الأنباط -
جاءت منهجية برامج التحوُّل الإقتصادي والإجتماعي (إعاده البناء (المدروس والمُتدرِّج وفق خطوات مصممة بعناية فائقة نحو تعزيز قدرات وإمكانيات الإقتصادات الناشئة والنامية ، في الوقت الذي يشهد العالم تسارع آفاق التحرر الإقتصادي على النطاقين الإقليمي والعالمي ، في ظل بروز أهمية دور التعاون الدولي الذي بدأت ترسمه منظمة التجارة العالمية نحو إيجاد مناخ ملائم لنمو وتشجيع الإستثمارات وتحرير التجارة. مما أوجب على كافة الحكومات والدول على تهيئة وإعادة هيكلة إقتصادياتها ومؤسساتها للتعامل بإيجابية لتوسيع قاعدتها الإنتاجية والإستفادة من النفاذ للأسواق بحُريَّة ، بذلك تكون الخطوة الأولى تسهدف تعظيم قواعدها وإمكانياتها الإنتاجية ، جرّاء الإستفادة من الإندماج في الإقتصاد العالمي بمرونة وكفاءة وبأقل الخسائر وتحقيق التوازن الإقتصادي وزيادة معدلات النمو وتنويع مصادر الدخل، وتعزيز فرص الإستثمار في رأس المال البشري، وتعزيز دور القطاع الخاص في تطوير القطاعات الإقتصادية والمالية بأهداف إجتماعية أيضاً ، وتوفير المناخ المناسب لتحرير التجارة وجذب الإستثمارات الخارجية والوطنية من خلال توطين التكنولوجيا المتطورة و تطبيق أساليب الإدارة الحديثة وفصل الإدارة عن الملكية، و تبادل المعلومات والخبرات على مستوى عالمي .
خير ما نبدأ به ما هو الهدف من وراء برامج التحول الإقتصادي والإجتماعي؟ حيث أظهرت التجارب السابقة أن حالات كثيرة إقتصرت على برنامج الخصخصة كبيع مؤسسات الدولة ، وكانت متسرّعة وإجتهادات فردية وعشوائية وردود إرتجاليّة فكانت النتائج غير مُرضية ، كما كانت في شكلها سياسية وفي حقيقتها إقتصادية، حيث أن هدفها وأسبابها الحقيقية يجب أن تنصَبّ في معالجة مشكلات إقتصادية ، كما أن التجارب تشير الى أن غالبية العقبات تتمثل في إجراءات نقل ملكية الأصول العامة إلى القطاع الخاص ذات طابع ومشكلات متعلقة بالمعايير الإقتصادية المُستخدمة بعيداً عن قياس الأثر الإجتماعي وسيرورة النشاط الإقتصادي وإنعكاساته على الموازنة العامة وإستراتيجية إدارة الدَّين العام الذي ترك أثراً سلبياً حول دقَّة إجراءات التقييم ورافقها سوء التخطيط والتنفيذ القريبة من إجراءات التصفية الإختيارية لمؤسسات الدولة ، بالتالي عدم نجاح التجربة بشكل عام.
من هنا نرى أن عملية تحويل المؤسسات يحتاج إلى التخطيط المتأنّي سواء من الجانب السياسي أو الإقتصادي. حيث أن هناك حاجة إلى توفير الوقت اللازم والكافي إلى دراسة وتحليل المعاملات والإجراءات وصولاً إلى نتائج العمليات التجارية والإدارية والمالية لهذه المؤسسات ليس من المنظور التاريخي فقط بل تتعدى ذلك بإتباع سياسات ومعايير مالية وإقتصادية متوافقة مع معايير مهنية دولية التي تلبي إحتياجات المستثمرين في بلدان إقتصاد السوق المُختلط برقابة منظمة من الدولة.
لا يمكننا أن ننظر إلى عملية التحول الإقتصادي والإجتماعي دون مناقشة آثارها على الإقتصاد الوطني حيث أن هذا القرار هو البداية، من هنا فإن شُموليَّة التخطيط تستوجب تحديد أهداف إستراتيجية من البرنامج ويمكننا وضع تصوُّر لبعضها مثل تحسين كفاءة الإنتاجية والتشغيلية وإدارة وتطوير المصادر والثروات الطبيعية كأحد أهم مُمكنات التحوُّل الإقتصادي والإجتماعي للمجتمع وتطوير وتنمية أسواق رأس المال وأسواق الأسهم وتشجيع الملكية العامة في المؤسسات الوطنية والعمل على زيادة المنافسة وقوى السوق مع المحافظة على سيطرة الإقتصاد الوطني على القرار الإقتصادي ، بالقول الفَصل بأن لا يتجاوز نسبة الإستثمار الأجنبي ما نسبته 15% من بعض القطاعات مثل البنوك ، والثروات الطبيعية وحقوق الإمتياز العام من إتصالات وكهرباء ومياه وأي قطاع له إرتباط بالأمن القومي الوطني .
كيف يمكن تحقيق ذلك ، مما تقدَّم نستطيع أن نستخلِص أن الإجراءات التمهيدية تستدعي الجرأة في قرار الدوران الى الخلف ، السير بالإتجاه المُعاكس في تحديث برامج التحوُّل الإقتصادي والإجتماعي مجدداً؟ والتي توفر تطمينات بمستوى الإدارة العلمية وكفاءتها على أساس جدارة الإستحقاق الكل يعتز بولائه للدولة والنظام . حيث أن تكون عملية ذات طابع عمل مؤسسي و ليس شخصي على أن توكَل المهمة من قبل لجنة مختلطة وزارية بمشاركة مختصين من مجلس النواب والأعيان. إن إجراء التغيير يحتاج إلى قرار سياسي وفريق إداري حصيف بعيداً عن الأطماع الشخصية نحو بناء مؤسسات أردن المستقبل إستعداداً للمرحلة المقبلة ، وعصر المئوية الثانية . والله ولي التوفيق .
الرئيس التنفيذي / مرصد مؤشر المستقبل الإقتصادي
anwar.aak@gmail.com