الأنباط -
خالد فخيده
من الاخطاء التي ارتكبتها الحكومات الاردنية منذ سنوات ان الرأي العام لم يعد في طوق قيادتها، وتاثيرها فيه لا يكاد يذكر والاسباب كثيرة.
للاسف، السياسات الحكومية في بناء جسور تواصلها مع الاردنيبن، طالما كانت بردات الفعل، فهي لم تبادر تاريخيا في ان تكون المنظم والمزود لهذه العلاقة، بقدر ما كان يهمها الابتعاد دوما عن اي مواجهة تجلب (وجع الرأس ). والتسكين الذي ظلت تمارسة لسنوات بعيدة في ادارة هذه العلاقة، حال دون التفكير بالادوات الجديدة لتطويرها، وان تكون اقوى من اي صوت قد يسرق الجمهور منها.
واذا عدنا لبدايات الربيع العربي الذي انطلق ليقوض انظمة عربية، لم يكن للحكومات الاردنية اي ادوات على مواقع التواصل الاجتماعي، للحفاظ اقلها على ان يكون لخطاباتها جاذبية للشارع الاردني، بموازاة الخطابات البراغماتية التي جذبت المواطن الى حد ما، نتيجة غياب المحتوى الاقتصادي والسياسي الذي يبحث عنه العباد في البرامج الحكومية للخلاص من البؤس الاقتصادي الذي يلاحقه من سنوات.
والمبكي، ان كل حكوماتنا لم تنجح في ابسطها ان تقنع الشارع بان اتفاقية السلام الاردنية الاسرائيلة كانت النافذة التي صمد منها الشعب الفلسطيني في وجه مخططات الترحيل الجديدة. وايضا الفشل استشرى في وصف الخلافات مع اسرائيل في عهد نتنياهو الى اعلى درجة بسبب مواقف جلالة الملك عبدالله الثاني تجاه حماية عروبة واسلامية القدس ومقدساتها، وعدم المساس بالحق الفسطيني واغتيال مصيره بقيام دولته المستقلة.
ولحظة ما كنا نعلم ان الحصار الاقتصادي غير المعلن الذي عاشه الاردن في زمن ولاية الرئيس الامريكي دونالد ترامب، لفرض صفقة القرن عليه والقبول بحل قيام الدولة الاسرائيلية العنصرية على حساب هويته وأمنه، كانت المنابر مفتوحة امام ثلة حاولت الانقضاض على الاردن ونظامه، بتحميل الفساد وزر الضائقة المالية التي عاشها الوطن بدلأ من رفع الهمة وتنبيه الاردنيين الى المؤامرة التي تحاك ضد كل شيء لهم، للقضاء على هويتهم وأمنهم في سبيل أمن اسرائيل.
وبدلا من تطوير المنابر الاعلامية الوطنية التي كانت السند للدولة في حميع مواجهاتها وتحدياتها، ادارت الحكومات ظهرها وذهبت لتهرول خلف مجتمعات التواصل الاجتماعي الافتراضية، على أمل اللحاق بالشارع الذي بات يؤثر فيها ولا يتأثر بها.
في مقابلة لولي العهد الامير الحسين الشهيرة مع التلفزيون الاردني، ابرق سموه رسالة بالغة لكل الاردنيين، حكومات ونواب وهيئات ومؤسسات مجتمع مدني والشعب ، بان المجتمعات الافتراضية لا تصنع قرارا، بقدر انها اكبر بيئة حاضنة للأشاعة، كونها غير محكومة بأدبيات النشر والمهنية والموضوعية.
والتأثير الحكومي في الرأي العام يتطلب اعادة بناء كافة المنابر الوطنية، ومهننة التواصل مع الجميع، بما يعزز ثقة الناس ببرامجها، ومنع الشائعات بقيادة المجتمعات الافتراضية بالشفافية، والمعلومة الصحيحة دون زيادة او نقصان.