الأنباط -
الأنباط -في مساء كل يوم وبعد ان يتم الاعلان عن حصيلة الوفيات والاصابات وحالات الشفاء من فيروس كورونا ومعها بعض الإجراءات والقرارات التي يتم اتخاذها لاحتواء هذا الوباء او على الاقل التخفيف من حجم انتشاره ، اقوم بالتجوال ما بين مواقع التواصل الاجتماعي حيث اجدها ممتلئة بالتعليقات والاتهامات وحتى الشتائم التي لا تتفق مع الاخلاق ولا مع الدين والتي تشمل جميع العاملين في الميدان وبمواجهة هذا الوباء حكوميين وغير حكوميين بالرغم من الجهود الطيبة التي يقوم بها الكثيرون . وتصدر الفتاوى المختلفة من الجميع من مختصين وغير مختصين وهم على الاغلب كذلك ، ويصبح الكل خبيراً في المجال الذي يتحدث عنه وهو صاحب الرأي السديد فيه . واللطيف في هذه الانتقادات والتعليقات انها دائماً ما تكون عكس ما يتم اتخاذه من قرارات . فاذا قررت الحكومة مثلاً حظراً شاملا او جزئيا لاعتبار ان حياة الانسان لها الاولوية على الاقتصاد ، يتم ادانة هذا القرار والقول بعدم جدواه وصحته وانه يلحق الضرر بالاقتصاد . واذا اعلنت عن عدم نيتها فرض حظراً شاملاً حفاظاً على الاقتصاد يتم اتهامها بأنها اصبحت تعتمد سياسة مناعة القطيع . واذا اتخذت حلاً وسطاً يعتمد على فرض حظر للتجول يومي الجمعة والسبت هاجوا وماجوا وقالوا ان هذا الإجراء سوف يضرب الحركة التجارية مع ان الحركة التجارية في هذين اليومين تكون في ادنى مستوياتها . و لقالوا انه لاجدوى من هذا الإجراء كونهما يوما عطلة ولا حركة فيهما متغافلين انهما يوما الزيارات والشطحات والسفرات والعزائم والاعراس والافراح والتردد على المطاعم والكوفي شوبات والمولات ليس بغرض التسوق ولكن للتنزه والجلوس في المقاهي وتدخين الاراجيل . وحيث ان اي تخفيف لالتقاء المواطنين مع بعضهم يساعد في تخفيف عدد الاصابات ، وبما ان باقي ايام الاسبوع هي ايام عمل ومن الصعب فرض حظر التجول فيها فأنه من الانسب ان يتم ذلك في عطلة نهاية الاسبوع . واذا قررت الحكومة فتح المدارس والجامعات يتم مواجهتها بهجوم شامل كاسح بحجة ان هذا سوف يساعد على انتشار الوباء بين ابنائهم . واذا ما قررت الحكومة وقف الدراسة في المدارس والجامعات بشكل كلي او جزئي لفترة من الوقت ، قامت قيامتهم وقالوا ان هذا قتل للعملية التعليمة وان الطلبة يجب ان يذهبوا الى مدارسهم . ولو وافقتهم الحكومة على ذلك وحصلت اصابات بين الطلبة لهاجموا الحكومة على قرارها هذا الغير مدروس ولقالوا ان هذا القرار سوف يعرض ابناؤهم لخطر الاصابة بهذا الفيروس . وهذا احتمال اكيد حدوثه والدليل على ذلك ان المدارس القليلة التي سمح بالتدريس بداخلها ضمن شروط واحتياطات معينة كان في كل يوم يتم الاعلان عن اغلاق عدد كبير منها لظهور حالات كورونا فيها . واذا ما قررت الحكومة الاعتماد على الدراسة علي الطريقة الهجينة وهي التي تجمع بين الدراسة عن بعد وفِي الصفوف فأنها لن تنجوا من هجوم انصار الطريقتين . في الدنيمارك اصيبت معلمة بهذا الوباء في احدى المدارس وكانت النتيجة انتشاره بين المعلمين والطلبة ومنهم زوج ابنتي التي تقيم هناك وتم اغلاق المدرسة لاشعار آخر مع ان الإجراءات الوقائية هناك لا يعلوا ، عليها والصف الواحد لا يوجد به الا عدداً محدوداً من الطلبة المتباعدين . كما انها ليست المدرسة الوحيدة التي حصل بها ذلك ولكني علمت عنها كون زوج ابنتي يعمل بها . ما حصل بهذه المدرسة ويحصل في غيرها وفِي كل مدارس العالم وهم لا يريدون ان يحصل ذلك في مدارسنا مهما كانت الطريقة المتبعة . وعندما تصدر الحكومة اوامر دفاع تتضمن غرامات مالية وعقوبات بحق من يخالف تعليمات السلامة وخاصة ارتداء الكمامات والتباعد الجسدي وعدم الاكتظاظ في الاماكن العامة والاسواق والمحال يقولون ان اوامر الدفاع