الأنباط -
أيام جريدة شيحان والصحافة الاسبوعية، في تسعينيات القرن الماضي، وبداية انطلاق عصر المواقع الالكتروني في العشرية الاولى من القرن الحالي، كان خبر التعديل الحكومي رقم 1 في المتابعة، لأن الشعب كان مهتما.
زمان كان الوزير منصب سياسي مهم ووزنه بين المقامات كبيرا، فهو مالك المعلومة، وهو صاحب القرارات لاسيما التي تمس المواطن مباشرة.
اليوم، الأمر اختلف، والسبب، أن غرق الحكومات في استقطاب وزراء التكنوقراط، فرغ المنصب الوزاري من عمقه السياسي، وحول الوزير إلى موظف حكومي بأعلى درجة.
في تعديل حكومة الدكتور بشر الخصاونة الأخير، دخلت وجوه جديدة تحمل شهادات وخبرات، واصبح أداؤها على مرصد الأعلاميين والمراقبين.
وعندما بدأت تتسرب أنباء التعديل، كنت أتوقع حقيقة تعديلا بحجم توصيات اللجنة الملكية لتطوير المنظومة السياسية لتحقيق الإصلاح على الصعيد السياسي.
والتفكير أيضا وصل حد أن هدف الحكومة من هذا التعديل أن تدخل في ورشة عمل سياسية كبيرة لصياغة مشاريع قانوني الانتخابات والأحزاب وإدراجها على جدول أعمال مجلس النواب في الدورة العادية المقبلة.
وهذا الافتراض ساهم في تعزيزه الإرادة الملكية السامية بتأجيل الدورة العادية لمجلس الأمة إلى منتصف الشهر المقبل.
ولعل الوزارة الوحيدة التي لفتت انتباهي وأعتقد أنها خطوة للامام، دخول الزميل الأستاذ فيصل الشبول في الحكومة وزيرا لشؤون الإعلام والاتصال، وقدرته على إدارة مشهد الأعلام الرسمي بمهنية واحتراف.
اما باقي الوزارات التي طالها التعديل، لا علاقة لها بافتراض الإصلاح السياسي، وكذلك الاقتصادي الذي سيواصل وزير المالية محمد العسعس قيادته وفق أليات ضبط صندوق النقد الدولي، والبنك الدولي.
أعتقد أن هذا التعديل أن يجسر الهوة الواسعة بين قطاعات اقتصادية وبين وزير المالية وكذلك مع مؤسسات اقتصادية رسمية وهيئات لها متطلبات للخروج من نفق كورونا، لم تقنع الحكومة حتى اللحظة بمرادها.
اشارات التعديل الجديد، تهيء الجو العام إلى أن كل مدخلات صناعة القرار عمرها قصير، وان عام 2022، سيكون عاما سياسيا ساخنا باتجاه ترجمة الإصلاح السياسي، وفق الرؤية الملكية في الأوراق النقاشية.
هكذا أقرأ المشهد، حراك سياسي غير مسبوق خلال الأشهر القليلة المقبلة، للوصول بالحياة العامة إلى نقطة الصفر للانتقال إلى مرحلة الحكومات الحزبية أو البرلمانية، من خلال قانون انتخاب يفترض أن يكون عصريا بإمتياز.