الأنباط -
الأكاديمي مروان سوداح
كشفت جمهورية كوريا الديمقراطية الشعبية عن هجوم سري وحقيقي جرى بالمناطيد على أراضيها، مِمَّا أدّى إلى تفشي الأوبئة على أراضيها وإصابة العديد من مواطنيها المدنيين والعسكريين بالفيروسات. وقد تبيّن لبيونغيانغ أن سيؤول وعدداً من حلفائها الغربيين والشرقيين على حد سواء، منشغلون منذ فترة غير قصيرة، بتدابير هذا التدخل ضد سيادة الشمال الكوري، والذي يَعني في الواقع حرباً حقيقية وفعلية وواقعية تشنها هذه الأطراف على كوريا الديمقراطية، لكن بهدوء وبدون ضجة، وبعيداً عن استخدام السلاح الناري الذي يستعيضون عنه بسلاح خفي، لا محركات وقودية فيه، ولا يُطلق أصواتاً فاضحة تُعري اقتحامه حدود شمال كوريا.
فضائية "الميادين" التلفازية الإخبارية الشهيرة، وغيرها من الفضائيات العربية، تحدثت من خلال شاشاتها ومواقع الأنباء لديها، عن هذا "التطور" الخطير في العلاقات بين شمال وجنوب كوريا، وقد عقبت على هذا التدخل بالتالي: "على الرغم من الحظر الذي دخل حيّز التنفيذ عام 2021، اعتاد ناشطون كوريون جنوبيون منذ سنوات إرسال بالونات عبر الحدود إلى الشمال تحمل منشورات دعائية ودولارات أميركية، وهو ما كانت بيونغيانغ تعترض عليه منذ فترة طويلة، وذكرت وكالة الأنباء المركزية الكورية الشمالية الرسمية أنّ يو جونغ حمّلت هذه النشاطات عند الحدود مسؤولية تفشي وباء كورونا في الشمال، معتبرةً ذلك "جريمةً ضد الإنسانية"، بينما قالت جونغ إنّ عدداً من الدول ومنظمة الصحة العالمية أقرت "بخطر انتشار مرضٍ معدٍ من خلال ملامسة الأشياء الملوّثة"، مضيفةً: "يقلقنا جداً أنّ ترسل كوريا الجنوبية منشورات وأموالاً وكتيبات وموادّ قذرة إلى منطقتنا".
وحذّرت الرفيقة "يو جونغ" شقيقة القائد كيم جونغ وون، من أنّ بيونغ يانغ تفكّر في "ردٍ انتقامي قوي"، وأنّه إذا استمر إرسال البالونات "فسيكون الردّ بالقضاء ليس على الفيروس وحسب، بل على السلطات الكورية الجنوبية أيضاً"، بينما و"كعادة حلية في عاداتها القديمة"، ادَّعَت سيؤول: "لا شيء يثبت رسمياً الإصابة بفيروس كوفيد بملامسة البريد أو المواد"، وهو ما أثبتت كوريا الديمقراطية عكسه تماماً من خلال إرجاءاتها العلمية المعروضة للمجتمع الدولي والمتخصصين في مجالات الفيروسات والحرب الفيروسية.
أكدت يونغيانغ في بيانها؛ الذي فضح الهجوم الفيروسي على شمال كوريا وعلى جمهورية الصين الشعبية أيضاً؛ بأنه تم إجراء الدراسات لحالة الإصابة بالفيروس المعدل "أومكرون ستيلث" في كل من العاصمة بكين، ومدينة سوهونغ بمقاطعة زيجانغ، ومدينة سانغجو بمقاطعة كانغ سو، ومدينة دالين بمقاطعة لاونيهغ، وبرهنت النتائج كلها على دخول الفيروس عبر ألبسة تم توريدها من جنوب كوريا، وعليه تم اتخاذ خطوات لاختبار وتعقيم بضائع يتم توريدها من جنوب كوريا.
