الأنباط -
هاشم محمدوف الصحفي والباحث الأذربيجاني الشهير يكتب:
أنهت أذربيجان الصراع مع أرمينيا في ناغورني كاراباخ بانتصار تاريخي مؤزر في هذه الحرب الوطنية العظمى التي استمرت 44 يومًا. كان البيان الثلاثي الذي وقّعه رئيس جمهورية أذربيجان ورئيس وزراء جمهورية أرمينيا ورئيس الاتحاد الروسي، في 10 نوفمبر من العام الماضي 2020، آخر نقطة في حل هذه القضية.
كانت النقاط الرئيسية في البيان ضمان السلام والتعاون والأمن على المدى الطويل في المنطقة واستعادة الاتصالات. ونصّت الفقرة 9 من الوثيقة على استعادة جميع الروابط الاقتصادية وخطوط النقل في المنطقة، حيث تضمن جمهورية أرمينيا أمن حركة النقل بين المناطق الغربية لجمهورية أذربيجان وجمهورية ناختشيفان ذات الحكم الذاتي، من أجل تنظيم حركة المواطنين والمركبات والبضائع دون عوائق في كلا الاتجاهين. وتتم مراقبة النقل من قبل دائرة الحدود التابعة لدائرة الأمن الفيدرالية لروسيا. بالاتفاق بين الطرفين، سيتم توفير بناء اتصالات نقل جديدة تربط بين جمهورية ناختشيفان ذات الحكم الذاتي والمناطق الغربية لأذربيجان.
هذا البيان، الذي هو مِثال واضح على انتصارنا المجيد، له أهمية تاريخية لأذربيجان والمنطقة بشكل عام. لأن هذا يضع حداً لسنوات طويلة من الاحتلال. ويُشكّل توقيع الوثيقة أساساً تاريخياً عظيماً لتشغيل ممر زنجزور. فتح هذا الممر سيخلق واقعًا جيوسياسيًا وجغرافيًا واقتصاديًا جديدًا في المنطقة. أذربيجان مستعدة للوفاء بالتزاماتها في هذا الاتجاه. أما أرمينيا، كما هو الحال دائمًا، تواصل سياستها غير البنّاءة.
اتفق قادة روسيا وأذربيجان وأرمينيا في اجتماع عُقد في موسكو، بتاريخ 11 يناير، على تشكيل مجموعة عمل على مستوى نواب رئيس وزراء الدول الثلاث للتركيز على النقل والعلاقات الاقتصادية في كاراباخ. وفي 1 حزيران / يونيو، أعلنت أذربيجان وروسيا وأرمينيا تعليق عمل اللجنة الثلاثية المعنية برفع الحظر عن الاتصالات الإقليمية، وجاء البيان من نائب رئيس الوزراء الأرميني مهر غريغوريان في إفادة له، وفِقا لِمَا ذكرته وكالة أنباء (تاس) الروسية. وكان سبب تعليق عمل اللجنة هو الوضع المتوتر على الحدود: "من اليوم لن يستمر عمل اللجنة. لأن هناك حاجة لوضع مناسب للعمل الفعال. اعتقدنا أن مثل هذه الأنشطة لن تكون ممكنة إذا كان هناك مثل هذا الوضع على الحدود. يريفان ستبذل قصارى جهدها لحل الوضع على الحدود سلمياً ودبلوماسيا’’.
الرئيس إلهام علييف أعلن في خطابه الختامي في المؤتمر السابع لحزب أذربيجان الجديدة، إن إحدى نتائج الحرب كانت بالطبع مَمَر زنجزور، وهو موضوع النقاش اليوم: "ممر زنجزور انجاز تاريخي وإن حقيقة انعكاس هذه القضية بشكل خاص في الإعلان الثلاثي هو أيضًا انتصار سياسي كبير لنا، وحاليًا يجري العمل بشكل جدّي على تنشيط ممر زنجزور، وهناك العديد من المقترحات، والعديد من مشاريع النقل والاتصالات مطروحة بالفعل على الطاولة، وتجري مناقشتها، وسيكون هذا نجاحنا التاريخي التالي.
الاستقلال هو أعظم ما نملك، وأعظم قيمة لدينا. خلال سنوات الاحتلال عشنا في سبيل انتزاع وطننا من العدو ، وتحريره من الاحتلال، واستعادة وحدة أراضينا. لقد حققنا ذلك ."
من الواضح للعالم أجمع بحكوماته ودوله وشعوبه، أن جمهورية أذربيجان تلتزم دائمًا بالسلام والطمأنينة، وتصطف إلى جانب العَملانيات المسانِدة لأجواء الأمان الشامل لصالح كل البشرية، وهي مناخات ستُدشّن افتتاح الاتصالات للنقل الجوي، ولتأكيد أجواء الحوار والثقة المتبادلين.
يُعتبر ممر زنجزور شرطاً هاماً لمرحلة جديدة من التنمية الاقتصادية في المنطقة. ومع ذلك، ترفض أرمينيا الامتثال لبنود البيانات المشتركة الموقعة في 10 نوفمبر من العام الماضي و 11 يناير من هذا العام. في الوقت نفسه، يُسيّس العمل المُنجَز من أجل المصالح الاقتصادية في المنطقة، وتهدف التوترات الأخيرة على الحدود من قِبل أرمينيا إلى هذا بالذات. في الواقع، سيؤدي هذا إلى تفاقم محنة أرمينيا.
في الوقت الحاضر، تم وضع أساس تاريخي حقيقي لافتتاح خط سكة حديد زانجيلان – أوردوباد، ومَمَر زنجزور ككل. سيضمن افتتاح مَمَر زنجزور البالغ طوله 40 كيلومترًا والذي سيربط زنجيلان بناختشفان ربط ناختشيفان المحاصرة منذ سنوات عديدة، بالجزء الرئيسي – الأُم من أذربيجان، فتح هذا المَمَر الذي سيُغيّر الوضع الجيوسياسي ليس فقط في المنطقة، وإنّما في عالم الأشقاء بشكل عام. في الوقت نفسه، سيخلق فرصًا جديدة للوحدة الاقتصادية للدول المتآخية في منطقتنا. مَمَر زنجزور يلبي تمامًا مصالح أذربيجان، بما في ذلك دول المنطقة. أرمينيا لا تريد قبول هذا الواقع. ومع ذلك، ومع افتتاح مَمَر زنجزور، ستؤكد أذربيجان مرة أخرى صوتها المسموع في المنطقة.
*صحفي وباحث أذربيجاني معروف.