هذه هي عملية جباية من المواطنين . وعندما لا تقوم الحكومة بتطبق هذه التعليمات او تتهاون بتطبيقها يتم اتهامها انها هي سبب زيادة حالات الاصابة بين المواطنين لأنها لا تعمل على تطبق هذه التعليمات . وكأن من المفرض على الحكومة ان توفر رجل امن ليرافق كل مواطن على مدار الساعة لضمان التزامه بالتعليمات . علماً ان غرامة هذ التعليمات في دول لجوار ودول العالم تبلغ مئات الدنانير وبعضها في الآلاف وعندما كانت اعداد الاصابات التي تعلنها الحكومة منخفضة وكذلك الوفيات كانوا يتهمونها بأنها تخفي الاعداد الحقيقية من اجل اظهار نفسها انها ناجحة في التصدي للوباء . وعندما ازدادت اعداد الاصابات اصبحوا يتهمونها بأنها تبالغ في اعداد المصابين لنشر الرعب بين المواطنين والتحكم بهم او تحقيق المصالح الشخصية على مصائبهم ، كما تم التشكيك باعداد المصابين من خلال القول ان اختبارات فحص الكورونا تسجل المصابين بالانفلونزا الموسمية من ضمن المصابين بالكورونا مع انني على اطلاع على عدة حالات شخصت طبياً بأنها انفلونزا موسمية وعندما اجرى المصابين بها فحوصات كورونا للاطمئنان كانت نتائجهم سلبية . وعندما تزداد عدد الوفيات لا ينسبون ذلك لزيادة عدد الاصابات والتي من الممكن ان تصيب المزيد من كبار السن او ممن لديهم امراضاً مستعصية او يعانون من نقص المناعة عندهم ، وانما لاهمال الحكومة وسماحها بانتشار الوباء او لانها تقوم بتسجيل كل من يموت بأن سبب وفاته هي الكورونا من غير دليل على ذلك غير بعض الفيديوهات التي ينشرها البعض والتي يظهر عدم صحتها من خلالها ، ولانهم لا يريدون ان يسلموا بموت قريبهم بهذا الوباء لأنه ربما يعتبرون ذلك مساساً بسيرته وسيرتهم هم شخصياً باعتبار انهم قد يكونوا حاملين لهذا الفيروس القاتل . والامر لا يتوقف عند ذلك فهناك الكثير ممن يطعن بالإجراءات الطبية التي تقوم بها الحكومة والجهاز الطبي باكمله والذي يقف في الصفوف الامامية لمواجهة الوباء ويثيرون الشكوك بها ، إما من خلال استغلال الفيديوهات المشبوهة واصحابها والذين ينكرون وجود الوباء او الانتقاص من خطورته وعدم ضرورة اتخاذ الإجراءات الصحية لتجنبه ، بل القول ان الاخذ بهذه الإجراءات هي التي تعرض المواطن للامراض والخطر .او من خلال نشر معلومات خاطئة عنه ومن شأنها خلق بلبلة كبيرة بين المواطنين . مثل ماصرح به رئيس جمعية المهندسين الوراثيين الاردنية من ان سبب ارتفاع اعداد الاصابات بكورونا ان الكتات المستخدمة في الاردن ملوثة بهذا الفيروس . وبالرغم من ان الجمعية المذكورة حاولت التغطية على تصريحاته بإصدار بيان تقول به انه يقصد المستعملة خارج الاردن وانه يحذر من دخولها الى الاردن ، الا انه عاد واكد اقواله بتصريحات اخرى بالرغم من ان اقواله هذه لا تتفق مع ابسط قواعد المنطق والتي تقول ان فيروس كورونا لا يعيش على الاسطح الا لأيام قليلة ، وانه وعلى فرض انه لايموت فأن ذلك سيعني ان نتيجة جميع فحوصات كورونا يجب ان تكون ايجابية وهذا مالم يحصل . ومع ذلك فقد تم تداول اقوالة كحقيقة وعدم تصديق نفيها المبني على المنطق . كما ان تصريحات المسؤولين اصبحت على شبكات التواصل مجالاً للتحريف والاستهزاء مع تجاهل ما قاموا به من جهود في المرحلة السابقة بل الطعن بها ، وكان آخرها ما قاله الدكتور الخلوق والمحترم نذير عبيدات عندما قال ان تقارير اشارت الى احتمالية ان ينتقل الفيروس من جثث المتوفين الى المياه الجوفية بحسب بعض التقارير والدراسات التي يجب ان يتم دراستها . فهو لم يجزم بذلك بل قال باحتمالية ذلك وحسب بعض التقارير التي يجب دراستها ، ولكن تم اختصار كل ما قاله والادعاء انه جزم بذلك واصبح مادة للسخرية والتنمر مع ان احد الخبراء في هذا المجال اوضح الى امكانية حصول