اللافت للنظر أن مَن يُسمّون أنفسهم بِ"الهاربين من الشمال" إلى جنوب كوريا، (أصروا على ضرورة إدخال "كوفيد/19" إلى شمال كوريا، وقاموا بتسيير مئات آلاف المنشورات والبضائع "المُمْرِضَة والمتسخة إلى داخل أراضينا عبر نحو 30 منطاداً كبيراً بين شهري نيسان وحزيران)، وأضافت الجهات الرسمية في الشمال الكوري بتعرية المتدخلين بقولها: "تم ذلك بتساهلٍ وتسامحٍ من طرف سلطات جنوب كوريا"، فخلال الفترة ما بين الساعة 23:30 من 16 آب والساعة 1:30 من 17 آب، قام هؤلاء الحثالة البشرية الهاربة، وبإذن من سلطة جنوب كوريا، بتسيير الكتب، وأوراق نقدية بقيمة دولار واحد، والأطعمة، إلى داخل أراضينا عن طريق 21 منطاداً كبيراً. كما أعلنوا عن خطتهم بتسيير 170 منطاداً هوائياً من جزيرة كانغوا في جنوب كوريا "لاحقاً"، مِمَّا شكّل حالة طوارئ خطيرة في الشمال، فقد يدخل الفيروس التاجي مجدداً إلى أراضي كوريا الديمرقراطية التي استعادت الاستقرار الاحترازي مقابل ثمن باهظ". وتضيف السلطات في بيونغيانغ: "لقد ثبت من خلال الحقائق، أن انتشار كوفيد/19 عبر البضاعة ليس احتمالاً يمكن الاستهانة به كما تقول سلطة جنوب كوريا، بل يؤكد أن جنوب كوريا أصبحت مصدراً لانتشار الفيروس المُعَدَّل أومكيرون ستيلث إلى بلادنا والدول المجاورة لها مؤخراً"، و"إذا سلمنا جدلاً أن نسبة انتقال كوفيد/19 عبر سطح البضاعة تصل إلى 0.001 بالمئة، وحالة الإصابة الواحدة والبضاعة الملوثة الواحدة تَنقل الأمراض إلى مئات الناس، وتَتسبَّب في حدوث أزمة خطيرة، فإن إدخال جنوب كوريا لبضائعها الملوثة بالفيروس الخبيث إلى داخل بلادنا يعتبر جريمة ضد الإنسانية، وهو ما لا يمكن تصوره كأمة كورية متجانسة، "فهو ليس إلا هجوماً كيميائياً حيوياً"، ورغم توافر الحقائق، تصر سلطة جنوب كوريا على "عدم احتمال" انتقال عدوى الفيروس عبر البضائع المنقولة بالمناطيد فحسب، بل ويذهبون إلى اتخاذنا ذريعة لِ"استفزاز" جنوب كوريا من باب قول القائل: ضربني وبكى وسبقني واشتكى.
وفي تقييم شمال كوريا لسياسة الجنوب الكوري، أعلنت بيونغيانغ استنتاجاً وموقفاً يعكس الوضع الخطير الذي وصلت إليه الأحوال: "دخلت العلاقات بين شمال وجنوب كوريا في نفق مرحلة المواجهة الأشد خطورة من جراء جرائم سلطة كوريا الجنوبية التي تدعي بـ"الحوار" و"التعاون" في المقدمة، لكنها تلجأ إلى الجرائم ضد الإنسانية تجاه بني الأمة الواحدة.. وإذا سمحنا لمثل هذه الجرائم بالحدوث، فإن العلاقات بين شطري كوريا ستتطور نحو مجابهة خطيرة، ستتسبب في حدوث عواقب وخيمة لا يمكن تصور نتائجها في شبه جزيرة كوريا والمناطق المجاورة لها"، وناشدت كوريا الديمقراطية "المجتمع الدولي الذي يحرص على العدالة ونظافة الضمائر، أن يرفع صوت التنديد بوجه الجرائم غير الإنسانية لسلطة جنوب كوريا، والمطالبة الحثيثة لسلطة جنوب كوريا بالاعتراف بمسوؤليتها عما حدث، ومعاقبة مَن يتحمل المسوؤلية، وعدم السماح بتسيير البضائع المتسخة إلى داخل جمهورية كوريا الديمقراطية الشعبية".
...