الأنباط -
ما الذي استمعنا إليه يوم أمس، جلسة مجلس النواب التي خصصت لمناقشة فاجعة مستشفى السلط التي راح ضحيتها تسعة مواطنين أردنيين نتيجة الإهمال بتوفير اكسجين لهم وهم يعانون من الاصابة بفيروس كورونا. هل هؤلاء النواب هم نواب أردنيين يدركون ما يحدث في البلد؟. لا اعتقد ذلك، فما استمعنا إليه لم يكن سوى عبارات مصفوفة كتبت وألقيت بطريقة بدائية.
النواب ممن كانوا يسنون أسنانهم في يوم الحادثة ويؤكدون أنهم عازمون على محاسبة الحكومة. بعضهم ذهب إلى المطالبة بحجب الثقة عنها. هؤلاء كانوا وديعيين لطفاء في مناقشة أخطر حادثة تمر على المملكة خلال السنوات الطويلة الأخيرة.
لم نشاهد أرض قبلة البرلمان تهتز تحت أقدام الحكومة، وهي تقف أمام 130 نائبا منتخبا من الشعب، ممن يفترض أن يكون قد أمطروها وابلا من النقد العلمي والمسؤول، وأن يؤدوا دورهم الرقابي والتشريعي. الذي حدث يختلف كليا عما كان يجب أن يحدث.
القاعدة التي اتبعها النواب هي "المسامح كريم.."، لذا لا شك أن هؤلاء سقطوا سقوطا مدويا في نظر الشارع الاردني، الذي لم يكن يتوقع منهم أكثر من ذلك، فعلى مدارس المجالس النيابية السابقة كان التخاذل والانهزامية والانبطاح هو المسيطر على أداء النواب، فلم يكسبوا احترام الناس، ولم يكسبوا تقدير أو احترام الحكومة. إلا من رحم ربي منهم.
99 نائبا من أصل 130، هم نوابا لأول مرة، من المفترض أن يكونوا حريصين كل الحرص على ظهور بمظهر المقاتل عن دماء الشهداء التسعة، وهذا القتال واجب في هذه الحالة، لأنه يأتي في أعقاب تقصير وإهمال لا يمكن غفرانه لمن كان مسؤولا عن الكارثة الطبية التي حدثت. هؤلاء النواب الجدد لم يكونوا بأفضل حالا ممن سبقهم من نواب لم ينجحوا في ترك أثرا ايجابيا واحدا.
طالما عودنا هؤلاء على أن لا يكون على قدر المهمة، خصوصا في القضايا المصيرية وذات البعد الأمني والاقتصادي، يعتقدون أنهم بضعفهم هذا يخدمون الدولة، وهذا غير واقعي بتاتا، فعندما يكون مجلس النواب قوي، يعني ديمقراطية قوية، وفي الديمقراطية القوية هيبة للدولة بكل تفاصيلها. الاستسلام لا يحقق المطلوب والغاية منه.
أولى المواجهات بين الحكومة والنواب انتهت بهزيمة مدوية لأعضاء المجلس التشريعي بعد أن أشبوعنا بطولات، وحتما لن تكون أخر المواجهات، فالظرف التي يمر به الوطن غاية في الصعوبة وقد يحتم صدام نيابي حكومي، لكن الرؤية واضحة وهي مجلس ضعيف ينجح في زيادة الفجوة بينه وبين ناخبية. لن ننتظر منه شيئا!