الأنباط -
"هكذا يحدث عند تعيين أشخاص عديمي الخبرة في مثل هذه المناصب الحساسة"، كان هذا تفسير مسؤول إسرائيلي لما وقع في سجن جلبوع، عندما تمكن ستة أسرى فلسطينين من إختراق أكثر سجون الإحتلال الإسرائيلي حصانة ومناعة عبر نفق تمكنوا من حفره.
المسؤول الإسرائيلي وضع أصبعه على سبب الكثير من الإنهيارات والاختراقات التي تقع في أداء أجهزة الكثير من الدول وشخص الداء الذي تعاني منه الكثير من الدول التي تأخذ بظواهر الأمور دون جوهرها، من ذلك على سبيل المثال أن هذه الدول تعطي في خياراتها وقرارتها الجانب النظري أكثر مما يستحقه كمقياس للخيار والقرار، دون أن تلتفت إلى حقيقة كبرى تقول أن هناك فرقاً كبيراً بين أقوال الناس وأفعالهم، وأن هناك هوة سحيقة بين ما نقرأه في الكتب وبين ما نمارسه ونواجهه في الحياة العملية، لذلك فإن اعتماد الشهادة الجامعية كمعيار وربما وحيداً عند رغبة هذه الدول بتعين مسؤول قيادي في أجهزتها وأنه كلما ارتفع مستوى الموقع ارتفع معه مستوى الدرجة الجامعية المطلوبة، خطأ فادح وقعت فيه الكثير من الدول فانهارت إدارتها العامة، لأن من المهم عند اختيار من يتولون المسؤولية مراعاة شروط أخرى يجب توفرها بالمسؤول، ومنها الشخصية القيادية والنزاهة وامتلاك الرأي والرؤية، وقبل ذلك كله الخبرة العملية في المجال الذي سيتولي المسؤولية فيه، لأنه بدون هذه الخبرة والتسلل التدريجي في كسبها ستكون النتائج كارثية، والأدلة على ذلك أكثر من أن تُعد وتُحصى من مؤسسات إنهارت أو تحولت من قصص نجاح إلى نماذج فشل، عندما حضرت الشهادة وغابت الخبرة والرؤية والشخصية القيادية وقبلها النزاهة.
الدول التي ضخمت الجانب النظري ممثلاً بالشهادة لم تأخذ بعين الاعتبار أن الحصول على الشهادة وبكل درجاتها صار أمراً ميسوراً، في ظل وجود مكاتب تعد للراغبين بالحصول على الشهادة الجامعية أبحاثهم ورسائلهم، وتصمم لهم مشاريع تخرجهم، وصولاً إلى بيعهم شهادة جامعية من مختلف الدرجات، ناهيك عن وجود مئات الجامعات في العالم القائمة على أسس تجارية، وعلى قاعدة " الزبون دائماً على حق" وعلى هذه القاعدة يتم تلبية رغبات طلابها بما في ذلك النجاح التلقائي، خوفاً من تسربهم إلى جامعات أخرى.
خلاصة القول في هذه القضية: أن الحصول على كم من المعلومات ليس بالأمر الصعب وكذلك الحصول على درجة جامعية، أما الخبرة فإنها لا تشترى ولا تباع والحصول عليها يحتاج من صاحبها إثبات ذاته من خلال التعلم من تجاربه وصعود السلم درجة درجة، وبغير ذلك يسقط وتسقط معه المؤسسة التي يديرها وفهمكم كفاية.
Bilal.tall@yahoo.com