البث المباشر
أسبوع متقلب بطابع بارد وزخات مطرية بعض المناطق خطر يهدد الهواتف عبر منافذ الشحن العامة ‏مصادر : الشرع يقيم في قصر تميم خلال زيارته لقطر فتية التلال… وحوش مدعومة رسميًا فرض الاستقرار في المنطقة نفوذ الإسلاميين: بين الحظر المحلي والتصنيف الدولي عصر انتشار الكراهية الرقمية الملك عبد الله الثاني: فخر واعتزاز بتواجد النشامى في مونديال 2026 الحاج المختار احمد جميل بخيت الجغبير ابو جميل في ذمة الله ‏السفير الصيني في عمّان: 100 مليون دولار دعمًا لفلسطين في أكبر دفعة بتاريخ العلاقات ‏ تحذير صادر عن إدارة الأرصاد الجوية اليسار التقدمي الديمقراطي الاردني ماذا ينتظر … مهدي منتظر ينقذه قبل أن يحتضر؟ "حينُ يطرقُ الأردنُّ بابَ الأسطورة… بين ميسي والتاريخ" قراءة في سؤال الذات سؤال القصيدة للكاتب والناقد والإعلامي عِذاب الركابي مجمع الملك الحسين للأعمال يوقع مذكرة تفاهم لبناء وتطبيق نظام حديث لادارة مواقف للسيارات قائم على التكنولوجيا المومني: انجاز 25% من خطة المسح الوطني للشباب 2025 جريدة الأنباط … ذاكرة وطن وصوت الحقيقة تعميم صادر عن الهيئة البحرية الأردنية بشأن الحالة الجوية المتوقعة وتأثيرها على النشاط البحري د. عمّار محمد الرجوب قراءة في سؤال الذات سؤال القصيدة للكاتب والناقد والإعلامي عِذاب الركابي

طارق الناصر يكتب : بناء الرأي العام " نخب، بحوث، إعلام، وجمهور"

طارق  الناصر يكتب  بناء الرأي العام  نخب، بحوث، إعلام، وجمهور
الأنباط -
ذات زيارة  لليمن الشقيق وأثناء جولة سياحية شملت بيتا تراثيا عريقا كان يسكنه أحد ساسة  اليمن في مرحلة سابقة أخبرنا مرافقونا أن هذا الرجل كان يملك جهاز (راديو) يخفيه على مصطبة مغطاة بستارة، وكلما جاء مجالسوه واتباعه أخبرهم بأمر أو معلومة يجهلونها مدعيا أن الجن قد زوده بالمعلومة بل وأسند له صلاحية نقلها للعامة، وعندما ينتشر الخبر أو تأتي به المراسيل زاد انبهار الناس بهذا السياسي وأقروا له بالمعرفة.
 وقتها كنت في بداية طريق دراستي للإعلام التي تعرفت خلالها على نظرية الاتصال على مرحلتين، والتي تفسر علميا ما كان يقوم به ذاك الرجل، فوسائل الإعلام وفق النظرية كانت حكرا على النخبة التي تأخذ المعلومة وتعيد بناءها وفقا لمعطيات مختلفة ثم تقدمها للجمهور بأسلوب يتناسب مع طبيعتهم.
اليوم لم تعد وسائل الإعلام محل احتكار، ولم يعد الجمهور أقل خبرة ودراية من صانع الرسالة الإعلامية أو من ما يمكن تسميتهم بقادة الرأي، والأمر باعتقادي لم يتوقف عند قدرة الجمهور على المعرفة والتحليل وحسب بل وصل لانصهار طبقة النخبة لصالح العامة، ما أسهم حكما في تراجع دور وسائل الإعلام التي خسرت الجزء الأكبر من نخبويتها، وبالتالي أثر ما تقدمه على الجمهور، وصارت الغلبة لمواقع التواصل الاجتماعي- أفضل تسميتها بصفحات الواقع الافتراضي- التي منحت الحق في النشر والتحليل وإبداء الرأي للجميع على حد سواء بحيث مالت أضلع هرم التدفق المعلوماتي وتسطحت العلاقة بين مصدر المعلومة والجمهور .
هنا استطيع القول أن عدم فهم النخب السياسية  لدورها في صناعة الرأي العام وفق النموذج الجديد الذي بات يحتاج للبحث والدراسة دون التأطير الثابت، وصولا لوصف حقيقي لخصائص المجتمع وطبيعة قضايا الرأي العام التي تمسه، ثم للدور الذي يجب أن يمارس في التأثير من خلال بناء الرسالة هو في جوهره السبب الرئيس في فشل هذه النخب بعضها أو كلها في تغيير مسار القضايا الحساسة التي يتداولها الجمهور ويشكل اتجاهاته نحوها استنادا للمعلومة المنقوصة او الخاطئة أو حتى الحقائق التي توظف في غير موقعها، وهو خطر كبير يجب أن تعيد المجتمعات النظر إليه كما يجب أن يمارس صانع القرار العام حرفية أكبر في التعامل معه.
أما وسائل الإعلام فالواجب عليها أن تعيد بلورة نفسها لتقدم لجمهورها قادة رأي وإعلاميين مزودين بالمهارة في التعامل مع المعلومة قبل المعلومة ذاتها، وأن تطور من أساليبها في الحصول على المعلومة ثم تقديمها للجمهور الذي تسعى للوصول إليه بحيث تستطيع منافسة ما يقدم للجمهور نفسه عبر منصات مواقع التواصل الاجتماعي .
وفيما يتعلق بأهم حلقة من حلقات هذه الصناعة الحساسة وهو الجمهور، فدوره هو كسر الحلقات المفرغة بينه وبين وسائل الإعلام ليتمكن من إظهار صورة مجتمعه كما يريد ومعالجة القضايا التي تمسه بالشكل الذي يريد، ومن جهة أخرى عليه البحث في ما يقدم إليه من معلومات عبر أي وسيلة تقليدية او حديثة، وفصل قضاياه الشخصية عن القضايا العامة باعتبار أن الرأي العام هو رأي جمعي يستهدف المصلحة العامة قبل الخاصة.
خلاصة القول إن الرأي العام كظاهرة مجتمعية ليست نسخا مكررة وتابوهات ثابتة بقدر ما هي علم يحتاج لباحثين متخصصين، وعلى أهمية القضية التي يتناولها الرأي العام ويبحث فيها هناك عناصر يجب أن تتحقق في كل ما يؤثر على اتجاه الجمهور نحو هذه القضية، بما يوصلنا لرأي عام مستنير قادر على مواجهة الآراء المنقادة ضمن حالة من النقاش المجتمعي السلمي الذي تقوده وسائل الإعلام المهنية ويديره قادة الرأي الحقيقيون حتى لا يكونوا مثل مالك (الراديو) ولا يكون الجمهور كأتباعه.
© جميع الحقوق محفوظة صحيفة الأنباط 2024
تصميم و تطوير