الأنباط -
محمود الدباس
في احدى مؤسسات دولة ما.. كانت كل مشاريعهم ليست ناجحة فحسب.. بل كانت تفوق الوصف من حيث.. المدة القياسية لطرح ودراسة واحالة وتنفيذ العطاءات.. وكذلك المهنية العالية في ادارة اللجان المختصة في مراحل العطاءات وكذلك ادارة المشاريع.. ولا ننسى الرضا منقطع النظير على نتائج ومخرجات المشاريع.. من قبل الموظفين ومتلقي الخدمة على حد سواء..
وعندما قام بعض الاصدقاء بالبحث عن السبب وراء ذلك النجاح والتميز.. تبين ان هناك بند في وثيقة (كراسة) العطاء.. تنص على وجود 5% من قيمة العطاء تُدفع للشركة التي درست المشروع ووضعت المواصفات.. والتي تتعهد ايضا بان النتائج ستكون من افضل ما يمكن تنفيذه.. اذا تم الالتزام ببنود وشروط ومواصفات وثيقة العطاء (المناقصة.. )
اللافت للانتباه.. تبين ان المسؤول الأول في تلك المؤسسة هو صاحب تلك الشركة.. فكان يمنع اي نوع من انواع التواصل بين الشركات المتنافسة ولجان العطاءات بعد تقديم عروضهم.. حتى لا يتم التأثير على قراراتهم.. فيختارون الانسب المطابق دون اي ضغوطات..
فقد كان يعمل على مبدأ "أمطري غيمة حيث شئتي فإن خراجك عائد إلي"..
في العادة يكون اللغط والحديث عن المشاريع التي تم تنفيذها بشكل سيء.. وتظهر عيوبها وعدم اقتناع ورضا متلقي الخدمة عنها..
اما المشاريع التي يتم انجازها بشكل ممتاز وسليم.. وفي زمن معقول.. وترضي وتلبي طموح الناس.. فان العيون تعمى والألسن تنخرس عن اي شبهة فساد او حتى الفساد الواضح.. وللاسف من يقومون على الفساد عندنا لا يراعون هذه النقطة.. فدائما يختارون العرض الذي يمكن لصاحبه ان يقتطع جزءا من ارباحه لهم.. وبالتالي يكون على حساب الجودة لمخرجات المشروع.. ومستوى الخدمة المطلوبة..
ولعلمنا واعتقادنا الجازم بان الفساد موجود على هذه الارض منذ ان دبت اقدام البشر عيها.. ولن ينتهي الا حين يرثها الله ومن عليها..
فإنني اتقدم بمبادرة لعلها ترى النور.. بأن نقونن الفساد.. وذلك بان يتم وضع انظمة ولوائح وقوانين.. تُبيح باعطاء نسبة معينة من قيمة العطاءات للمسؤولين الكبار في اي مؤسسة نتيجة نجاحهم باستقطاب وتنفيذ العطاءات بالشكل الامثل.. يعني بلغة مبسطة.. بدل ان يأخذ حصة من تحت الطاولة.. ويكون ما يأخذه على حساب جودة المشروع.. فليأخذها بشكل علني ورسمي.. ويكون همه وشغله الشاغل إنجاح المشروع واخراجه على افضل هيئة..
كمثل من يكتشف ان ابنه بدأ بالتدخين ولا يمكن العودة عن ذلك.. فبدل ان يتركه ينجر لبعض الوسائل المدمرة واللااخلاقية ليحصل على ثمن علبة الدخان.. فتراه يعطيه بالقدر الذي يستطيع شراء الدخان.. ويكون سلوكه تحت نظره..
فانا على ثقة.. بان الكثير الكثير من المعوقات والروتين والتواقيع ستختفي.. وانا على ثقة بأن الأنسب المطابق.. سوف يكون دستور وديدن هؤلاء المسؤولين.. وسنجد المشاريع تنفذ في وقتها او اقل.. وبمواصفات ترقى لان تصل للمواصفات العالمية..
نعم للفساد المقونن.. لا للفساد التقليدي..