الأنباط -
لا ادري حتى اللحظة ما الذي دفع " راصد " الى الولوج في حقل استطلاعات الرأي, رغم عدم امتلاكها لتجربة او خبرة في هذا المضمار, وكان الأولى ان تراكم على تجاربها الناجحة من رصد لاداء النواب, بما يوفر قاعدة معلوماتية للناخب, تعينه على تجويد خياراته القادمة, وايضا تمنح النائب مراجعة حقيقية لتصويب وتقييم وضعه, لكن يبدو ان مرض التمويل ورصد مجموعة من النشاطات لدفع عجلة المكاسب الذاتية كان اقوى من الاستمرار في مسار واحد, حقق للمركز سمعة طيبة.
في الاستطلاع الاخير لمركز راصد, غابت المنهجية العلمية التي تمنح المركز مساحة من الحضور, فماذا بعني اصحاب المصلحة, وهل من العدالة ان يقييم اصجاب المصلحة, مقدم المصلحة, كنت افهم ان يتم قياس رأي متلقي الخدمة, وليس اصحاب المصلحة, البالغ عددهم عشرة اشخاص, ومجموعة جلسات حوارية او نقاشية, فهذا رقم متواضع للخروج باستخلاصات قابلة للقياس او للاستناد عليها لمحلل او مراقب, مثل نشاطها في الانتخابات, حيث تقيس الرضى عن كل مراحل العملية الانتخابية.
ما الذي يمكن ان يتحقق لمراقب من مقارنة بين عدد النساء في حكومة الدكتور بشر الخصاونة, وحكومة الدكتور عمر الرزاز وحكومة الدكتور عبدالله النسور, وكذلك مقارنة النشاط الميداني لكل منهم, لمعرفة من كان اكثر استجابة للميدان ومن كان اقل, وهل يمكن الاشادة بحكومة ما لان رئيسها كان يجوب الميدان, ام مدى انعكاس جولاته الميدانية على قرارات حكومته, ومدى مطابقتها للمطالب المشروعة للناس, وان كانت تمنح المراقب اشارة يمكن الاستفادة منها, ربما لتحليل شخصية الرئيس ومقارنتها بمخرجات جولته.
الاخطر في استطلاع الرأي الذي نشرته راصد على موقعها, هو الخلط غير المنهجي بين التعيين والترفيع, فمجرد ان نذكر للاردنيين ان حكومة قامت بما يتجاوز الستين تعيينا بقليل على المراتب العليا, فهذا كفيل بتحويل مزاجهم الى السيء, علما بان كثير ممن ادرجه استطلاع راصد كتعيين هو في الحقيقة ترفيع, فالمتصرف اذا اصبح محافظا, والوزير المفوض اذا اصبح سفيرا, فهذا ترفيع واجب وليس تعيينا او منة من حكومة او وزير, وليعذرني اصحاب الاستطلاع, لاني اظن انهم وقعوا في براثن الغرائزية, كما وقعوا في براثن التمويل بإدخال استطلاع الرأي الى جدول اعمالهم.
التحليل الجيد, هو المبني على المعلومة الجيدة, وكثير من المعلومات والاستخلاصات التي قدمها الاستطلاع, لا تقع في خانة الجودة, فمؤشر النوع الاجتماعي في اي حكومة, لا يقاس بالعدد فقط, فثمة قرارات قد تتخذها حكومات فيها نصف العدد من النساء, تقتل كل مستقبل المرأة, لأن الوزيرة تنتمي الى مدرسة يمينية او رجعية, ولدينا سيدات يحملن عقلا ذكوريا, فقد وقفن ضد اي تطور في قانون الاحوال الشخصية, وضد تطوير المناهج, بما يخرجنا من دائرة " ماما تطبخ, بابا يعمل".
انصح الاخوة في راصد, بقراءة الحكمة التي تقول, "ما لا يدرك كله, لا يترك جله", والاكتفاء بما رزقهم الله به من رصد الانتخابات, ومراقبة حسن سيرها, وتاليا توفير صفحة شخصية لكل نائب, تعين الناخب على تجويد اختياره, فنحن مقبلون على انتخابات على مستوى القائمة الوطنية الحزبية, وهذه يمكن ان تكون سندا للناخب, كما انها سند للنائب ليراجع مواقفه وسلوكه, وهذه مهمة نجح فيها راصد لحد اللحظة.
omarkallab@yahoo.com