الأنباط -
الأنباط -
يعد القطاع الهندسي والانشائي في الأردن واحدا من أهم قطاعات النمو والدورة الاقتصادية في منظومة الاقتصاد الأردني، ولعقود طويلة تميز هذا القطاع بوجود كفاءات وانجازات مميزة مقارنة بقدرات وموارد الدولة وإمكانياتها، بل وتم تصدير الخبرات الأردنية أقليميا وسجلت الخبرات الأردنية تميزا في دول ومشاريع كبرى وعالمية منها الخليج العربي وأفريقيا وآسيا الوسطى.
ويقوم هذا القطاع على اعمدة ثلاث من حيث الإدارة والتنظيم والتنفيذ وهما وزارة الاشغال، نقابة المهندسين ونقابة المقاولين ولكل طرف دور ومهام يحكمها القانون، فلا خيار لأي عمل انشائي او هندسي إلا المرور عبر هذه الركائز الثلاث ، ولأن هذا القطاع انعكاس للواقع ويتأثر سلبا وايجابا بالوضع الاقتصادي العام، فقد شهد تراجعا في قيمة المساهمة في النشاط الاقتصادي الكلي العام، ولولا دخول الكثير من المشاريع الممولة خارجيا خلال العقود الثلاث الماضية لأصبح الأمور اكثر تراجعا.
اليوم، ونتيجة الأزمة الاقتصادية ومحدودية العمل ،أصبح القطاع يواجه تحديات قد تودي به، ثمثلت في حالة التنافس الكبير وتدني الأسعار بفعل ذلك التنافس، ورغم ان هذا التنافس كان مقتصرا على المقاولين، الا انه الان انسحب على شركات العمل الاستشارية، وساهم أصحاب العمل وعلى رأسهم وزارة الاشغال بالوصول لتلك الحالة عبر الاصرار على قبول العروض الاقل سعرا دون النظر الى التقديرات، مما انعكس سليبا على ما تبقى من قطاع متضائل وأدى إلى ظواهر سلبية منها ضعف في التنفيذ والرقابة وتضحية بالخبرات لتدني الدخل، وكذلك ضعف في الإدارة والكوادر انسحب على الجميع وأولهم أصحاب العمل المقيد بادنى الأسعار بغض النظر عن التقديرات، وكل ذلك تحت شعارات عده اولها افتراض خاطىء ان المنفذ غير امين والمشرف غير خبير وصاحب العمل غير مكثرث ولا يريد إتخاذ القرار.
نعم ومن خبرة متواضعة وكما اي قطاع، فإن هناك مقاولا ضعيفا مثلما هناك مهندسا ومالكا ضعيفا، وهناك مشاكل وسوء تنفيذ وسوء إدارة ،وهذا كله يمكن تجاوزه بالاحتكام للقانون والعقد، فالعقود الأردنية متقدمة على مثيلها في عدة دول على مستوى الإقليم ولعل اعتماد فيدرالية العقود العالمية فيديك للاردن كمركز إقليمي لعقود خلت خير دليل،
اذن أين تكمن المشكله، المشكله تكمن في ان الجهة الراعية للعمل الانشائي والهندسي ممثلة بوزارة الاشغال وهي المناط بها تنظيم القطاع ،لم تعد تقوم بدورها كما يجب، بل وفي كثير من القرارات تجدها تعاكس مصالح القطاع وتصدر التعليمات والقرارات دون الحد المقبول من الدراسة والمشاركة، وتحت شعار التقنين ومحاربة الظواهر السلبية تذهب لأسهل الحلول وهو المنع والتضييق، وهذا يتم وطرفي المعادلة الاخرين خارج الحسابات، والشيء بالشيء يذكر ، فعندما تم فرض نظام اللوازم والعطاءات الموحد خلال العام الماضي، جال مجموعة من (المختصين) في المحافظات لتزين النظام الجديد، وخلال الجلسات لم يتورع كثير من أفراد تلك المجموعات عند سؤالهم عن هذه الملاحظة او تلك، بأن تكون إجابتهم، بأن النظام مفروض من البنك الدولي، هكذا بكل بساطه وصراحه،!!!
ان دورا كبيرا مناطا بالوزارة لإعادة تنظيم هذا القطاع ورعايته، ودورا اكير على نقابتي المقاولين والمهندسين، اللتان تشير الوقائع على الأرض ان لا دور لهما في هذا المجال، فهل لان أحدا لا يريد السماع، ام قصورا منهما.. هذا برسم الإجابة، أما الوزارة فاللاسف أصبحت خارج دائرة دورها في الرقابة والمحاسبة، وتستسهل ضرب الحائط بواجباتها عبر الاتكاء على الجهات الرقابية رفعا للعتب ،وإلا كيف وصلنا لمرحلة يقول لك فيها مسؤول حكومي عندما تناقشة في خلاف تعاقدي حول 1000 دينار مثلا ،يقول لك خليه يؤخذه من المحكمة وإن شاء الله يكون 100000 مائة ألف، وقس على ذلك.
ختاما، القطاع الانشائي يواجه تحديات حقيقية بفعل الوضع الاقتصادي المتعثر ويزداد الأمر سوءا بغياب الإدارة الخبيرة والمتخصصة في إدارة ما تبقى من القطاع، وان كان البعض لا يمكن أن يقدر حجم الضرر الناتج عن هكذا حالة بفعل سيادة الانطباعات ،فإن الخاسر الأكبر هو المنجز الوطني وقطاع هام يخدم في عمله 60 قطاعا حيويا بطريقة مباشرة وغير مباشرة ،وإن كانت شاب خلل احد أطراف المعادلة، فإن واجب الآخرين المبادرة لتصويبه، وليتحمل كل طرف مسؤولياته طبقا للقانون وفقط القانون ،فلنا وطن ومنجزات حق ان نفخر بها رغم شائبة هنا أو هناك على هذا الطريق.
ولله الأمر من قبل ومن بعد.