الأنباط -
أما وقد اختارت اللجنة الملكية لتحديث المنظومة السياسية، إجراء حوار مع بعض قطاعات المجتمع الأردني، فقد صار من الأولى لها أن تستفيد من جلسات الحوار الوطني والعصف الذهني الذي أجراه رئيس مجلس الأعيان فيصل الفايز، والتي انتهت قبل تشكيل اللجنة بأيام، مما يعني أن مخرجات هذه الجلسات مازالت تمثل تمثيلاً صحيحاً إلى حد كبير توجهات الأردنيين، نحو الكثير من القضايا التي تدور في وطنهم، وتمس حياتهم، خاصة الجانب السياسي منها، علماً بأن إمكانية الاستفادة من مخرجات هذا الحوار متاحة، من خلال الإطلاع على التقرير الذي تضمن خلاصات هذه الجلسات والذي رفع إلى المقام السامي.
العصف الذهني الذي أجراه الفايز عبر (( 22 )) جلسة، شارك فيها ((2293)) سيد وسيدة يمثلون كل محافظات الأردن ودوائرة الانتخابية، كما يمثلون مختلف الأطياف، والشرائح والفئات الاجتماعية والعمرية والمهنية للأردنيين فقد شارك في هذه الجلسات: أعيان ونواب حاليين وسابقين يمثلون مختلف المحافظات، وزراء سابقون، الأحزاب على مستوى الأمناء العامين، وممثلي الأحزاب في المناطق، نقابيون مهنيون، نقابيون عمالين، أساتذة جامعات، معلمون وتربويون، فعاليات اقتصادية، قيادات نسائية، قيادات شبابية، شيوخ عشائر، وجهاء مخيمات، مخاتير، إعلاميون وكتّاب، يشكل أفضل تمثيل للأردنيين جغرافياً وعرقياً ودينياً وتوجهات سياسية، كما أن هذه الجلسات ناقشت جميع القضايا التي تضمنها كتاب التكليف السامي للجنة الملكية لتحديث المنظومة السياسية في إطار تناولها لجميع القضايا السياسية والاقتصادية والاجتماعية، التي تشغل بال الأردنيين، وتحتل مرتبة متقدمة في سلم اهتماماتهم وأولوياتهم.
ناقشت هذه الجلسات قانون الانتخاب الذي يطمح إليه الأردنيون، ورغم أنه لم يكن هناك اتفاق على صيغة محددة للقانون المأمول، لكن الحوار كشف مواصفات يجمع عليها الأردنيون في قانون الانتخاب، أولها أن يكون خالياً من الصوت الواحد، وكذلك خالياً من الكوتات بجميع أشكالها، ليكون قانون وطن يساهم في بناء مجتمع مواطنة بهوية وطنية جامعة تشكل الكوتات خطراً عليها، وتميزاً بين الأردنيين مخالفاً للقانون، كما يطالب الأردنيون بقائمة وطنية مغلقة تخوض الانتخابات على قاعدة "نفوز معاً أو نخسر معاً".
كما بينت الحوارات قناعة الأردنيين الراسخة بأن العيوب الخطيرة ليست في قانون الانتخابات، بل في الممارسات التي ترافق تطبيقه، وفي البيئة التي يجري فيها هذا التطبيق، وهذا هو الذي يحتاج إلى معالجة لتحصين العملية الانتخابية، لتفرز برلماناً قوياً يمثل إرادة الأردنيين تمثيلاً حقيقياً.
الأمر الآخر الذي نال أغلبية عند الأردنيون في جلسات العصف الذهني هو انتقادهم لكثرة الأحزاب، وافتقار هذه الأحزاب إلى برامج تصل من خلالها إلى عقول الأردنيين، لإقناعهم بهذه البرامج للتصويت لها فهذا هو الطريق السليم لإنعاش الحياة الحزبية في بلدنا، لذلك فإن التحدي الحقيقي أمام الأحزاب هو الوصول إلى عقول الأردنيين، ومن خلال إرادة الأردنيين الحرة يتم وصول الأحزاب إلى قبة البرلمان. ولذلك فإنه مثلما أن قانون الانتخاب لا يصنع مجلساً نيابياً قوياً فإن قانون الأحزاب لا يصنع أحزاباً قوية، حتى ولو تم حقنها بالمنشطات ومنها الكوتا.
خلاصة القول: هي أنه حتى لا تأتي مخرجات اللجنة مخالفة لتوقعات الأردنيين، فإنه من المفيد الإطلاع على خلاصة نتائج حوارات رئيس السلطة التشريعية.
Bilal.tall@yahoo.com