ذلك في المياه الجارية والمياه الضحلة وهي التي تكون على مسافات قريبة جداً من سطح الارض وتفصلها عنها طبقة طينية . ولا ننسي ما تعرض له الكثيرين من المسؤولين لمجرد ذلة لسان غير مقصودة ولم تشفع لهم انجاراتهم السابقة وتضحياتهم من ان يصبحوا مجالاً للهجوم والسخرية والتنمر وفي المقابل لم نسمع كلمة شكر وتقدير لمن يستحقون ذلك . ……كما انه وللاسف فأن بعض المواقع الاعلامية وبعض الاعلاميين قد ساهموا بنشر المعلومات المغلوطة وتوجية اتهامات الى الحكومة بأنها هي التي ادخلت الفيروس الى بيوتنا وصدورنا عامدة متعمدة بعد ان استكثرت علينا النجاح . واتهموا الحكومة بأنها تسعي لتخريب المنجز الاردني في مواجة الكورونا وانها تعمل من اجل المزيد من اضعاف المناعة لدى الشعب الاردني . ولا ادري ما هي مصلحتها من ذلك مع انها هي نفسها من صنع المنجز الاردني والذي بناءاً عليه بنت سمعتها وشعبيتها في البداية قبل ان يتغلب الفيروس عليها وعلى حكومات العالم اجمع ويبلغ الذروة بنسبة انتشاره . كما تجاهلت الاغلبية العظمى من المنتقدين عدم التزام المواطنين بتعليمات الوقاية من الفيروس وخاصة لبس الكمامة والالتزام بالتباعد وعدم اقامة التجمعات في الاحتفالات والعزاءات واصرارهم على عدم التزامهم بذلك وهم يمثلون الغالبية العظمى من المواطنين ، ووجود حالة من المناكفة مابين المواطن والحكومة بذريعة فقدان الثقة بها وخيبات املهم المستمر منها ، بالرغم من هذا الموقف هو الذي فاقم الخطاء الحكومي الذي حصل على معبر جابر وساهم في هذا الانتشار الواسع لهذا الوباء في الاردن وزيادة اعداد المصابين به الى هذه الدرجة . بالاضافة الى ان العالم اجمع يشهد في هذه الفترة هجمة ثانية لهذا الفيروس بحيث وصلت الاصابات به ارقاماً قياسية في مختلف دول العالم . والى انه يجب ان نفصل موقفنا الشخصي من الحكومة وما ارتكبته من اخطاء عن وجوب قيامنا بحماية انفسنا من هذا الوباء بما يتطلبه ذللك منا من إجراءات وبنفس الوقت عدم انكار الانجازات عندما تحصل . ان الفرصة الوحيدة لتخفيف اعداد الاصابات بهذا الوباء ولحين ايجاد مصل واقٍ منه هو وعي المواطن وانظباطه . ولن تستطيع الحكومة ان تفعل ذلك الا في مجال أجراءات الفحوصات وتوفير الكتات والمختبرات وزيادة عددها ، وزيادة مراقبتها للمختبرات الخاصة المصرح لها بإجراءات الفحوصات والتأكد من سلامتها ودقة نتائجها والتزامها بالاجور المعلنه حيث ان التلاعب بالفحوصات والتناقض بالنتائج يصدر عن بعضها على الأغلب . وتوفير اجهزة التنفس في المستشفيات وتوفير طواقم طبية كافية واحكام سيطرتها على المنافذ الحدودية ونشر تعليمات الوقاية منه ومراقبة تطبيقها ونشر الارشادات للمواطنين بما يجب عليهم القيام به اذا تعرضوا للاصابة بهذ الوباء وخاصة مع اعتماد اسلوب الوقاية الذاتية والحجر المنزلي . وان ما يتبقى هو ما يقوم به المواطن لحماية نفسه من الوباء وهو الاسهل والانجح . وبما ان المواطن الاردني اصبح بطبعه لا يرى ما تقوم به الحكومة ولا يسمع ما تقوله واذا سمعه لا يصدقه ولا يعمل بموجبه ، فأن مسؤولية اقناع المواطنين بذلك تصبح مسؤولية مؤسسات المجتمع المدني والجمعيات الخيرية وحتى الاحزاب السياسية ورجال الدين وعلى رأس كل هذه الجهات وسائل الاعلام والعاملين فيها . فهل سيقومون بذلك ويتخلى بعضم عن مهنة تصيد الاخطاء والذلات والعمل على تعظيمها واستخدامها كوسيلة للتهجم على الحكومة واثارة المواطنين عليها او بغرض ابتزازها ؟ وهل سيقومون بواجبهم الحقيقي نحو مجتمعهم مثل معظم وسائل الاعلام المحترمة والاعلاميين المحترمين والذين نكن لهم كل التقدير والاحترام ولكنهم ايضاً مطالبين بزيادة نشاطهم في هذا المجال وحمى الله الاردن وشعب الاردن وقيادة الاردن .