حتى لا نظلم أحد أو نقلل من جهود أي شخص أو جهة في ظل التعامل مع جائحة كورونا منذ انتشارها، أحب أن أوضح هذه الحقائق وحسب إطلاعي ومعرفتي:
أصبح لا يخفى على أحد أن فيروس كورونا قد ظهر فجأة على هذه المعمورة وانتشر بسرعة البرق بين الدول ومواطنيها وقد استطاع منذ ظهوره ولغاية هذه اللحظة أن يدب الهلع والخوف والحيرة بين الدول ومواطنيها، وأظهر العجز الكامل بالتعامل معه من أقوى الدول التي لديها كل الإمكانيات المالية والفنية والبشرية والتي يشهد لها الجميع انجازاتها في اكتشافها للأمراض والعلاجات، حتى أن اقتصاديات هذه الدول وصناعاتها التي تعتز بها وتصدرها للدول الأخرى تدمرت، وفقد مواطنيها ملايين الوظائف، وهي عاجزة لغاية هذا التاريخ في إيجاد تشخيص ووصف لهذا الفيروس المحير لهم، حتى أن الأدوية والأمصال التي يتحدثون عنها لم يثبت جدواها حسب بروتوكولات تصنيع الأدوية والأمصال، بالإضافة أن أعداد المصابين والوفيات لديها بازدياد مضاعف.
نعم إن هذا الفيروس استطاع أن يوجه صدمة عنيفة للعالم وحتى هذه اللحظة ما زال يفاجئهم بشكله وآثاره وآلية انتقاله.
نحن في الأردن ومنذ بداية الأزمة وحسب المعلومات الطبية والصحية التي كانت تُصدر عن الجهات الطبية الدولية ومنها منظمة الصحة العالمية والدول العظمى كان المختصون الصحيون عندنا يطلعون عليها ويطبقونها ويقدمون خبراتهم في هذا المجال، وقد شهد بهذه الإنجازات للأردن القاصي والداني، وتحدثت وسائل الإعلام بحيادية وصراحة بذلك، وأصبحت التجربة الأردنية مثال يحتذى به للتعامل مع هذا الفيروس اللعين.
في ظل غرابة هذا الفيروس أصبحت التقارير الدولية تصدر وتشير إلى أن هذا الوباء سيستمر لفترات ليست قصيرة، وأن على العالم أن يتعايش معه ضمن إجراءات صحية ووقائية تقع على عاتق كل فرد من أفراد هذا الكون لغاية اعتماد الأدوية والأمصال الواقية والعلاجية للقضاء على هذا الوباء.
وأحب في هذا المجال أن أوضح وللأمانة والإنصاف الإجراءات التي كانت تقوم بها الحكومة ورئيسها وكافة الأجهزة الأمنية والإدارية بتوجيهات ومتابعة جلالة الملك كانت بكل المعايير ناجحة، وأحب أن أخص وزارة الصحة وكوادرها الصحية بكل مسمياتها التي تعاملت مع المرضى واكتشاف الإصابات ولجنة الأوبئة الوطنية وإدارة وزير الصحة الدكتور سعد جابر الذين استطاعوا بجدارة واقتدار رغم غرابة هذا الفيروس كما أسلفنا أن تعمل وتنسب بإجراءات صحية كاملة متكاملة رغم قساوتها الاقتصادية والاجتماعية والنفسية التي عانينا منها ونعاني مضطرين للحفاظ على حياتنا وعدم انتشار هذا الشبح القاتل الذي سبب الرعب لنا، حيث استطاعت أن تكون هذه الإجراءات المميزة بين الدول العظمى ودول المنطقة التي كانت تسجل حالات ووفيات بأعداد ضخمة وكبيرة وكنا نحن نسجل في الأردن أعدادا قليلة ووصلنا إلى مرحلة عدد الصفر.
