الأنباط -
بداية، نؤكد احترامنا وتقديرنا للجهود التي يبذلها ديوان المحاسبة للحفاظ على المال العام وحمايته من الهدر أو تطاول أصحاب النفوس المريضة على المال العام.
الأصل في قانون ديوان المحاسبة أن يكون عند التطبيق مساهما في رفع أداء القطاع الحكومي وبالتوازي مع تحقيق أهدافه التي وجد من أجلها.
فاجأني مسؤول سابق في شركة العقبة لإدارة وتشغيل الموانيء (مؤسسة الموانيء سابق ) بديوان المحاسبة يطالبونه بإعادة مياومات صرفت له لاسترداد مبلغ من قناة السويس لخزينة الدولة قيمته 7.5مليون دينار.
وهذا المسؤول الذي عاد من الشقيقة مصر وحصل هذا المبلغ خلال أيام إقامته هناك، طبعا بعد مفاوضات، مطلوب منه أن يعيد مبلغ 960 دينار، إلى خزينة الدولة لانه عطوفته توجه إلى القاهرة بقرار من مجلس المفوضين وليس من رئيس الوزراء.
والمفاجأة أن هذا المسؤول، لو انتظر موافقة رئيس الوزراء (المقدس)، لأتهمت إدارة الشركة بسبب انتظار الموافقة، بالتقاعص والترهل عن تحصيل أموال من حق الدولة الأردنية.
والقصة تكررت مع مسؤول حالي في ذات الشركة، توجه إلى الشقيقة مصر على نفقته الخاصة، اختصارا لوجعة الرأس وبعيدا عن قفص الاتهام، وحصل من قناة السويس لخزينة الدولة مبلغا وقدره 2.5 مليون دينار أردني.
اما إدارة الموانيء التي اتخذت قرارات مصيرية في زمن الربيع العربي، حافظت بسببها على استمرار عمل منظومة الاردن المينائية دون انقطاع أو توقف ومنعت مخطط انهيار الاقتصاد الوطني، بسبب إضرابات واعتصامات الموظفين في تلك الحقبة، متهمة اليوم وفق تقارير ديوان المحاسبة بهدر المال العام.
واسئلتي في هذا المقام، هل موافقة رئيس الوزراء مقدسة أكثر من حقوق الاردن؟، وما هي التقارير التي كان سيصدرها ديوان المحاسبة بحق هؤلاء لو أن أموال الاردن لدى قناة السويس لم تحصل، وماذا لو قدم أصحاب القرار المساءلة على مصلحة الاردن وأمنه، عند اتخاذها قرارات مالية كانت السبب في استمرار منظومتنا المينائية بالعمل دون توقف، وبالتالي تعبيد الطريق أمام تطويرها ووصولها إلى ما وصلت إليه من كفاءة بالاداء والمنافسة على مستوى المنطقة والاقليم.
ألا يعلم ديوان المحاسبة ومسؤوليه الذين أصدروا هذه التقارير أن الاردن كان في خطر وان لديه حقوق مالية عند دول شقيقة، وحاجة خزينة الدولة لها لا تنتظر موافقة رئيس الوزراء، ولا اي انتظار.
عن أي تطوير أداء للإدارة العامة نتحدث، والذين يتخذون قرارات لحماية الوطن، يتهمون بالتطاول على المال العام بأثر رجعي.
كلنا مع المراقبة وحماية المال العام، ولكن ليس إلى حد إرهاب المسؤول في القطاع العام من اتخاذ قرار هدفه حماية وطن خوفا من قذفه بالفساد.
والسؤال الكبير، هل حقا ديوان المحاسبة يهمه سمعة مؤسساتنا الرسمية، أم أن الأهم القول إنه يحارب الفساد، حتى لو أوقع الظلم على مسؤولين اتخذوا قرارات في ظروف صعبة لحماية البلد وإحباط مخططات كبيرة كانت تهدف إلى تدمير الاردن تدميرا شاملا.
سنة الحياة أن نأخذ بالاسباب، وان نحكم على الأمور بخواتيمها ونتائجها، وسلامتكم.