الأنباط -
الأنباط -بعد انجاز أي عمل صغيرا كان أم كبير نهرول بعجالة الى التقييم واحيانا جلد الذات ، وبطبيعة الحال نبدأ بتقييم نتائج أي عمل أو مهام بأنفسنا وبمن حولنا وبمنظورنا الذي جزءا منه بني العمل بناءا عليه ونتعمق بالتفاصيل لنخرج بتقييم وتبدأ رحلة تسويقه واقناع الغير، ولكن بعدها نتفاجأ بتقييم العالم المحيط بنا والاهم أن المعايير التي بنينا عليها أسلوب تقييمنا وأعطيناها الاهمية بوجهة نظر العالم هي جزء فقط من منظومة متكاملة ولا يمكن الحيلولة دون أخذ مدخلات هذه المنظومة بالاعتبار . وحيث أننا جزء صغير من عالم كبير نبدأ أولا بالانكار ثم الانتقاد دون الاعتراف ، وبعدها نبدأ بالانسحاب التدريجي لنصل الى واقع الحال الذي يضعنا في مأزق الموقف فنرى أنفسنا في ذيل التقييمات العالمية بمؤشراتها ونظرتها الشمولية .
في الاعمال ما يهم هو الانجاز وهذا الانجاز يقاس بالنتائج وهذه تترجم بالارقام ولوحدها تبدأ تتكلم ونسبها ومؤشراتها تتحرك وعند بدء عملية التقييم تكون مقوماته واضحة فهي تقيس رقم برقم وتنسبه الى رقم وتخرج النتيجة . لقد واجهت قطاعات الاعمال تحديات كبيرة وهي اليوم في عمقها وكان من يمثلها دائما يتكلم لغة الارقام والتي هي أساس التقييم وتنعكس على كل المؤشرات ايجابا أو سلبا ولن يطولها اللغط . ولكن ما حدث أن الارقام ابتعدت قليلا عن منظومة التفكير ومطبخ القرار والنتيجة أننا تهنا في أسلوب تكييف نتائج التقييم لنقنع من حولنا ليأتي من يقيمنا كجزء من منظومة عالمية ويكشف هشاشة ما نفعل .
اقتصادنا كأي اقتصاد عالمي يواجه التحديات نفسها باختلاف تعريفاتها التفصيلية ولكن كيف تصرف العالم ضمن المنظومة الشمولية في قراءة المشهد ؟فالنسبة الكبيرة من دول العالم مديونيتها مرتفعة وتتجه الى الاقتراض أكثر ومديونيتها في زيادة ولكن عينها على القطاعات الاقتصادية وتنميتها وحمايتها من الانهيار ليبقى اقتصادها قائم ليحمل عبىْ ديونه ويشغل الايدي العاملة ويتجنب شبح البطالة وبالاساس هي معادلة رقمية مدخلاتها مترابطة ونتائجها يمكن تقيينها والبناء عليها ولا مجال للاجتهاد بها .
فاليوم نحن بحاجة الى وضع أنفسنا في منتصف العالم ونقيم ، بحاجة الى مراجعة منظومة اتفاقياتنا في التجارة الدولية وبحاجة الى تعريف الميزة التنافسية التي نتمتع بها ونبني عليها سريعا وبذات الوقت نعترف بأن هناك أمور لسنا لها ولا يوجد أي قيمة مضافة للتغني بها فهي ليست لنا ، فلنقوى بما لدينا من قوة ومع الوقت نقوي ما نحن به ضعاف .
المديونية قاربت نسبة 100% من الناتج المحلي الاجمالي ، فالحل في تخفيض المدينوية هو تعظيم العوائد أوتخفيض الانفاق وهذا غير وارد في المرحلة الحالية وكما أسلفنا سابقا هي معادلة رقمية مدخلاتها مترابطة فتعظيم العوائد مرتبط بنشاط القطاعات الاقتصادية وهي في أصعب أحوالها أو بتخفيض الانفاق وهذا سيؤثر بشكل مباشر على جودة الخدمات بعد تخطينا مرحلة ترشيد الانفاق وبالاساس الانفاق الرأسمالي في أضعف ظروفه وهنا يظهر شبح التسارع في ارتفاع نسب البطالة . فالاقتراض وارد وتحسين نسبة المديونية باستثناء الاموال المقترضة من صندوق استثمار أموال الضمان وقبول صندوق النقد الدولي بذلك ما هو الا احدى الفرص لتحسين موقفنا الائتماني ولكن الاهم في حال الاقتراض كيف سيوجه وما أثره الايجابي على الاقتصاد ومؤشراتنا المالية والمواطن بالدرجة الاولى ولا نكتفي في كيف نُقَيِّمْ أنفسنا فالاهم هو كيف نُقَيَّمْ .
حمى الله الوطن قيادة وشعبا وأدام الله علينا نعمه