الأنباط -
الأنباط -
الفلكي عماد مجاهد
كتبت قبل أيام بأن الشمس تمر بفترة حضيض شمسي أي فترة ركود غير مسبوقة في نشاطها الاشعاعي، مستدلا بعدم ظهور البقع الشمسية على سطح الشمس منذ سنين، وعدم ظهور هذه البقع دليل واضح على تراجع الشمس في نشاطها، كما ان مكان ظهور البقع الشمسية السابقة على سطح الشمس يعني انقلاب قطبي الشمس بحيث انتقل القطب الشمسي الجنوبي الى شمالي والشمالي الى جنوبي، وهي حالة مهمة للغاية ولها تأثير ملموس على مناخ الأرض.
وما توقعته قبل أيام، جاء تأكيده (بدون الاتصال فيما بيننا) عن طريق موقع (سبيس ويثر) العالمي Space weather حيث نشر أخبارا تشير الى تراجع ظهور البقع الشمسية وهي التي صنفت ضمن ركود الشمس رقم 25 منذ نهاية عام 2018 وهي حالة جعلت العلماء يعتقدون اننا مقبلون على عصر جليدي جديد، وغياب البقع الشمسية كل هذه الفترة دليل على قرب حدوث تغيرات مناخية أي تعرض الأرض لاضطراب في معدل درجة حرارة الأرض.
ما تحدثت به يعني انه وفقا للمؤشرات العلمية السابقة، باننا مقبلون على عصر جليدي كالذي حدث لمدة قاربت 80 عاما والتي امتدت من سنة 1645 وحتى سنة 1715 وهي قيمة تعادل 20 دورة شمسية، نتج عنها تراجعا واضحا في معدل درجة حرارة الأرض وتراجعت نسبة المحاصيل الزراعية وظهور مجاعات في أوروبا قتل نتيجتها عدد كبير من الأوروبيين يزيد كثيرا عن ضحايا كورونا المستجد في العام 2020 الحالي.
هنالك دليل على هذا التغير المناخي للأرض، وهي تغيرات عجيبة لم نشهد لها مثيلا في كوكبنا، حيث تعرضت غابات سيبيريا الباردة شمال قارة آسيا وتابعة للأراضي الروسية، لموجة حر شديدة نسبيا وغير مسبوقة أثارت اهتمام العالم، حيث سجلت درجة حرارة كبيرة في العشرين من يونيو/جزيران 2020 وصلت إلى 38 درجة مئوية!! وهي حرارة غير مسبوقة ولم تشهدها المنطقة طوال العصر الحديث.
وأشارت التقارير الحديثة إلى ارتفاع واضح في معدل درجة الحرارة في مدينة (فيرخوبانسيك) الروسية والواقعة في غابات سيبيريا خلال النصف الأول من السنة الحالية 2020، فقد سجل معدل درجة الحرارة في هذه المنطقة ارتفاعا بمقدار 1.9 مئوية عن معدل الحرارة لنفس الفترة سنة 2016م.
كما سجلت ارتفاعا كبيرا في معدل درجة حرارة الأرض في الفترة الواقعة ما بين 1951-1980م والنسبة كبيرة وصلت الى 5.3 درجة مئوية.
كما ازداد معدل درجة حرارة كوكب الأرض بسبب إطلاق الغازات السامة عن طريق عوادم السيارات والطائرات وادخنه المصانع (غازات الدفيئة) رافقها تراجعا في الغطاء النباتي بسبب التطور العمراني وغيرها، حيث تمركزت هذه الغازات في طبقات الجو العليا، ومن ثم حفظت الحرارة داخل الغلاف الغازي الأرضي أو ما يعرف (بتأثير البيت الزجاجي) Green House Effect وهو العامل الرئيسي لارتفاع معدل درجة حرارة كوكب الأرض.
ولارتفاع معدل درجة حرارة كوكبنا تأثير سلبي على مناخ الأرض، حيث شهدت الأرض ذوبان الثلوج في القطبين بصورة اعلى من المعتاد، رافقها تغيرات واضطرابات في مناخ الأرض، فأصبح فصل الصيف شديد الحرارة، والشتاء أكثر برودة.
ورغم هذا السيناريو الحديث، الا ان بعض علماء الفلك لا يزال متفائلا بأن الشمس سوف تعود لنشاطها وتنهض من جديد، والحقيقة انه لا يمكن الجزم بذلك، فالشمس مثل الكون نفسه لا زالت لغزا كبيرا في علم الفلك الفيزيائي الحديث.
والسؤال الذي يطرح نفسه: هل لحالة الركود التي تمر بها الشمس تأثير مباشر على مناخ كوكب الأرض؟ وهل الأردن ومنطقة الشرق الأوسط معرضة لهذا التغير المناخي؟
ا أجريت العديد من الدراسات على مناخ الأردن والشرق الأوسط والخليج العربي، أشارت إلى تغير واضح في مناخ هذه المناطق والدول، حيث من المتوقع أن تشهد فصل شتاء قاسي البرودة وصيف حار، وهي نتائج مذكورة في مواقع معاهد الطقس والمناخ العالمية.
وقد لمسنا في الأردن والشرق الأوسط والخليج العربي هذا التغير في المناخ، فمنذ عدة أعوام تعرضت هذه المناطق لمنخفضات متوالية وكثيرة وامتدت لفترة طويلة نسبيا أدت لسقوط أمطار غزيرة جدا وغير معهودة، وأدت لحدوث فيضانات غير مألوفة في الأردن ولبنان وسوريا وفلسطين، راح ضحيتها الكثير من الأرواح.
ونفس الحالة وقعت في الخليج العربي، فقد جاء الشتاء والمطر فيها مبكرا، نتج عنها امطار غزيرة تشكلت منها السيول والفيضانات العارمة، جرفت في طريقها الصخور والحيوانات وحتى البشر، ولا زلت املك الفيديوهات الواردة من دول الخليج العربي لحبات البرد الكبيرة غير المعهودة، والسيول التي تأخرت حتى نهاية شهر أيار/ مايو، والثلوج المتراكمة النادرة في شمال ووسط الجزيرة العربية وبعض مناطق الخليج العربي، كذلك برودة الطقس غير المعهودة التي استمرت قرابة نهاية فصل الربيع ودخول فصل الصيف في الأردن وبلاد الشام، وزيادة عدد المنخفضات القطبية التي تأثرت بها مناطق الشرق الأوسط نتج عنها تساقط للثلوج في المرتفعات الجبلية والسهول الصحراوية خاصة في سوريا لبنان والمرتفعات الجبلية العالية جنوب الأردن.
وفقا للتحاليل السابقة، فنحن مقبلون على تغيرات مناخية في الأردن وبلاد الشام والخليج العربي، وربما نشهد ازياد معدل الامطار والجو البارد والثلوج خلال السنوات المقبلة، ناهيك عن التغير الواضح في درجة الحرارة، ما يعني أن هذه المناطق قد تتحول إلى أوروبا جديدة من حيث الطقس البارد والامطار الغزيرة، ومن ثم انتشار الغابات والأراضي الخضراء في صحراء الأردن والخليج العربي والجزيرة العربية!!
والسؤال الموجه بشكل رئيسي لحكومات الدول العربية والخليجية ومنها الأردن، وهو هل تم اتخاذ الاحتياطات اللازمة لمواجهة الامطار والسيول الجارفة والفيضانات المتوقعة خلال المواسم المطرية القادمة؟ من أجل الحفاظ على الأرواح والممتلكات والجسور والطرق وغيرها؟