الأنباط -
الأنباط -رسالة إلى والدي العزيز أكتب لك هذه الكلمات وأنا داخل حجرتي في منزلي الجديد الذي كنت أتمنى منك زيارته لكن القدر لا يآبه بالأماني ، وبجانبي زوجتي التي لطالما أخبرتك بأنها عشقي الأوحد وهي كذلك ، لن أزعجك بهذا الأمر فأنت تعلمه عن ظهر قلب .
لكنني أردت أن أخبرك عن التحول الذي حدث في حياتي عقب فرقاك الآليم فأنا بكل تواضع أصعد سلم النجاح خطوة بخطوة وكل خطوة كانت أصعب من التي قبلها ولكل خطوة حكاية كم وددت بأن تكون جزء منها أو على الأقل موجوداً فيها لتفتخر بإبنك الذي بدأ بصناعة مستقبله من نقطة الصفر الذي لطالما حلمت وطمحت بأن يكون له مستقبل زاهر .
فبعد وفاتك بقليل إنتسبت كمتدرب في إحدى الصحف المحلية " الأنباط" لتعلم الكتابة الصحفية التي علمت يقينا بإنها ملعبي أقصد هنا الكتابة فأنا وجدت نفسي في هذا المجال "الصحافة" مهنة المتاعب فأصبحت أتقن شيئا بشيء أسس كتابة التقارير والمقالات وأبدعت في الكثير منها حتى بثت إحدى مقالاتي على التلفزيون الأردني فكم تمنيت بأن تكون بجواري لتشاطرني الفرحة وتتفاخر بإبنك الأصغر أمام الملأ .
وودت لو كنت مستلقياً على أريكتك المفصلة المركونة مقابل تلفازنا وأنا ألقي بسؤالي أمام الوزراء بإحدى المؤتمرات لرئاسة الوزراء التي يطلوا فيها علينا وهم كالأموات لا يفقهون وينشرون ألاعيبهم وأكاذيبهم ونحن لهم مكذبون وأنا أسألهم حول أوضاع وطننا الذي داهمه فيروس كان سيؤدي بحياتك لو كنت على قيد الحياة فهو يضرب الرئة التي أودت بحياتك بالأصل .
دعك يا والدي مما قلت سابقاً فأنا أشتاق لك في كل حين وغرة وأسأل نفسي كل ما سنحت لي الفرصة لذلك سؤال يقشعر لها بدني ويكسر فؤادي كل ما فكرت به ويداهمني كطفل فقد أمه في صباح ميلاده ، والدي العزيز هل كنت راضٍ عني قبل وفاتك .
أرتئيت أن أكتب هذه الرسالة وأنا أعلم علم اليقين إنك لن تقرأها فأنت تحت الثرى منتظراً قيام القيامة ، لكنك دائما في عقلي وقلبي ووجداني أموت شوقاً للحديث معك وحتى حضنك الذي لم أذكر إني حظيت به وأنت على قيد الحياة رحمك الله يا والدي وجعل مثواك الجنة بإذن الله عز وجل .