إن موجات هذا الفيروس الذي حير علماء الطب والصيدلة بمكوناته الغريبة والذي ينتشر دون استئذان من أحد سينتهي عند انتهاء آخر حالة في العالم ولا يقتصر انتهاؤه على دولة لوحدها، إلا في حالة أن اغلقت الدولة كل أبوابها ومنافذها الجوية والبحرية والبرية، وهذا مستحيل تطبيقه من كل دول العالم.
هنالك شخص كان أحد أطراف إدارة الأزمة تعامل بكل صدق وأمانه ومصداقية ووضوح، وهو الدكتور سعد جابر وزير الصحة الذي استطاع في المرحلة الأولى الصعبة والتي أذهلت العالم والمواطنين وجعلتهم يشعرون بالصدمة والخوف والهلع أن يُطَمئِنَ المواطنين الأردنيين بابتسامة صادقة وإيجاز صحفي مغلف بشفافية، حيث كنا ننتظره مع وزير الإعلام والمختصين من أجهزة الدولة بفارغ الصبر كما ننتظر أذان إفطار رمضان، وكنا نشيد به وبابتسامته وبأسلوبه الراقي الذي يصل القلب مباشرة.
وكان في كل تصريحاته يطالبنا بالالتزام بالاشتراطات الصحية ومنها التباعد ولبس الكمامة وأخذ الاحتياطات الصحية اللازمة.
يعلم القلة القريبون من الدكتور سعد أنه خلال الثلاثة أشهر الأولى من ظهور هذه الجائحة كان يقضي معظم أوقاته وحتى ساعات الصباح في مكتبه في الوزارة، وإن صح له الذهاب إلى البيت يذهب وعائلته نائمة، وإذا أراد النوم في منزله يأخذ غرفة جانبية خوفا على عائلته من هذا الفيروس، لأنه كان خلال النهار والمساء يتنقل بين كوادره الصحية والمستشفيات والمرضى، وكان يتم أخذ عينات منه من فرق التقصي الوبائي كل يومين أو ثلاثة.
مما يؤلم المنصفين والمطلعين على واقع الحال أن هذا الشخص أصبح هذه الأيام هدفا للبعض للانتقاد والتقليل من إنجازاته التي أنجزها في ظل زيادة حالات الكورونا المكتشفة بين المواطنين لأسباب يعلمها الجميع ومنها الانفتاح الذي قامت به الدولة مجبرة نتيجة الوضع الاقتصادي أسوة بدول قامت بهذا الإجراء.
لذلك ومن مبدأ العدالة التي تعودنا عليها وترعرعنا على مبادئها ان ننصف الرجل ونقدر تلكالشخصية التي قدمت كل ما لديها وتقدم للتعامل مع هذه الظروف الصحية العالمية الصعبة والتي رافقها التوسعة الكبيرة في المستشفيات القائمة حاليا بناء على توجيهات ملكية وتجهيزها بأفضل الأجهزة الطبية رغم شح الموارد والصلاحية المتوفرة بين يديه.
نعم إن هذا الرجل المسؤول الذي أبر بقسمه أمام سيد البلاد والذي قدم وضحى من وقته ووقت عائلته وقام بواجبه المقدس الذي أوكل له بكل أمانة لا يستحق منا هذا الانتقاد غير المبرر في طريقته وأسلوبه القاسي.
فالذي يعمل ويجتهد في ظروف صحية فاجأت العالم كله، ووُضعت لها خطط عاجلة وطارئة،علينا ألّا نتفاجأ بظهور بعض الثغرات أو التصريحات التي لا تغير من واقع الحال شيء، ممن أدار ويدير هذه الأزمة.
وبالنتيجة علينا أن نعترف أن هذا الفيروس سيصبح جزءاً من حياة مواطني الدول حتى يأتي فرج من الله ويتم اكتشاف الأمصال الآمنة للوقاية منه، وعلينا أن نتحمل مسؤولية الوقاية منه وعدم المساعدة في نشره بالالتزام بالشروط الصحية بالتباعد ولبس الكمامة والنظافة الشخصية باستمرار وأن نردد دائما بأن يحفظ الله الاردن وشعبه وقيادته والبشرية المحبين للخير والداعين للرحمة والسلام.