثلاً.
ونتيجةً لذلك، تحدث الأخطاء عند تشخيص الأطفال بأعراض مثل اضطراب نقص الانتباه مع فرط النشاط (ADHD)، أو القلق، لأن الأطباء لا يدركون أن اضطراب طيف التوحد هو السبب الرئيسي لتلك الأعراض.
يمكن للأطفال أن يحوموا داخل نطاق طيف التوحد، لكن الأعراض ستزداد وضوحاً مع تقدّمهم في العمر بسبب ظروف الحياة، والضغوط التي تواجههم.
5- لا دخل للبيئة بارتفاع الإصابات
لا شكّ أن هذا الاضطراب ينتشر عالمياً اليوم أكثر مما كان عليه في السابق. ووفقاً لموقع مراكز السيطرة على الأمراض والوقاية منها (CDC)، فإن 1 من أصل كل 44 طفلاً في الولايات المتحدة يعاني من هذا الاضطراب، بعد أن كان 1 من أصل كل 88 طفلاً قبل 10 سنوات.
لكن سبب هذه الزيادة ليس بيئياً على الأرجح، بل عوامل مختلفة تتحمل المسؤولية هنا، أبرزها تغيير طريقة تصنيف المجتمع للأشخاص المصابين بالتوحد؛ فضلاً عن أن عدداً كبيراً من الناس صار يُدرك أن أنواعه مختلفة.
علاوةً على أن زيادة الوعي بهذه الحالة تزيد من احتمالات تشخيص الأطفال بها. ومن المرجح أن تكون هذه العوامل هي المسؤولة عن زيادة الحالات.