الأنباط -
الكاتبة : نسرين أبوالرب
كَـعقد من اللؤلو أبيض ناصع مرصوف مُتلألأ محافظاتنا الأردنية، تُنير عتمة الليل وتعتلي صهوة المجد وتسطر سِفر خلود عبر الزمن من الماضي العابق بالتاريخ المجيد والتراث إلى الحاضر الشذي ويأخذني قلبي ومداد حبري إلى السلطانة السلط التي تستقر في قلب الأردن وأهله الطيبين، أزجي للسلطانة التهنئة لاختيارها ضمن قائمة التراث العالمي رسمياً، تستحقين ياسلطانة أفئدتنا فأينما يممت وجهتي فيكِ وإليكِ أرى تاريخاً يُشرف كل أردني فعلى أرضك الطيبة نهضت أول مدرسة ثانوية عريقة مدرسة السلط الثانوية عام - ١٩١٨ - وكان لها الحظوة أن افتتحها الملك المؤسس عبدالله الأول بن الحسين عام - ١٩٢٣ - وتخرج منها أجيال وأجيال ما انفكت أن تبني الأردن بإخلاص ووفاء .
وأسير في شارع الستين فَـيداعب مسمعي العبداللات بصوتهِ الرخيم الممتلئ بالوطنية وهو يغني - على طريق السلط ياما مشينا - ويا لها من نسمات عليلة وهواء طابَ للمصطاف والعليل في السلط .
السلط حَـوَتْ في قلبها المضامين الثقافية والدينية والتاريخية والفكرية والسياحية .
فَـعندما تقف فيها عند مقام نبي الله يوشع بن نون تستكين الروح وترتشف من نعيم الطمأنينة.
وَكم من ذكريات وصور جميلة وثقناها عند شلالات الرميمين وتدافع الصبية والشباب ينعمون بِـشلالات السلطانة ورذاذ مائها الذي يستقر في تجاويف الروح فَـتنعم بالراحة الأبدية .
وأتجول في السلط السلطانة وأنا بِـكامل حضوري حتى لايفوتني شيء من جمالِ وبهاءِ التراث المعماري الذي يؤكد عمق حضارتها وعراقتها وأُيمم نحو متحف آثار السلط الشاهد على تاريخها المجيد، وتُطالعني كنيسة الراعي والقلعة الأيوبية لِـتنطق بِـصوتٍ واحد ( السلط سلطانة) وعندما أصل إلى شارع الحمام الذي يخترق جنباتِ أسواق السلط ومعالمها أقف شاخصة بِـبصري أمام روعتهِ وَيتسرب إلى ذاكرتي رائحة أكلاتها الشعبية : الرشوف السلطي، الكشكية، الحميمصة، الجريشة والكعك السلطي .
وأتساءل ....
كيف لي أن أغادر السلط وهي تسكنني ؟...
وفي شارع الخضر توقفت ملياً وأمام بيت خيرات السلط لمحتُ الشماغ الأردني المُهدب عنوان العز والإباء يرتقي مُعانقاً شمس السلطانة وكل سكانها أُسرة واحدة نشامى يعشقون تراب الأردن ويجسدون صورةً للعطاءِ ونُبل الأخلاق .
السلطانة في كل مساء تُلقي التحية على جبال نابلس وتُبادلها جبال نابلس التحية والسلام في مشهد يؤكد أن الضفتين توأمين وأن الأردن وفلسطين عينان في وجهٍ واحد إلى قيام الساعة .
وللمشهد الثقافي في السلط النصيب الوافر فَـفي عام - ٢٠٠٨ - كانت مدينةً للثقافة الأردنية ويَحضُرني هُنا أسماء أدباء بارزين كبار من أبناء السلط : حسني فريز، حسني زيد الكيلاني، رفعت الصليبي وخالد الساكت رحمهم الله جميعاً .
حديثي عن السلط السطانة حديثٌ يُغدق على الفؤادِ فيضاً من العز والسعادة . السلط الحبيبة التي تجمع مابين ديمومة العطاء إلى الكرم والسخاء ...
سلامٌ عليكِ ياسلطانة الزمان ودُمتِ إرثاً وحاضراً ومستقبلاً بِـمشهدك الوطني المُتكامل ياقلب أردني الحبيب .