الأنباط -
أسهمت جهود المملكة العربية السعودية بإعادة تخصيص الطيف الترددي للخدمات المتنقلة وتحفيز الاستثمار في البنية التحتية اللاسلكية بمبلغ يصل إلى 40 مليار ريال سعودي ( الريال السعودي يساوي 750ر3 دولار)، خلال السنوات الثلاث الماضية، بجعل السعودية ضمن أسرع 10 دول في العالم بسرعة الإنترنت عبر الشبكات المتنقلة، وفي المرتبة الثانية في مجموعة العشرين في توفير الطيف الترددي لتقديم خدمات الاتصالات المتنقلة.
وبحسب التقرير الاقتصادي الذي اعدته وكالة الانباء السعودية (واس)، لصالح اتحاد وكالات الانباء العربية (فانا)، فإن السعودية ولسنوات ماضية كانت ضمن أقل معدلات دول العالم في سرعة الإنترنت، وكانت تصنف في المراتب المتأخرة عالميا في مستوى جودة أداء هذه الخدمة المحورية والضرورية في عصرنا الحاضر، آخر تلك السنوات كانت في العام 2017 حينما كان تصنيف المملكة في المرتبة 105 عالميا بمعدل سرعة لا يتجاوز 7 ميجابايت في الثانية.
وفي السنوات الاخيرة سعت السعودية إلى توظيف إمكاناتها المختلفة لتغيير هذا الواقع خصوصًا مع تزايد الأدوار المحورية للشبكة العالمية "الإنترنت" وشدة التصاقها بالحياة اليومية المعاصرة لكل المجتمعات، مشكلةً الإرهاصات الأولى لثورة كونية جديدة اصطلح على تسميتها فيما بعد بالثورة الصناعية الرابعة.
ولمواكبة هذا الحراك الكوني أطلق ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز رؤية المملكة 2030، وانبثق منها عددٌ من الرؤى والمبادرات، كان ابرزها دعم مسيرة "التحول الرقمي" على جميع الأصعدة، وتهيئة بنية تحتية رقمية قوية ومميزة تعمل على تمكين تلك المسيرة، وتقوم بدعم وتحفيز القطاعات الحكومية والخاصة؛ لمواءمة منظومتها التشغيلية مع خطط التحول الرقمي.
وبالتزامن مع هذا الحراك أطلقت هيئة الاتصالات وتقنية المعلومات السعودية مبادرة إعادة توزيع ما يعرف فيزيائياً بـ "الطيف الترددي" الذي يعد أحد الموارد الطبيعية المحدودة التي تملكها المملكة، ويستخدم في الصناعات والتقنيات اللاسلكية الحديثة وبشكل أساسي في الاتصالات اللاسلكية، إضافة لأنظمة المراقبة والتحكم والاستشعار والبث اللاسلكي وغيرها.
كما قامت الهيئة بالتنسيق مع جهات حكومية وخاصة سعودية، وبمساندة من برنامج التحوّل الوطني، بتحرير أكثر من 800 ميجاهرتز من الطيف الترددي من الاستخدامات المتقادمة، وأعادت توزيعها؛ لتكون متاحة للاستخدام التجاري من قبل مقدمي خدمات الاتصالات المتنقلة لاستخدامها في زيادة سعة الشبكات اللاسلكية وتحسين جودة الخدمات.
وعقدت الهيئة خلال الفترة من 2017 و2019، أربعة مزادات علنية للطيف الترددي زاد خلالها مجموع الترددات المخصصة لشبكات الاتصالات المتنقلة من 260 ميجاهرتز إلى 1110 ميجاهرتز، الأمر الذي أدى لزيادة متوسط سرعة التحميل لـلإنترنت عبر الشبكات المتنقلة أكثر من 10 أضعاف، من 7 ميجابت في الثانية في منتصف عام 2017 إلى أكثر من 97 ميجابت في الثانية بنهاية العام الماضي 2020، وأصبحت السعودية ضمن أسرع 10 دول في العالم بسرعة "الإنترنت" عبر الشبكات المتنقلة، وتصنّف في المرتبة الثانية في مجموعة العشرين في توفير الطيف الترددي لتقديم خدمات الاتصالات المتنقلة.
وأسهمت إعادة تخصيص الطيف الترددي للخدمات المتنقلة في المملكة في تحفيز الاستثمار في البنية التحتية اللاسلكية بمبلغ يصل إلى 40 مليار ريال خلال السنوات الثلاث الماضية، تجاوزت معه الإيرادات غير النفطية من المزادات العلنية التي عقدتها الهيئة أكثر من 10 مليارات ريال.
وتتجه السعودية إلى نشر خريطة طريق للاستخدام التجاري والمبتكر للطيف الترددي 2021 -2023، التي تتضمن توفير أكثر من 22 جيجا هرتز للاستخدامات اللاسلكية المبتكرة والذكية للطيف الترددي؛ بهدف دعم وتمكين تبني تقنيات الجيل الخامس من الاتصالات المتنقلة، والجيل السادس من "الواي فاي"، والشبكات اللاسلكية متناهية السرعة، ومنظومات الأقمار الصناعية للخدمات عريضة النطاق، وإنترنت الأشياء والذكاء الاصطناعي بما تتيحه من خدمات وخيارات ذكية يمكن الاستفادة منها في تطبيقات تشمل المنازل والعدادات الذكية، والسيارات المتصلة، وإدارة الأساطيل (المركبات أو الروبوتات) وغيرها من التطبيقات.
كما تهدف كذلك الى إتاحة نطاقات ترددية متعددة؛ لغرض تجربة وتطوير التقنيات والأنظمة الراديوية الناشئة والمتقدمة مثل المنصات العالية الارتفاع وأنظمة النقل اللاسلكية الذكية، بالإضافة لإتاحة نطاقات ترددية كافية لتعزيز البث الإذاعي الرقمي في المملكة.
وتسهم السعودية بهذه المبادرة التي تهدف لإتاحة وتخصيص هذا الكم غير المسبوق من الترددات للاستخدامات التجارية والمبتكرة بتأسيس توجه رائد إقليمياً ودولياً لتمكين تعدد التقنيات اللاسلكية المستخدمة لنطاق ترددي محدود، وتمكين تعايشها وتشاركها في استخدامه، ما يمكّن من الاستخدام الأمثل لهذا المورد المحدود في ظل التضاعف الهائل لعدد التطبيقات والأنظمة والاستخدامات اللاسلكية المختلفة والتسارع الكبير في تطورها ليصبح استخدامها ضرورة في مجالات الحياة اليومية كافة.
وسيمكن هذا التوجه التقدمي الذي تتبناه هيئة الاتصالات السعودية في إدارة هذا المورد الحرج من تسريع تبني تقنيات لاسلكية عديدة لمختلف الأغراض والاستخدامات في مختلف القطاعات والصناعات، ويسهم بتهيئة البيئة والبنية الرقمية المتطورة اللازمة لنقل المملكة نحو مجتمع المستقبل الرقمي بما يتوافق مع رؤية المملكة 2030.
وستتضمن المبادرة خطة لطرح عدة نطاقات ترددية من خلال المزادات العلنية خلال العام الحالي والمقبل، فيما ستقوم هيئة الاتصالات في هذه المزادات بطرح عدة نطاقات ترددية ذات قيمة اقتصادية عالية ستمكن من تحسين الخدمات المقدمة للعموم، وتضع السعودية كأكثر دولة في العالم تخصيصاً للطيف الترددي لخدمات الجيل الخامس