الأنباط -
أ.د.محمد طالب عبيدات
بعض الناس بارعين بالتبرير وفق الحالة والزمان والموقف والحدث، فتجد أحياناً تبريرهم على طريقة عزف أوتار الربابة وعلى الوتر الذي يختاره هو أو الناس، وهذا الأسلوب بان سائداً لتبرير المواقف حسب الطلب؛ ما يعكس أنانيتهم وحبّهم لأنفسهم وعدم الثبات على موقف؛ وكأن التبرير وأساليبه بان مثل التلوّن وتغيير المواقف؛ فمثلاً:
1. عندما يريد شخصاً عمل الأمر بسرعة يقول: خير البر عاجله؛ وهذا تبرير للإسراع في إتخاذ القرار.
2. وعندما يريد الأمر ببطء يقول: كل تأخيره فيها خير، أو ربما: في التأني السلامة وفي العجلة الندامة؛ وهذا تبرير أيضاً للبطء بإتخاذ القرار.
3. وعندما يريد أحدهم النوم يقول: ما فاز إلا النوم؛ لغايات الإكثار من النوم وعدم السهر.
4. وعندما يطيل أحدهم السهر يقول: ما أطال النوم عمراً - ولا قصر في اﻷعمار طول السهر؛ كتبرير .
5. وعندما يريد أحدهم المرونة وتفصيل ما يريد يقول: طوِّل قصِّر بيدك؛ كمؤشر على تبرير قبول أي نتيجة كانت.
6. وعندما يريد أحدهم الصرامة يقول: لغة القانون يجب أن تسود، وفي حال الطلبات الخاصة يتم التعريج على الواسطة وإستخدامها عند البعض؛ وكأن التنظير في وضوح النهار بيد أن التطبيق في عتمة الليل!
7. وعندنا نريد اللُحمة العشائرية وخدمة الأهل نقول 'الأقربون أولى بالمعروف'؛ بيد أننا عندما نختلف مع الأقارب نقول 'الأقارب عقارب'؛ وهذا قمّة التناقض والتلوّن!
8. وفي مسألة الصرف والمال وعند الحرص عليه نقول: 'خبّي قرشك الأبيض ليوم الأسود'؛ بيد أنه عندما نكون كرماء ونصرف نقول: 'إصرف ما بالجيب يأتي ما بالغيب'؛ وكلا الحالتين فيهما غلو!
9. عند السعي للزواج وخدمة الناس فيه نقول: 'يا بخت مين وفّق راسين بالزواج'؛ وعند التحذير من آثار فشل الزواج نقول: 'إمشي بجنازة ولا تمشي بزواجه'.
10. في حال طلب القُرب من الناس نقول: 'اللي بعيد عن العين بعيد عن القلب'؛ وبالمقابل في حال التحذير من القرب الزائد نقول: 'زُر غُباً تزداد حُبّاً'.
11. والقائمة تطول حيث هنالك المزيد من هكذا أمثال وأقوال فيها الكثير من التناقض والتلوّن؛ والمهم أن يكون خيار الناس موفقاً وواقعياً وعملياً وبرغماتياً.
بصراحة: أساليب التلوّن كالحرباء والتبرير الدائم مرفوضة واﻷصل الثبات على المواقف واﻷخذ باﻷسباب دون عزف على أوتار الربابة، فنحتاج لمصداقية مع النفس وتصالح مع الذات.
صباح الصدقية والمصداقية والثبات