الأنباط -
منذ نحو اسبوعين والناس تسمع عبر المواقع الاخبارية تسريبات عن لجنة خاصة للسير قدما في الاصلاح السياسي والإداري والاقتصادي، وهو اصلاح بات ملحا أكثر من أي وقت مضى، ولا يحتاج إلى هدر مزيد من الوقت في ظل التطورات المحلية والإقليمية والدولية، واختلاف المشهد السياسي بشكله العام.
هذه التسريبات بخصوص شخوص اللجنة زادت من احباط الناس، فهم يرون أن الشخصيات المتناقلة أسمائها كلاسيكية وتبوأت مواقع مهمة في الدولة على مدارس سنوات طويلة، إلا أنها لم تقدم شيء طيلة أوقات استلامهم المسؤولية، بل على العكس كان إدارتهم للشأن المحلي تقليدية غير خلاقة أو ابداعية.
الشارع الأردني شهد العديد من الاجتماعات مع كافة أطياف المجتمع، منها اجتماعات معلنة، وأخرى خلف الأبواب، وهدفها الوحيد تشكيل قراءة عامة من خلال الاستماع لملاحظات الرأي العام، تمهيدا لبلورة رؤية تنفيذية محددة الأهداف والمدة الزمنية للتنفيذ.
لكن، قراءة سريعة للرأي العام والإطلاع على انطباعات الناس بشأن الاصلاح المنشورة على صفحاتهم الخاصة على مواقع التواصل الاجتماعي يؤكد على أن الاصلاح القادم لن يختلف كثيرا عما سبقه، فهم يرون أن المشكلة معروفة، والحلول ليست ببعيدة. الملك قرر ووجه بضرورة احداث نقلة اصلاحية نوعية، لكن ما نحتاجه لتطبيق رؤى جلالته هو الأشخاص الحقيقيين لتنفيذه وانقاذ البلاد من الضبابية التي تعيش بها.
لنضع النقاط فوق الحروف، ماذا تريد الناس، وما هي الأولوية اليوم لاصلاح اقتصادي يعود أثره سريعا على حياة الناس واستقرارهم المعيشي، أم إداري يساهم في محاربة الفساد والواسطة والمحسوبية والشللية، أم سياسي يحقق مخرجات نموذجية نيابية وحزبية وغيرها. وهل سننجح بالملفات الثلاثة معا؟
ما تريده الناس قبل كل شيء هو سماع قرارات مباشرة وواضحة تنعكس إيجابيا على نسب البطالة والفقر، وتوفر لهم فرص حقيقية للعمل وتأمين احتياجاتهم، ويحتاجون إلى قرارات واضحة أيضا تدفع البلد سريعا نحو التعافي الاقتصادي، وكل ذلك يكون برؤية جديدة وبشخوص جدد. الناس ملت ذات الوجوه، ممن أوصلوا علاقة المجتمع بمؤسسات الدولة لمرحلة عنوانها "اللا ثقة".
المواطنون يريدون حكومة قادرة على حمل الملف الاقتصادي وحل مشاكله المتعثرة، ووضع أولى الخطوات نحو دولة الانتاج والسياحة، والتي لن تتاتى الا من خلال تعديل تشريعات بهذا الاتجاه. الناس تحتاج إلى حكومة قادرة على التخلص من آثار جائحة كورونا في كافة الجوانب الصحية والاجتماعية والحياتية.
الناس تريد أن تستمع لخطاب حكومي جديد، وتريد أن تدير الدفة وجوه تأخذ فرصتها لعلها تكون أفضل وأكثر جدوى ومنفعة من ذات الوجوه التي لم تحرص سوى على توريث المناصب. الأشخاص المستهلكون هم داء الدولة اليوم، لأن شعبيتهم لن ترقى إلى حجم الأزمة التي تعيشها المملكة اليوم، بعد أن فشلت تجربتهم السابقة، وبالتالي ما هو الضامن للناس أنهم سيحققون النجاح المطلوب، خصوصا وأن الوضع لا يحتمل التجريب من جديد.
لا أريد أن أكون متشائما، فما أرغب به والأردنيون جميعا، هو أردن جديد عنوانه رؤى جلالة الملك، وأبطاله شخوص يتقدمون بنا إلى الأمام.