الأنباط -
حسين الجغبير
عندما أُعلن عن تشكيل لجنة تحديث المنظومة السياسية، خرجت أصوات لتؤكد أن الاصلاح السياسي ليس أولوية أردنية، ما دامت المملكة تعاني تحديات اقتصادية ضخمة، وعلى رأسها النمو الاقتصادي، وعجز المديونية، والدين العام، وتراجع المساعدات الخارجية، في ظل ضغوطات سياسية على الأردن.
لم يكن الاصلاح السياسي أولوية لغالبية الأردنيين، فهم يريدون وظائف تساعدهم على تأمين متطلبات حياتهم، وكان التأكيد أيضا من فريق آخر على أن الاصلاح السياسي لن يحقق غايته إلا بالتزامن مع اصلاح اقتصادي.
وبين الاصلاحين، ظهرت إرادة حقيقية لتحقيق اصلاح إداري، وهو أساس تطور الدولة، لكن بعد كل ذلك، تأكد أهمية الاصلاح السياسي خصوصا مع الإعلان عن ورش اقتصادية من المقرر أن تبدأ عملها يوم السبت المقبل في الديوان الملكي، كجلسات عصف ذهني بين مختلف أطياف الحياة الاقتصادية في الدولة تمهيدا لتقديم توصيات عامة في هذا الإطار.
هذا ما نريده، نريد البدء في حركة التقدم،وبرعاية الديوان الملكي الضمانة الكبيرة لأي مشروع أو خطط نهضوية في بلدنا، خصوصا أن الديوان الملكي عنوان ثقة للشارع الأردني، بعد فشل السلطة التنفيذية في تحقيق قفزات مهمة في التحول الأردني في كل أشكاله.
في لقاء مع جلالة الملك أمس مع عدد من الكتاب، استمعت وعدد من الزملاء إلى تأكيدات ملكية حازمة بأن الأردن ماض في الإصلاح مهما كان الصعوبات والتحديات، انطلاقا من أهمية الإسراع في ذلك، مع تأكيد جلالته بان ذلك سيتحقق بإرادة الإردنيين، وبالمسؤول القوي غير المرتجف.
الملك تحدث بعدة محاور، كلها تحت عنوان مهم قوامه أن الأردن في مئويته الثانية لا بد له من أن يحقق نقلات كبيرة في مختلف الملفات لينعكس ذلك على حياة الناس، ومعيشتهم.
الورش الاقتصادية ضرورة ملحة كونها تقوم على فكرة تشاركية مع القطاع الخاص وأصحاب الاختصاص في 17 ملفا، ومهمة أيضا لأنها عنوان لمرحلة تقول إن كل مخرجات هذه الورش وتوصياتها لن تكون مرتبطة بحكومة حالية أو حكومة مقبلة، فالأمر عابر للحكومات، أي إنه إستراتيجية عملية ومصفوفة غير خاضعة لرؤية رئيس وزراء أو وزير، فالبلد عانت كثيرا تقلبات الخطط والأفكار التي ترتبط بالشخوص، وبقائهم في أماكنهم.
إن مرحلة السير برجل واحدة انتهت من منظور الدولة الأردنية، ومرحلة الإستراتيجيات المؤقتة لم تعد تجدي نفعا، بعد أن فشلت عشرات الإستراتيجيات في تحقيق نقلة واحدة نحو الاصلاح.
لقاؤنا مع جلالتة عكس حقيقة أن الملك عازم على التقدم إلى الأمام، برؤية جادة، ومرتبطة بمدد زمنية، وقابلة للتطبيق، واليوم الملك يقود البلد بطريقة مختلفة عما شاهدناه سابقا، وهذا يؤشر الى أنه سيكون للمملكة في مئويتها الثانية وجها آخر أكثر اشراقا.
في الواقع كل ما يحتاجه الأردنيون هذه الرؤية التي لن تتحقق بشخوص لا يتمتعون بالقوة الكافية لتنفيذها.