الأنباط -
أعلنت الحكومة عن برنامج أولوياتها الاقتصادية 2021 -2023، ولا شك أنه كان برنامجا شاملا، من شأن تحقيقه تحقيق نقلة اقتصادية نوعية في الأردن.
اقتصاديون وخبراء ربطوا هذا البرنامج ببرامج مماثلة اطلقتها حكومات سابقة خلال السنوات السابقة، لكنها لم تر النور أو يتحقق منها شيء حيث كانت تختفي مع اختفاء رئيس الوزراء عن المشهد وقدوم من يخلفه إلى الدوار الرابع، أي أن هذه البرامج مرتبطة بالأشخاص وليست نابعة من عمل مؤسسي يستمر تنفيذه حتى لو تغيرت الحكومات، أي أن يكون برامج استراتيجي.
هؤلاء على حق، فقد اعتاد الأردنيون على سماع خطط النهضة، والاصلاح، والنمو الاقتصادي، وتحسين البيئة الاستثمارية، وتطوير التشريعات الناظمة لذلك، لكن على أرض الواقع لم نشهد تنفيذ حقيقي لكل ذلك. لا يمكن لوم الناس على انطباعتهم التي تشكلت على مدار السنوات الماضية، وحالة الخذلان التي يعيشونها!
لكن ما هي خياراتنا، هل الاستمرار بالتشاؤوم وقبول الأمر الواقع، أم انتظار الفرج من الله أن يكون رئيس الوزارء الدكتور بشر الخصاونة وفريقه الوزاري قادرين على تنفيذ برنامجهم، ولديهم القدرة على ذلك؟
من حق الخصاونة أن يطلق برنامجه، ومن حق الناس أيضا أن تراقب أداءه وامكانية تنفيذه. ما يسجل لرئيس الوزراء أنه تقدم ببرنامج لا مبالغة به، ولا يحمل بين ثناياه شعبويات وأوهام، أي برنامج قابل للتطبيق إذا ما توفرت الإرادة والوقت الكافي، والامكانيات.
الأردنيون واقعيون فهم لا يريدون شعارات من جانب، ولا ينتظرون من جانب آخر معجزة تحققها الحكومة، ما يريدونه فعلا أن يروا صدق النوايا، والرغبة بالعمل الجاد وأن يتحقق شيئا مما تعهد به الخصاونة.
في مختلف القطاعات التي تحدث عنها الخصاونة في برنامج أولويات حكومته الاقتصادية، نرى أن هناك بصيص من الأمل، ولا يمكن قياس تجارب من سبقه من رؤساء حكومات بدءا من الدكتور عبدالله النسور مرورا بالدكتور هاني الملقي والدكتور عمر الرزاز، فقد جاء برؤيته، التي من مصلحته تنفيذها قدر الإمكان، فالناس لا تقوى على احباطات من جديد.
اليوم ومع بدء التعافي الحقيقي من جائحة كورونا، فإن الفرصة مهيئة أمام الحكومة من أجل البدء بالاصلاح الاقتصادي، الذي لا بديل عنه، وأرى أن الوقت الآن في صالح الخصاونة، حيث الحركة الاقتصادية بدأت تعود إلى طبيعتها ما يعني أن الضغط الصحي بات أقل ضررا وتقييدا لحركته بهذا الاتجاه.
سندعم البرنامج، لأنه كما قلنا واقعي، ولا مبالغة به، ولأن حكومة الخصاونة تدرك أن لا وقت لديها ولدى الأردن لأن يهدره، ولأن جلالة الملك طلب تقريرا شهريا للاطلاع على سير العمل. ربما ينتهي اليوم زمن الاستراتيجيات التي لا تطبق وتختفي مع اختفاء القائم على تنفيذها. أقول لربما!