الأنباط -
تغلبت الخمسينية ابتسام على مخاوفها المتعلقة بلقاح كورونا لقناعة بأنه الحل الوحيد للنجاة، ولو صاحبه أعراض مزعجة أو مؤلمة، لكنه يبقى أقل وطأة من الإصابة بالعدوى.
ولم يتردد السبعيني أبو احمد في تلقي اللقاح لأهميته في الوقاية والحماية من العدوى بالفيروس، أما العشرينية لانا فكانت تنتظر بفارغ الصبر دورها لتلقي اللقاح لأنه الحل الوحيد للخلاص من متاعب كورونا، أو التخفيف من الحد الأقصى من مخاطر انتشاره.
ويتساءل مواطنون عن ضرورة أخذ اللقاح من عدمه، فيما يشكك آخرون بفعاليته، أو الخوف منه، فيعدلون عن الذهاب لتلقي المطعوم في موعده، رغم تسجيلهم عبر المنصة لهذه الغاية.
أطباء ومتخصصون اكدوا الضرورة الحتمية لتلقي اللقاح كحل وحيد تعتمد عليه البشرية وصولا لعالم آمن من فيروس حصد الملايين من الأرواح.
وأشاروا في هذا السياق، إلى أهمية التصدي للشائعات، واستقاء المعلومات الطبية من مصادرها الموثوقة عالميا ومحليا. وقال وزير الصحة الدكتور فراس الهواري لوكالة الأنباء الأردنية (بترا)، يسهم اللقاح الذي تلقاه ملايين عبر العالم في تخفيف احتمالات الإصابة بالفيروس، ومنع الى حد كبير تصاعد الحالة الوبائية وموجاتها، كما يخفف الأعباء على الجهاز الطبي برمته، ويحمي المجتمع ويحافظ على أمنه الصحي. وأضاف: أن اللقاحات متوفرة في الأردن، ونعكف على توفير المزيد منها ليتلقاها الجميع وخاصة من قبل كبار السن والفئة الأكثر تعرضاً للخطر ممن يعانون من الأمراض المزمنة، ومن ثم لمن يتجاوز 16 عاماً أو 18 عاما.
ولفت الهواري إلى أن هذه اللقاحات تتسبب بطبيعة الحال بأعراض جانبية بسيطة، تظهر في اليوم الأول، وتستمر حتى اليوم الثالث من تلقيه، لكن غالباً ما تختفي بسرعة، وتحتاج لبعض الأدوية مثل خافضات الحرارة.
وأكد وزير الصحة أهمية أخذ اللقاحات لاستمرارية التعامل مع متطلبات العمل والحياة والحركة، فبعض البلدان تشترط تلقي اللقاح قبل الحصول على "الفيزا"، من أجل الدخول الى أراضيها وإبراز شهادة تثبت تلقيه، فيما قامت بلدان أخرى بتنظيم خدمات للمواطنين من خلال اشتراط تلقي اللقاح، مثل الدخول إلى بعض مراكز الترفيه أو حتى المطاعم، وسيتوجه كل العالم في النهاية إلى محاولة جعل جميع المواطنين يتلقون هذه اللقاحات بطريقة أو بأخرى.
وقال مدير العمليات اليومية في أقسام العناية المركزة في المركز الوبائي والأمراض المعدية في المستشفى الملكي في لندن الدكتور راني شطناوي في اتصال مرئي، إن الآراء اختلفت حول موضوع إعطاء المطعوم ضد فيروس كورونا في المجتمع، تماما كما هو الوضع في المجتمع الدولي بهذا الخصوص.
وأكد وجود فكرة الخوف من انهيار أي نظام صحي في العالم منذ بدء الجائحة، فكل الدول المحافظة على نظامها الصحي من الانهيار تعلم أهمية اللقاح الذي أعطي أولا لكبار السن وللعاملين في القطاع الطبي، وليس من المنطق إعطاء الكوادر الطبية اللقاح إذا كان فيه أية خطورة لأن ذلك يعني انهيار النظام الصحي بعد إصابة كوادره.
وقال: في بريطانيا بدأنا بإعطاء اللقاح في شهر آب من العام المنصرم، وأن إعطاء جرعة واحدة من اللقاح أسهم في انخفاض أعداد الإصابات والوفيات، فكيف بأخذ الجميع للجرعتين، مستعينا بمثال في ولاية فلوريدا الامريكية التي يبلغ عدد سكانها حوالي 30 مليونا، ووصل عدد الإصابات اليومية بالفيروس فيها إلى 30 ألف إصابة، ولكن بعد إعطاء المطعوم بأنواعه، قلت إلى بين 4 إلى 5 آلاف إصابة يومية، ما أدى إلى انخفاض عدد الوفيات في تلك الولاية.
وفي هذا الصدد، نوه الدكتور شطناوي، بفعالية اللقاح ونتائجه الايجابية في التقليل من الاصابات والوفيات، لافتا إلى انه ومع نقص المطاعيم دوليا، يجب الاستمرار بارتداء الكمامة، والمحافظة على التباعد الاجتماعي والتعقيم، وتجنب الاختلاط. وقال عميد كلية العلوم الاجتماعية في جامعة مؤتة الدكتور حسين محادين: يمكن القول أن خوف الناس من تلقي اللقاح، يعود للغموض الذي صاحب هذه الجائحة، وهذا الغموض ليس مرتبطاً بثقافة معينة، وإنما بكل العالم بحكم شراسة هذا الفيروس وغرابته وتنقله عبر الحدود ما جعل درجة ثقة الناس في اللقاح أضعف مما هو متوقع.
ولفت إلى أن المدة الزمنية التي استغرقت لتصنيع هذا اللقاح قصيرة نسبيا، وأن مثل هذه اللقاحات والتثبت من جديتها والحيلولة دون مضاعفاتها تحتاج إلى سنوات، ما جعل الناس تستغرب أو تشكك، أو تتساءل عن فعالية هذه اللقاحات.
ونبه إلى أن الشائعة التي تتفشى ضد تناول الناس لهذا اللقاح مهددة لحياتهم بالدرجة الأولى، مشيرا إلى الاستناد للرأي العلمي، ونبذ الإشاعة بهذا الخصوص لتعميق اتجاه الناس نحو تلقي اللقاح، كطوق نجاة من "غرق" لفيروس لا يميز بين البشر. --(بترا)