الأنباط -
حسين الجغبير
ما أن أعلنت الحكومة عن الغاء حظر يوم الجمعة، حتى خرج الناس والقطاعات التجارية للترحيب بالفكرة، لأن هذا الإعلان يأتي بعد أشهر من هذا الحظر الذي كان الجميع يرى فيه تضييقا على المواطنين واعمالهم الاقتصادية، إلى جانب عدم وجود رأي طبي يؤكد أن له آثارا ايجابية على عدد الاصابات بفيروس كورونا ارتفاعا أو انخفاضا.
لكن ما شاهدنا في يوم الجمعة الماضية لا يحمل مؤشرات ايجابية حيث لم يلتزم الناس باجراءات السلامة العامة من حيث التباعد وارتداد الكمامات، وهو سلوك دفع الحكومة لأن تعقد مؤتمرا في اليوم التالي صنف على أنه "مؤتمر تهديد" بالعدول عن القرارات التخفيفية التي اتخذتها الحكومة.
انتقاد كبير للمؤتمر من قبل المواطنين، ممن يرون أن خروج سبعة وزراء للتلويح بالرجوع عن هذه القرارات أمر غير مسبوق وأن الأمور لا تدار بهذا الشكل، فناك من اتفق مع ما جاء في المؤتمر، وهناك من قال أن عدد الوزراء المتحدثين مبالغ فيه، وطرف ثالث تسائل لماذا لغة الوعيد بالمؤتمر، منطلقا من أن هناك بدائل للخطاب.
بيد أن هناك من يرى أن هناك مبالغة فيما يتعلق بالمخالفات التي ارتكبها الأردنيون في ذلك اليوم، مع اقراراهم بوجوبها، لكنهم لم يترددوا في تحميل الحكومة جزء من المسؤولية خصوصا وأن بيدها أمر زيادة فرق الرقابة والتفتيش في أماكن التجمعات.
إذا جدلية كبيرة تسبب بها فك حظر يوم الجمعة والمؤتمر الصحفي، وفي الواقع كل وجهات النظر سليمة ومن الممكن التسليم بها، والبناء عليها عند اتخاذ أي قرار حكومي لاحق، أو على أقل تقدير أن يراعي المواطنين أهمية هذا اليوم وصعوبة العودة إلى الحظر الشامل.
الحكومة لا تستطيع أن تواجه الشعب من خلال مؤتمر صحفي وتطلق العنان للتأويلات والتحليلات، خصوصا وأن مشهد مواقع التواصل الاجتماعي يسيطر على مصدر المعلومة للمواطن، وهي معلومة في معظمها غير دقيقة، كما أن هذه المواقع باتت تحمل أفكارا ليست بالضرورة إيجابية. المواجهة الحقيقية التي يجب أن تخوضها الحكومة في هذا المضمار تتعلق بتطبيق أوامر الدفاع.
تعطي أوامر الدفاع الحكومة والجهات المعنية صلاحيات تشديد المراقبة على الأسواق وأماكن التجمعات، وتحركات الناس، مع اتخاذ إجراءات عقابية معينة من شأنها أن تكون رادعا، دون التلويح بهذه العقوبات من وراء المنصات الرسمية و"المايكات".
في معظم دول العالم القانون هو من يتحكم بحركة الناس، ويراقب التزاماتها، لضمان السلامة العامة، واستقرار الوضع الصحي، حماية لحياة الناس، والأردن دولة تملك أدوات تحقيق ذلك، وليس بالأمر المستحيل أو الصعب عليها، فالحل لا يكون من خلال التلويح باجراءات، بل بتنفيذ هذه الاجراءات لأننا نتحدث عن الآمان الصحي العام.
المواطن عندها سيدرك جيدا أنه أمام قانون لا يمكن اختراقه، أو محاولة الالتفاف من حوله. نأمل أن يكون الوعي العام أكثر نضجا ليس فقط يوم الجمعة وإنما في كافة أيام الأسبوع، كما نأمل أن تكون الحكومة أكثر جدية في التعاطي مع هذا الملف.