مقالات مختارة

يلينا نيدوغينا تكتب:الأردن وروسيا: أرضية سياسية مشتركة وفاعلة

{clean_title}
الأنباط -
الأردن وروسيا: أرضية سياسية مشتركة وفاعلة
يلينا نيدوغينا*
  الأردن وروسيا اتفقا على "استمرار التعاون الثنائي وتكثيف التشاور والتنسيق إزاء القضايا الإقليمية، وسُبل حل أزمات المنطقة، وتحقيق الأمن والاستقرار."
 جاء ذلك خلال مباحثات ثنائية عبر الهاتف جرت قبل أيام، لنائب رئيس الوزراء وزير الخارجية وشؤون المغتربين أيمن الصفدي، ووزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، إذ شدّد الوزيران على "قوة العلاقات الأردنية الروسية"، و.. "أهمية التطور الذي تشهده في مختلف المجالات، وبما ينسجم مع رؤية جلالة الملك عبدالله الثاني وفخامة الرئيس فلاديمير بوتين، اللذين يقودان هذه العلاقة نحو آفاق أوسع في التعاون المؤسسي الفاعل".
 وعرض الوزيران للتطورات الإقليمية وتبادلا وجهات النظر حول سُبل التعامل مع المستجدات وتنسيق الجهود لحل أزمات المنطقة، وبحثا تطورات القضية الفلسطينية، وأكدا استمرار الجهود لإعادة إطلاق مفاوضات جادة وفاعلة لحل الصراع على أساس حل الدولتين، وفق القانون الدولي ومبادرة السلام العربية، سبيلاً لتحقيق السلام العادل والشامل.
 نلاحظ من خلال التوافقات الثنائية الروسية الأردنية في موقفهما تجاه القضية الفلسطينية، أن روسيا بوتين ما تزال تلتزم بموقفها حِيال سُبل حَل القضية الفلسطينية، وهو ما يُشير ضمناً إلى رفض ما يٌسمّى بـِ"صفقة القرن" الأمريكية الإسرائيلية، وإن لم يتم التطرق لرفضها صراحة ومباشرة من الجانب الروسي، إلا أن موافقة لافروف على "استمرار الجهود لإعادة إطلاق مفاوضات جادة وفاعلة لحل الصراع على أساس حل الدولتين، وفق القانون الدولي ومبادرة السلام العربية، سبيلاً لتحقيق السلام العادل والشامل" يؤكد ما ذهبتُ إليه من استنتاج موضوعي.
 يقيناً أن "صفقة القرن" تهدف أولاً إلى شطب القضية الفلسطينية من الأجندات العربية والدولية، وضمن ذلك إلإلغاء التام والنهائي للدور الروسي السياسي والتاريخي والثقافي من فلسطين والبلدان المجاورة لها، وصولاً إلى تكريس "القيادة المشتركة" الأمريكية – الصهيونية لهيمنتها المُطلقة على فلسطين والجغرافيا السياسية المجاورة لفلسطين واحتكار العمليات السياسية فيها. "صفقة القرن" الاستعمارية تصنع لنفسها الحق باخضاع المنطقة العربية لقيادة وحيدة تقبع وراء المحيط، بغض النظر عن القائد الذي سيقود هذه العملية في البيت الأبيض. 
 في الفترة الأولى التي أعقبت طرح صفقة القرن، لم يكن لروسيا موقف حاسم ونهائي مُعلن حِيالها، فقد لاحظنا وقوف موسكو على الحياد لفترة ما، لكنها، كما يبدو، ما لبثت إن أدركت خطورة المخطّط الذي يستهدف المنطقة واستئصال الوجود الروسي منها، ومن سوريا بالدرجة الأولى، وفي إطار ذلك تذويب الوجود الروسي الحكومي والكنسي التاريخي القديم في فلسطين، الذي كان قد بدأ في الحقبة القيصرية، واكتسب مكانة روحية وثقافية وعلمية عظيمة، لاسيّما من خلال الكنائس والأديرة والجمعيات والمدارس الروسية العريقة والشهيرة والتي نشطت بتدريس الفلسطينيين والعرب مجاناً، وابتعاثهم إلى جامعات روسيا العريقة، ليصبحوا أعلاماً كأدباء وفلاسفة ومُستعربين، وفي غير ذلك من المناحي.  
  تجفيف التواجد الروسي عن المنطقة كما تسعى إلى ذلك "الصفقة"، لا يصب في صالح العرب وقضاياهم، ذلك أن المنطقة العربية تقع في مركز العالم، وتتوسط القارات القديمة، وتحتضن الحضارات البشرية. لذلك، تحتاج الدول العربية لروسيا ولتفعيل مبدأ التوازن في علاقاتها مع الدول الكبرى والوسطى، ولإقامة علاقات متكافئة مع بعيداً عن محاولات دولة أو دول ما احتكار العالم العربي وموقعه الجيوسياسي المتميز، لأن ذلك سيَجر العرب والدول المتدخلة قسراً في شؤونهم الداخلية إلى صراعات دامية تنعكس مأساوياً على العالم أجمع.
 بعض التصريحات التي تضمنتها "المباحثات الهاتفية"، للوزيرين الصفدي ولافروف، تكتسب أهمية كُبرى ومَعانٍ عميقة في حلبة السياسة الدولية، فقد أكدا على "قوة العلاقات الأردنية الروسية، وأهمية التطور الذي تشهده في مختلف المجالات، وبما ينسجم مع رؤية جلالة الملك عبدالله الثاني والرئيس فلاديمير بوتين، اللذين يقودان هذه العلاقة نحو آفاق أوسع من التعاون المؤسسي الفاعل."
 وليس ختاماً، يُعتبر الدور الروسي في المنطقة رئيسياً، فإشادة الصفدي به يؤكد إتساع مساحة التفاهمات وتعدّد المبادىء المشتركة الأردنية الروسية، بخاصة في جهود تحقيق المصالحة الفلسطينية، ومركزية الدور المصري في إنهاء الانقسام الفلسطيني ووضع حد للخلافات وتوحيد الصف، وتثمين المملكة للموقف الروسي الثابت المتمسك بحل الدولتين على أساس القانون الدولي سبيلاً لحل الصراع وتحقيق السلام العادل والشامل الذي يُشكل ضرورة إقليمية ودولية.
 *إعلامية أردنية – روسية ورئيسة تحرير جريدة "الملحق الروسي" في الأُردن سابقاً.




تابعو الأنباط على google news
 
جميع الحقوق محفوظة لصحيفة الأنباط © 2010 - 2021
لا مانع من الاقتباس وإعادة النشر شريطة ذكر المصدر ( الأنباط )